السبايا أو ملك اليمين في الدين الإسلامي
السبايا وملك اليمين
قضية ملك اليمين أو السبايا هي قضية أو مسائلة تحث العديد من أنواع الجدل لدى الكثيرين وخاصة تلك الأشخاص الذين يركزون على الهجوم على الدين الإسلامي وشريعته الإلهية. فلا يوجد شرع آخر في العالم يمنح الإنسان كرامته وحريته مثل الدين الإسلامي. فقد خلق الله الإنسان على أحسن صورة ورفعته فوق سائر المخلوقات، وجعله خليفة على الأرض محملا بمسؤولية كبيرة، وهي تحسين الأرض وبنائها وتطبيق شرع الله عليها ومنحه حريته. لا يحق لأحد أن يستعبد الإنسان أو يقيده أو يسلب حريته بأي ذريعة. جاء الدين الإسلامي بنوره ليطرد الظلام والجهل الذي سادا في الجاهلية، حيث كان الأقوياء يستعبدون الضعفاء. وأكد الإسلام على أن العبودية محظورة ما لم تكن هناك ظروف استثنائية وزمانية. يستند الإسلام إلى تلك الأهداف النبيلة والإنسانية الرفيعة، وليس على المصالح الضيقة والمادية المحدودة التي بنيت عليها بعض الحضارات البشرية التي انهارت في النهاية عبر التاريخ
من هم السبايا أو ملك اليمين في الدين الإسلامي
كان أصل السبايا أو ملك اليمين في الدين الإسلامي هو السبي من الكفار ثم التوالد بعد ذلك والإرث والبيع والشراء أي أن الأصل في السبي هو من الكفار عند الجهاد في سبيل الله. حيث كان يسبى الأولاد والنساء والاسرى الذين يأسرهم المسلمون قد يسترقونهم وقد يعتقونهم والأولاد والنساء يكونون أرقاء، ثم يتبايعهم الناس ويتوارثونهم الناس، هذا الأصل. أي أن معنى ملك اليمين هو الارقاء المملوكون لمن ملكهم عبيدا ذكورا أو إناثا وهو من غنائم الحرب والأسر. أي أن السبايا وملك اليمين من النساء هم نساء الكفار والمشركين بعد الحرب والأسر. وأصل السبي في الحقيقة لا يعود إلى الإسلام وإنما إلى ما قبل الإسلام حيث كان استرقاق الجواري مباح ومشروع وشائع قبل الإسلام دون حتى أي ضوابط أو قوانين والسبي كان قبل الإسلام بسبب الحروب أو الفقر أو الاختطاف.
عندما جاء الإسلام، لم يتم القضاء على ظاهرة الرق تماما، بل حدث تدرج في ذلك التدرج يأخذ بعين الاعتبار الزمان والمكان، تماما كما حدث مع العديد من الأمور الأخرى. على سبيل المثال، تم تحريم الخمر، وعلى الرغم من أن الإسلام لم يلغ الرق بشكل كامل، إلا أنه جاء بتشريعات تقلل من ظاهرة ملك اليمين، مثل عتق الرقاب. فقد كان عتق الرقاب سببا في تحرير الأشخاص من النار. ومن هنا جاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: `إن أي رجل مسلم يحرر رجلا مسلما، فإن الله ينقذه بسبب كل عضو من جسده عضوا من النار`. وفي رواية أخرى: `من حرر امرأتين مسلمتين، فإنه يحررهما من النار`. وفي رواية أخرى: `إن أي امرأة مسلمة تحرر امرأة مسلمة، فإنها تحررها من النار`. وبالإضافة إلى ذلك، وضع الإسلام العديد من التشريعات والحقوق لملك اليمين، وحث المسلمين على عتق الرقاب، مما جعل عتق الرقاب من أعظم الأعمال الصالحة والقربات. [1] [2] [3]
كيف تعامل الدين الإسلامي مع السبايا وملك اليمين
كما ذكرنا سابقا، كان الرق والسبايا وملك اليمين موجودا قبل الإسلام، وعندما جاء الإسلام لم يحرم السبي وملك اليمين، ولكنه وضع ضوابط دقيقة للسبي وملك اليمين، مثل تضييق أصول الرق والعبودية وجعل الكفر هو سبب استرقاق الأسرى في ظل الحرب فقط، وحرم الاختطاف أو السرقة التي كانت موجودة قبل الإسلام. ومن هذا نرى أن الإسلام قيد الرق وملك اليمين بضوابط دقيقة، ولكنه فتح سبلا كثيرة للعتق وحث على العتق.
