العلاج السلوكي Behaviour therapy
العلاج السلوكي هو إحدى أساليب العلاج النفسي التي تعتمد على توجيه الشخص نفسه لتغيير السلوك السلبي وإعادة اندماجه اجتماعيا لممارسة أنشطته الحياتية بشكل صحي ومتناغم. قد يبدو العلاج السلوكي مثيرا للإعجاب للكثير من الأشخاص الذين يرغبون في علاج أقاربهم، وخاصة الأطفال ومدمني المخدرات، ولكن العلاج السلوكي أصبح حقيقة وساهم في شفاء العديد من الحالات، وأثبت قدرته على النجاح لدى فئات عمرية مختلفة .
تعديل السلوك
يعتبر برنامج تعديل السلوك هو الخطوة الأولى التي يعتمد عليها برنامج العلاج السلوكي ، والتي تقف وراء الكثير من الحالات المرضية . فعلى سبيل المثال ، يمكن لمدمن المخدرات الشفاء تماماً في المراكز المتخصصة ، لكن سلوكياته ودائرة الأشخاص القريبة منه قد تعيده مرة أخرى للإدمان في فترة زمنية قصيرة . ويشمل هذا البرنامج:
• الدافع وخلفية تبنيه هذا السلوك: تلعب هذه النقطة دورًا رئيسيًا في تشكيل سلوك الأفراد، حيث إن المقدمات السلبية تؤدي حتمًا إلى نتائج سلبية، وعليه يتعين على الطبيب المعالج محاولة إعادة ترتيب أو تغيير الأحداث التي تسبق السلوك من أجل تحقيقة النتائج الإيجابية المرجوة .
• السلوك نفسه: خلال جلسات العلاج، يعزز الطبيب المشاعر الإيجابية لدى المريض تجاه أسرته ومجتمعه ويتجنب إعطاء التوجيه المباشر، ويحاول بناء علاقة ثقة بينه وبين المريض. من خلال هذه العلاقة، يسعى الطبيب لتوعية المريض بتأثيرات سلوكه وتعزيز رغبته في التخلص منه. وعادة، يعقد جلسات منفردة مع أفراد الأسرة والأصدقاء لإطلاعهم على أفضل الطرق للتعامل مع المريض في هذه المرحلة .
• النتائج المترتبة عليه: يحاول الطبيب إطلاع المريض على حالات مماثلة والعواقب التي ترتبت عن سلوكها ، وفي الوقت نفسه يبتعد كل البعد عن اللوم ، حيث يقوي اللوم المشاعر السلبية وقد يؤدي إلى إحباط المريض وهدم علاقة الثقة بينه وبين طبيبه المعالج . وعلى الطبيب أيضاً تشجيع المريض بإطلاعه على سهولة إعادة بناء حياته وعلاقاته بالآخرين من جديد ، وعلى تقبل الآخرين له وثقتهم به .
أسلوب العلاج
تختلف أساليب العلاج السلوكي من طبيب لآخر، ولكنها تتمحور حول الأساليب التالية:
• التحصين التدريجي Systematic Desensitization ، ويعتبر من أكثر الأساليب شيوعاً ، وتستخدم لعلاج الرهاب ، والعجز الجنسي ، والخوف من الجنس الآخر . ويعتمد على تعويد المريض على الاحتكاك بالموقف الذي يخاف منه تدريجياً على فترات متباعدة حتى يصل المريض إلى الشفاء الكامل .
• النمذجة العملية Modeling: تتمثل أمثلة هذه الطرق العلاجية في صنع نماذج تساعد المريض على التعامل مع مشكلته، مثل صناعة نماذج فئران لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من رهاب القوارض، أو عرض أفلام متحركة توضح حياة المدمنين، أو إجراء جلسات جماعية تضم حالات مختلفة في أطوار مختلفة من الشفاء .
