السلطان ” سليم الأول ” أحد أعظم سلاطين آل عثمان
نسبه وسيرته: هو السلطان الغازي سليم الأول ابن بايزيد، وكان أول من حصل على لقب `أمير المؤمنين` من آل عثمان. وكان له ألقاب كثيرة، بما في ذلك: القاطع، الشجاع، العابس كما أطلق عليه الإنجليز، الرهيب كما أطلق عليه الفرنسيون، وكان خليفة المؤمنين وخادم الحرمين الشريفين. وهو التاسع من سلاطين الدولة العثمانية والخليفة الرابع والسبعون للمسلمين.
ولد في العاشر من أكتوبر عام 1470م في الأناضول بتركيا، وكان والده أبايزيد الثاني، ووالدته عائشة خاتون، وأخوه أحمد بن بايزيد، وزوجته عايشة حفصة سليمان، وكان من أشهر أبنائه سليمان القانوني وخديجة خاتون وفاطمة سليمان.
وصفه: وصف في الكتب بأنه كان رجلا طويلا، وعريض المنكبين، وكث الشارب، وحاد النظرات والطباع، وكانت له شخصية ملحمية ومزاجية عصابية. وأخذ عليه ميله لسفك دماء معارضيه.
زوجاته وأولاده: كان لديه زوجة واحدة فقط وهي `عائشة حفصة خاتون` ابنة خاقان الروم، وأنجب أربعة أولاد، ولم يبق منهم سوى `سليمان` الذي تولى الحكم بعده، وقيل أن لديه عشر بنات، من بينهن السلطانات حفصة وفاطمة وشاه وهانم وخديجة.
وصوله للحكم:
انقلب سليم الأول على حكم والده بايزيد الثاني بمساعدة من الإنكشارية وخاقان القرم وتقلد بعدها الحكم بعد تمكنه من طرد أبيه عن السلطة ومطاردة اخوانه وأبنائهم. ظهرت في عهده “الصفوية الشيعية” في أذربيجان وإيران وقد قامت بينها وبين العثمانين حربا عظيمة انتهت بانتصار السلطان سليم.
من سمات فترة حكم سليم الأول كانت أن فتوحاته لم تكن تستهدف الغرب كما فعل الحكام السابقون، بل كانت تستهدف الشرق العربي. خلال فترة حكمه، توسعت الدولة العثمانية لتشمل العراق وسوريا ومصر والحجاز وتهامة، وقد بلغت مساحة الأراضي التي كانت تحكمها الدولة العثمانية مليار فدان في وقت وفاته. وفي عهد ابنه سليمان الأول، ازدهر الاقتصاد العثماني لأن الدولة كانت تعد واحدة من أهم الطرق التجارية لمرور التجارة العالمية عبر طريقي الحرير ودرب التوابل البريين، وكانت تتبع الطرق البحرية في شرق البحر المتوسط والخليج العربي.
إنجازاته:
الإصلاحات العسكرية:
كان النظام السابق لتعيين القائد العام للإنكشارية هو اختيار الأكبر سناً بينهم، لكن بعد عصيانهم في معركة `جالديران`، تم تغيير نظام تعيين ضباط وقادة هذه الفئة، وأصبح للحاكم الحق في تعيين قائدهم العام دون أن يكون من بينهم.
الإصلاحات البحرية:
لم يكن اهتمام العثمانيين ببناء المرافئ والترسانات البحرية كبيرًا، فاكتفوا بالاحتفاظ ببعض السفن الحربية لحماية المياه الإقليمية من القرصنة.
لكن ” سليم الأول ” قام ببناء ترسانة بحرية في مضيق القرن الذهبي بغرض إنشاء أسطول من السفن الحربية وذلك لمواجهة الخطر البرتغالي على الدولة العثمانية ولاستعمالها في الغزوات البحرية. واستحضر لهذا الاسطول أمهر الملاحين والقباطنة العرب المسلمين. ولكنه توفي قبل شروع الأسطول في العمل.
الإصلاحات العمرانية:
لم يحقق الملك الصلاحيات العمرانية الكبيرة بسبب انشغاله بالفتوحات، ولكنه قام ببناء عدد كبير من المساجد، أبرزها مسجد فاتح باشا ومسجد ابن العربي في دمشق، كما قام بترميم المسجد الأموي.
تحوّلت الكنائس القسطنطينية إلى مساجد فاخرة وأنيقة، وأقيمت عدة مدارس وزوايا وتكايا للصوفية.
التطور الادبي:
رغم قسوة وحدته “سليم الأول”، كان يحب الأدب والتاريخ ويجالس رجال العلم، ويصطحبهم إلى ساحات المعارك لتدوين الحروب والمعارك ووصفها. وكان يكتب الشعر تحت اسم مستعار “مهلس سليمي” وتتوفر مجموعاته الشعرية في إسطنبول وبرلين.
كان لديه علم وذكاء وخلق حسن، وكان يتميز بفراسة ونباهة عالية، وكان يجيد اللغات الفارسية والعربية والتركية، وكان يشعر دائمًا بأحوال الرعية في البلاد التي فتحها، وكتب للتوثيق بخطه الجميل والشعر العذب على أحد جدران قصره بيتًا شعريًا يعبر فيه عن هذه المشاعر النبيلة
الملك لله من يظفر بنيل مني
يردده قهراً ويضمن بعده الدركا
لو كان لي أو لغيري قدر أنملة
فوق التراب لكان الأمر مشتركاً
وفاته:يقال إنه أصيب ببكتيريا الجمرة الخبيثة بسبب تعرضه المتكرر للجثث والتنفس في رائحة الأجسام المتحللة، أو بسبب سفره المتكرر إلى بلدان ذات مناخات مختلفة، كما يقال إنه توفي بسبب السرطان الجلدي بسبب التعرض المتكرر لأشعة الشمس خلال غزواته، ويقال إنه تم تسميمه على يد طبيبه.
توفي في 22 سبتمبر عام 1520 ميلاديًا / 926 هجريًا عندما كان في الخمسين من عمره.