علاوًة على ذلك، كان تعامل الدين الإسلامي مع السبايا وملك اليمين مختلف تمامًا عن طريقة تعامل السبايا وملك اليمين في قبل الإسلام. وكان تعامل الدين الإسلامي مع السبايا وملك اليمين من الذكور أو الإناث قائم على الرفق في معاملتهم وعدم إيذائهم أو تعذيبهم بأي صورة كانت ومعاملتهم كغيرهم من سائر البشر فالدين الإسلامي هو دين الرحمة والإنسانية.
- – لا يجوز للرجل الأمر بمعصية الله تعالى للسبايا أو المماليك ولا يجوز له نهيهم عن طاعته أيضًا إذا كانوا مسلمين.
- لا يحق للسيد إجبار السبايا أو الرقيق المملوك على اعتناق الإسلام في حال كان غير مسلم، وذلك بناءً على قول الله تعالى في سورة البقرة (لا إكراه في الدين)
- لا يحق للسيد الحق أن يزوّج ملك اليمين من الذكور بمن لا يرضاها، أو يجبره على طلاق زوجته إذا كان متزوجًا.
- لا يحق للسيد منع السبايا أو ملك اليمين من ممارسة دينهم ومعتقداتهم، وذلك استنادًا إلى الآية القرآنية السابقة.
- لا يجوز تكليف الأسرى أو المأسورين بالقيام بأعمال شاقة تزيد عن طاقتهم أو قدرتهم على التحمل.
- لا يجوز للشخص الذي يملك الأسرى أو الأمين أن يؤذيهم مثل الضرب أو القتل أو إلحاق الأذى، مثل قطع أذنه على سبيل المثال، وفي حالة ارتكاب ذلك يجب عليه فك أسرى أو تحمل المسؤولية.
- يكفل الإسلام للسبايا بعض الحقوق مثل حق النفقة الواجبة التي تشمل الطعام والكسوة والسكن بقدر الحاجة والكفاية، وتوجد ضوابط لايجوز للسيد التنصل من هذه الواجبات.
- في حال كانت الأسيرة أو المملوكة لحامل الحق الأول عزباء، فمن الممكن أن يتزوجها غيره أو أن يمارس حق الرجم عليها أو أن يعتقها ويتزوجها.
- لا يحق للسيد أن يجبر سبيَّته أو ملكة اليمين إذا كانت متزوجة على طلاق زوجها، ولا يحق له منعها من ذلك.
- يُمكن للرقيق استعادة حريته من خلال المكاتبة، بدفع مبلغٍ من المال على أقساطٍ مقابل تحرير نفسه. [4] [5]
كيف أنهى الدين الإسلامي السبايا وملك اليمين
على الرغم من أن الإسلام لم يحظر الاسترقاق والرق فورا كما ذكرنا سابقا، إلا أنه أغلق الأبواب المفتوحة أمام الرق والاسترقاق وضيق الخناق حولهما. فالاسترقاق غير محظور في الإسلام، ولكن الإسلام أتى بتشريعات وحقوق تعترف بأنه دين الرحمة والإنسانية، وهذا واضح من خلال جهود الإسلام في استئصال جذور الرق والاسترقاق، مثل مكافحة السرقة والاختطاف وغيرها من الأفعال الشنيعة وإقامة عدالة القوي على الضعيف، وعمل تدريجي لقطع أسباب الرق من الجذور. حتى تحرير العبيد وإلغاء الرق كانت من أهم أهداف الإسلام.
- يذكر الله تعالى في سورة البلد قوله: `فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَة، فَكُّ رَقَبَةٍ`. ومن هذه الآية القرآنية الكريمة الكريمة ندرك عظمة مكانة عتق الرقاب عند الله تعالى، فهو سبيل لتكفير الذنوب وجعل عتق الرقاب كفارة للعديد من الذنوب.
- قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “أيّما امرئٍ مسلمٍ أعتق امرأً مسلمًا استنقذ اللهُ من كل عضوٍ عضوًا من النار”، وهذا يدل على أن عتق الرقاب أجره وثوابه عظيم عند الله تعالى، وهي من القربات.
- كانت جميع هذه التشريعات سببا في إلغاء مظاهر الرق تدريجيًا حتى اختفاء وعدم وجود ما كان معروفا بـ `ملك اليمين` في الوقت الحالي. [3]