الفرق بين المندوب والمستحب
الدين الإسلامي ومصادره التشريعية المختلفة، مثل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والإجماع والقياس، تساعد المسلمين على فهم المفروض والمستحب من العبادات. فالأعمال والأفعال التي يقوم بها المسلم تختلف فيما إذا كانت مفروضة ويعاقب على تركها أو مستحبة ويثاب على فعلها، ولكن الخلاف الذي يواجه الكثيرين هو الفرق بين المندوب والمستحب وما هي العبادات التي تعتبر مندوبة أو مستحبة، وما هو الفرق بين السنن والفروض.
ما هو المندوب
المفوض في اللغة العربية هو الدعاء نحو الفعل، بينما ما ذكره العلماء الدين في الإسلام بشأن تعريفه يشير إلى ما يطلب من الشرع ويأمر بفعله بطريقة الطلب للتشجيع، ولا يحدث هذا الطلب بشكل قاطع أو إلزامي وواجب، مما يشير إلى أن المفوض هو ما يحمد عمله ولا يعاقب أو يلحق العقاب بالمترك، وقد تم تعريفه بعدة صيغ سواء بصيغة الطلب نفسه، ولم يذكر في ذلك قول الشرع بشأن هذا الفعل (ينصح به).
أو يمكن أن نقول، بناء على قول في السنة، أنه يمكن أداء الفعل التالي بوجود دليل يجعل المعنى ينحصر في الاحتمالية وليس الوجوب. فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)، وهذا يعني أن الاغتسال في يوم الجمعة ليس فرضا ولكنه مستحب. بمعنى آخر، يمكن أن يكون الوضوء فقط مناسبا لصلاة الجمعة ولا يلزم الاغتسال.
وكما ورد في الدليل على ذلك في قول الله تعالى: `يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلىٰ أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم`. وفي الآية السابقة، يعني أن الكتابة في الدين مستحبة ولكنها ليست واجبة ومفروضة، وما يؤكد ذلك هو ما ورد في الآية ذاتها استكمالا وتوضيحا لهذا الحكم في قول الله تعالى: `فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته`. ومن ذلك يمكن استنتاج أن الشخص المدين له الحرية في اختياره بناء على ثقته في أمانة الشخص الآخر.
الفرق بين المندوب والمستحب
باللغة العربية، فإن المصطلحين “المستحب” و”المندوب” يعنيان الشيء نفسه، حيث يقصد بالمندوب ما هو مطلوب القيام به ولكن دون إلزامية، بينما يقول أصول الفقه أنهما ما اقتضى الشرع أن يقوم به العبد ولكن دون إلزام، أو بمعنى آخر، “ما يثاب فاعله ولا يأثم تاركه
ذكر من قبل جمهور الفقهاء أن كلا من المستحب والسنة والمندوب وكذلك التطوع لهما نفس المعنى ونفس الحكم، حيث ذكر الفقهاء عنهم أنهم (ما أمر به الشرع وليس على سبيل الاضطرار)، ولكن بعض أتباع المذهب الشافعي قد فرقوا بينهم استنادا إلى ما ذكر في قول الأسيوطي في كتابه “الكوكب الساطع” بشأن الندب والسنة والتطوع والمستحب، وقد قسم بعضنا بينهم.
عندما قاموا بإحدى هذه الأنواع، اعتقدوا أنهم يشجعون الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله وقوله، مثل السنة والسنن الرواتب. وهناك نوع آخر يتضمن ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يكن مستمرا فيه، ومن أمثلة المندوب التي تأتي في هذا السياق، على سبيل المثال ليس الحصر (صلاة الضحى). وهناك نوع ثالث من المندوب يتمثل فيما حث عليه النبي الكريم بقوله فقط ولكنه لم يفعله، مثل صوم تاسوعا.
ومن أنواع المندوب التي وردت عن الشافعية فيما ذكر بالنصوص الشرعية بشكل عام على ما يتعلق بجنسه دون النص عليه عيناًمثل الصلاة ولكن المقصود منها هنا ليس الصلاة المفروضة ولكن صلاة التطوع بما يعني من أراد أن يصلي أربع ركعات سابقة للظهر وأربع تالية له وما إلى نحو ذلك في غير أوقات النهي عن الصلاة وهو ما يعرف بصلاة التطوع.
الفرق بين المندوب والمباح
المندوب والمستحب لهام نفس الحكم والمعنى بينما المندوب والمباح فهناك فرق بينهما حيث إن المندوب هو ما يستحق من يفعله الأجر والثواب بينما من يتركه ولا يؤديه لا يترتب عليه وقوع الإثم عليه مثل صلاة النافلة، أما فيما يتعلق بالمباح فإن الفرق بينه وبين الحالة السابق ذكرها وهي المندوب أن فاعله لا يثاب عليه ولا يستحق أجراً.
ولكن في الوقت ذاته لا يقع عليه العقاب ومن أمثلة الأمور المباحة الركوب والمشي وتناول الطعام وما إلى نحو ذلك، أي ما هو مأذون بفعله دون إلزام أو فرض، وقد ورد في أصول السرخسي (إن المندوب بفعله يستحق الثواب ولا يستحق بتركه العقاب، والواجب يستحق بفعله الثواب ويستحق بتركه العقاب)، كما قال الشوكاني بإرشاد الفحولي: (المباح ما لا يمدح على فعله ولا على تركه، والمعنى أنه أعلم فاعله أنه لا ضرر عليه في فعله وتركه).
الفرق بين الواجب والفرض والمستحب
أجمع فقهاء الإسلام على أن الواجب والفرض هما الشيء نفسه أي أن كلاً منهما له المعنى والحكم ذاته حيث يستحق فاعلهم الأجر والثواب بينما تراكهم يقع في الذنب ويستحق العقاب، ولكن الفرق هنا يكون بينهما وبين المستحب إذ أن المستحب هو المندوب الذي يثاب فاعله بينما تاركه لا يقع عليه الإثم ولا يكون مذنباً.
يطلق أيضا على المندوب الاسم `النافلة`، وقد اختلف العلماء في ذلك؛ فمنهم من قال إن النافلة والمستحب مترادفان، وهذا هو القول المعروف بين جمهور الشافعية. ومن جهة أخرى، يرى البعض الآخر أن النافلة أعم من المستحب أو المندوب، حيث تشمل الأمرين عندهما المستحب والسنة. وهذا هو القول المعتمد بين الحنفية. وأما القول الثالث فيرى أن النافلة هي ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله ويقوم به، ولكنه لم يكن يلتزم به بشكل دائم، بل كان يتركه في بعض الأحيان ويقوم به في الأحيان الأخرى.
أمثلة على الأفعال المندوبة والمستحبة
هناك العديد من الأعمال المستحبة والمندوبة، وتنقسم إلى قسمين: الأعمال المندوبة في العبادات والأعمال المندوبة في المعاملات.
المندوب في العبادات
- الاستعداد لأداء صلاة الجمعة، والاغتسال لها وتطيب الجسد، والمشي إليها.
- السنن الرواتب التابعة للصلوات المفروضة الخمس.
- قراءة سورة الكهف ليلة ويوم الجمعة.
- يجب زيادة الصلاة على الرسول الحبيب في ليلة الجمعة ونهارها.
- المداومة على صلاة الجمعة.
المندوب في المعاملات
- الزواج والنكاح.
- الإقراض الحسن.
- التيسير على المعسر.
- مساعدة المحتاج.
- أداء الأمانات.
- قبول الودائع.
- امهال المدين.
- العفو عند المقدرة.