• العمر Flooding: وهو أسلوب مضاد لأسلوب التحصين التدريجي ، حيث يواجه المريض الأمر الواقع بشكل مباشر ، وقد يكون لهذا الأسلوب رد فعل قوي لذا يستعين الطبيب بالأدوية المهدئة وغلب استخدامه في مرض رهاب الأماكن المغلقة والمرتفعة . ينصح بعدم إتباع هذا الأسلوب لمن يعانون من أمراض القلب والأمراض العضوية الخطيرة .
• الإشراط التجنبي Avoidance conditioning : يهدف هذا الأسلوب إلى تعديل السلوك عن طريق التجنب والابتعاد ، ويعالج عن طريقه حالات الانحراف الجنسي والإدمان على الكحول . وتستخدم عقاقير مضادة لإشعار المريض بالنفور من السلوك ، مثل مدمني الكحول ، حيث تستخدم أدوية مقيئة ليشعر المريض بالنفور من رد الفعل (شرب الخمر) والنتائج (التقيؤ) فيبتعد تدريجياً عن السلوك .
• التعزيز الإيجابي Positive reinforcement: تعني مكافأة الشخص على سلوكهالإيجابي لتعزيز ثقته في نفسه وتشجيعه على تكرار هذا السلوك في مواقف مماثلة. ويمكن أن تكون هذه المكافأة مادية أو معنوية، وتستخدم لعلاج فقدان الشهية العصبي، الخجل، الانطواء، والسلوك المعادي للمجتمع .
• التعزيز السلبي Negative reinforcement: يشير هذا إلى تعريض المريض لمثير غير مرغوب فيه قبل البدء في سلوك يراد الإقلاع عنه، ويستخدم هذا الأسلوب في حالات مص الأصابع وقضم الأظافر .
• العقاب Punishment: يتم تعريض المريض لعقاب علاجي بعد ارتكابه لسلوك غير مرغوب فيه، ويشمل ذلك عادةً الضرب الخفيف والصدمات الكهربائية والعزل، مما يسبب للمريض الألم والنفور من سلوكه، ويستخدم هذا النوع من العقاب في علاج التدخين والعنف المجتمعي .
• الممارسة السلبية Negative practice: تعني تقنية التشبع في العلاج النفسي السماح للمريض بتكرار السلوك الغير المرغوب فيه حتى يصل إلى درجة التشبع، وذلك لإحداث الإرهاق والنفور من هذا السلوك، مما يجعل المريض يتوقف عن تكراره، ومن أمثلة الحالات التي يمكن استخدام هذه التقنية فيها اللزومات الحركية، قضم الأظافر، مص الأصابع، الاستمناء، وصك الأسنان .
• ضبط النفس Self control: تشمل إعداد المريض للتعامل مع مواقف وضغوط معينة، ويستخدم هذا الإعداد لعلاج بعض الحالات مثل السمنة والإدمان وحالات الغضب والهياج العصبي .
مميزات العلاج السلوكي
• العلاج السلوكي هو تقنية طبية مؤكدة علمياً، ويمكن قياس نتائجها تجريبياً .
• يتم التعامل مع السلوك الغير مرغوب فيه عن طريق الكشف عن السبب الأساسي ومعالجته للتخلص منه .
• • توفر القدرة على علاج أعداد كبيرة من المرضى من جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية .
• يمكن إشراك أفراد الأسرة والأصدقاء المحيطين بالمريض في عملية العلاج لضمان فاعليتها .
• الشفاء في فترة زمنية قصيرة يمكن تحقيقه عن طريق العلاج النفسي والعضوي التقليدي .
• تتمتع بفعالية كبيرة في علاج المشكلات السلوكية لدى الأطفال، وعلاج المشكلات النفسية والعصبية، بالإضافة إلى حالات الاضطراب السلوكي .
مساوئ العلاج السلوكي
• • صعوبة الوصول إلى السبب الأساسي للمشكلة في تعقيد السلوك البشري .
• لا يزال العلاج السلوكي يعتمد على مبادئ علم النفس التجريبي ولا يتمتع بمبادئ علاجية خاصة به .
• قد يكون الشفاء مؤقتًا ويمكن أن يعود مرة أخرى .
• يتطلب علاج المريض ودعم أسرته وعيًا نفسيًا يمكنهم من تحمل الظروف .