العلاقة بين مشروبات الكحول وأمراض القلب
لا يمكن لأي شخص أن يعيش حياة طبيعية وسليمة بدون أن تكون أعضاء جسمه في أفضل حالة صحية وبكامل قدرتها. لا يمكن للأعضاء أن تعمل بشكل منفرد، بل تعمل تعاونيا وتتبادل الدعم لضمان عمل الأعضاء بشكل طبيعي. وتقع جميع هذه الأعضاء في نهاية المطاف تحت سيطرة القلب، فالقلب هو العضو الأهم في جسم الإنسان بلا استثناء. يزود القلب نفسه بالطاقة اللازمة للعمل، وتحتاج جميع أعضاء الجسم إلى الدم المحمل بالأكسجين لتوصيله إلى جميع أنسجة الجسم وخلاياها لتعمل بكفاءة عالية ودقة. لذلك، يتمتع القلب بأهمية كبيرة معروفة للجميع. وبالرغم من هذه الأهمية الكبيرة، يتعرض القلب لمجموعة متنوعة من الأمراض الخطيرة، فهو عضو حساس يتأثر بأي مشاكل صحية أو أمراض تصيب الجسم .
تعد أمراض القلب واحدة من أخطر الأمراض، وقد أصبحت في الفترة الأخيرة خطرا يخشاه الكثيرون، ويخشون الوقوع في فخها، فالأمراض القلبية هي أي مرض أو خلل يصيب القلب ويؤثر عليه وعلى عمله، وهذا ينعكس على القلب بالمرض والعجز في أداء وظيفته الأساسية والأهم، فيصعب على القلب ضخ الدم للجسم بكفاءة وبشكل طبيعي، مما يؤثر بشكل كبير على أجهزة الجسم نتيجة عدم عمل القلب بشكل طبيعي، وشهدت الفترة الأخيرة حالة كبيرة من انتشار أمراض القلب على مستوى واسع، وأرجع أطباء القلب والباحثون في مجال أمراض القلب ذلك إلى الانتشار الواسع لبعض الأمراض المزمنة والتي تؤثر على صحة القلب، مثل فرط ضغط الدم والسكري والكولسترول المرتفع، بالإضافة إلى زيادة الانتشار للعادات الخاطئة التي يتبعها الكثيرون، مثل تناول الأطعمة الضارة للقلب وعدم تناول الأغذية المفيدة، وبالتالي تحدث أمراض القلب الخطيرة التي تسبب مشكلات صحية كبيرة للمريض المصاب بها .
أصبحت دراسات أمراض القلب تهتم مؤخرا بالعادات الخاطئة التي يهتم بها البعض وتؤثر على صحة القلب. وأحد الأشياء الرئيسية التي درست بشكل مكثف وأثارت الجدل هي تأثير المشروبات الكحولية على أمراض القلب. وعلى الرغم من تحذير الأطباء من تناول الكحول بسبب ضرره على الجسم بشكل عام، فإن الأمر مختلف بعض الشيء عندما يتعلق بأمراض القلب. هناك جدل حول أضرار الكحول على القلب، حيث أن بعض الدراسات تقول أن الكحول لا يضر بصحة القلب ولا يؤثر عليه، ولكن تم وجه النقد لتلك الدراسات وقيل إنها غير دقيقة ولم تبحث بشكل كافي حول الأضرار التي يمكن أن تسببها شرب الكحول على الجسم، والتي تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب. والأغرب أن بعض الدراسات الأخرى تشير إلى أن تناول كمية قليلة من الكحول يمكن أن يكون مفيدا لصحة القلب .
ومع ذلك، أجريت دراسة حديثة في إحدى جامعات بريطانيا بعدها، وكشفت هذه الدراسة أن جميع الدراسات السابقة التي تدعي أن شرب الكحول يفيد القلب أو لا يؤثر عليه غير صحيحة. أكدت الدراسة أن المشروبات الكحولية تضر بصحة القلب وتسبب أمراضا خطيرة، بالإضافة إلى الأضرار التي تلحق بالشرايين والصمامات القلبية. وأضافت الدراسة أنه يجب الامتناع تماما وبشكل نهائي عن تناول المشروبات الكحولية لتجنب الأضرار الخطيرة، حيث تم إثبات أن الكحول تزيد من مستويات الدهون الثلاثية والكولسترول في الدم، بالإضافة إلى زيادة ضغط الدم بشكل كبير، وهذا يؤثر على الشرايين في القلب، مما يؤدي إلى تضيقها وتصلبها. قد يحدث انسداد الشرايين نتيجة تراكم الدهون بداخلها بسبب شرب هذه المشروبات الضارة. ويؤدي التعرض المفرط لشرب الكحول إلى حدوث جلطات في القلب، والتي يمكن أن تتطور إلى فشل عضلة القلب بشكل كامل. حذرت الدراسة من تناول الكحول بشكل خاص لأولئك الذين يعانون من تجلط الدم، حيث تمنع المشروبات الكحولية سيولة الدم، مما يعرض حياة المرضى للخطر .
تركزت الدراسة على مقارنة بين المشروبين الكحوليين والذين لا يشربون الكحول. وخلصت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يتناولون هذه المشروبات الضارة يعانون من مشاكل في القلب وارتفاع ضغط الدم ونسبة عالية من الدهون الضارة في الدم. وعلى العكس، يتمتع الأشخاص الذين لا يشربون هذه المشروبات بصحة أفضل، ويتمتعون بضغط دم منتظم ونسبة معتدلة من الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم .