انواع النفس في القرآن الكريم
ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم النفس اللوامة والنفس المطمئنة والنفس الأمارة بالسوء، والتي احتار العامة في تفسيرها، هل هي ثلاثة أنفس، أم أنها ثلاثة صفات لنفس واحدة، ولكن حين البحث في أمهات كتب التفسير لكبار علماء وشيوخ الدين الأفاضل يتبين أن جميعها صفات لنفس واحدة قد تفوز واحدة عن الأخرى وتصبح لصيقة بالشخص
شرح ابن القيم لأنواع الأنفس
ذكر المحقق الكبير ابن القيم رحمه الله في كتاب ( الروح ) تفسير وتوضيح لأنواع الأنفس، فقال هل النفس واحدة أم ثلاث ؟ فقد وقع في كلام كثير من الناس أن لابن آدم ثلاث أنفس: نفس مطمئنة ، ونفس لوامة ، ونفس أمارة ، وأن منهم من تغلب عليه هذه ،ومنهم من تغلب عليه الأخرى ،ويحتجون على ذلك بقوله تعالى: {يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} الاية 27سورة الفجر ،وبقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} الايتان 1،2 من سورة القيامة،وبقوله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ الآية 53 من سورة يوسف وهنا يأتي التحقيق بأنها نفس واحدة ولكنها تحمل عدة صفات متعددة ،و تسمى باعتبار كل صفة منها
النفس المطمئنة
يطلق على المطمئنة اسما بسبب طمأنينتها لربها ومحبتها له والإنابة إليه والتوكل عليه والاستقرار فيه، فالطمأنينة لله سبحانه وتعالى ترد على قلب العبد، حيث يشعر العبد بالطمأنينة في قلبه وقوته الظاهرة والباطنة، ولا يمكن الحصول على الطمأنينة إلا بذكر الله، فقد قال الله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}
النفس اللوامة
وفيما يتعلق بالنفس اللوامة، فهي التي حلف بها الله تعالى عندما قال: {ولا أقسم بالنفس اللوامة}.” “ولكن العلماء اختلفوا في تفسيرها، فبعضهم يقول إن النفس اللوامة هي التي لا تثبت على حالة واحدة، واستمدوا هذا المصطلح من التلوم، أي التردد، ويعنون بها أنها تتقلب وتتغير، وقد تذكر وتنسى، وتلطف وتكثف، وتنمو وتجف، وتحب وتكره، وتفرح وتحزن، وتغضب وترضى، وتعصي وتطيع، بمعنى أنها تتغير باستمرار بألوان مختلفة
أما الطائفة الأخرى فقد قالت أن اللفظة مأخوذة من اللوم، كقول الحسن البصري إن إن المؤمن لاتراه إلايلوم نفسه دائمًا ، يقول: ما أردت بهذا ؟لم فعلت هذا ؟ كان غير هذا أولى ،أو نحو هذا من الكلام، وقال غيره في هذا بأن النفس اللوامة هي التي توقع المؤمن في الذنب، ثم تلومه عليه، وأن هذا اللوم من الإيمان، وهذا بخلاف الشقي الذي لا يلوم نفسه على ذنب بل يلومها وتلومه على فواته
وقالت طائفة ثالثة بأن اللوم نوعين، فكل واحد يلوم نفسه برا كان أو فاجرا، فالسعيد يلوم نفسه على ارتكاب المعاصي وترك الطاعة، أما الشقي فإنه لا يلوم نفسه إلا على فوات حظها وهواها، وهناك من يرى أن اللوم هو يوم القيامة، فإن كل واحد يلوم نفسه أن كان مسيئا، وإن كان محسنا فإنه يسئ نفسه على التقصير
ويمكن الاجماع بأن النفس اللوامة نوعان:
تشير مصطلح `نفس لوامة ملومة` إلى النفس الجاهلة الظالمة التي تلومها الله والملائكة
النفس اللوَّامة ليست ملومة،وإنما تلوم صاحبها على التقصير في طاعة الله
النفس الأمارة
أما النفس الأمارة فهي النفس المذمومة التي تأمر بالسوء، لأن ذلك من طبيعتها، إلا ما وفقها الله وثبتها على ذلك، فيستطيع المؤمن أن يخلص من شر نفسه وهذا بتوفيق من الله، كما جاء في سورة يوسف {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ َلأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
الخلاصة : يقول إن الله سبحانه وتعالى اختبر بني آدم بمنحهم النفس الأمارة والنفس اللوامة، وكرمهم أيضا بالنفس المطمئنة، والتي هي نفس واحدة قد تكون لوامة، أو أمارة، أو مطمئنة، وأعانهم الله عليها بالملك الذي يساعدهم على الصواب، وهذا يعني أن الملك هو قرين النفس المطمئنة، بينما الشيطان هو قرين النفس الأمارة. وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يحاول يوما بعد يوم أن يضل الناس ويكذب الحق، أما الملك فيعمل على دعم الخير وتأكيد الحق. فمن وجد الخير والحق فعليه أن يشكر الله، ومن وجد الشر والزيغ فعليه أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كما ذكر في الآية التالية: “الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء