الساد الأبيض وعيون الأطفال
يعتبر الساد الأبيض فقدان شفافية عدسة العين (اعتام)، وهي النسيج الشفاف الوحيد في جسم الإنسان والذي يتميز بصفات بلورية. وعندما يفقد العدسة هذه الشفافية، يعوق مرور الضوء إلى شبكية العين، مما يؤدي تدريجيا إلى فقدان الرؤية. وعادة ما يعتبر الساد الأبيض مرضا يصيب كبار السن، حيث يبلغ عددهم أكثر من 15٪ بعد سن الستين وحوالي 40٪ بعد سن السبعين، وهو السبب الرئيسي لفقدان البصر في العالم .
يصيب مرض الساد الأطفال الأطفال بشكل خلقي أو في الولادة، ويطلق عليه المصطلح الساد الخلقي. أما الساد الطفولي فهو مرض يصيب الطفل بعد الولادة بفترة قصيرة. وتقدر الإحصائيات أن عدد الأطفال المصابين بمرض الساد الأبيض يصل إلى عشرة آلاف طفل في العالم، وهذا العدد يختلف من دولة لأخرى حول العالم .
تأثير الساد الأبيض على بصر الأطفال :
يمكن تفسير حدوث الرؤية بسقوط أشعة الضوء على الأجسام والتي تنعكس منها لتسقط على العين ، وتمر الأشعة الضوئية عبر القرنية وتقوم العدسة بضبط الصورة في البؤرة على الشبكية في مؤخرة العين ، وتكون الصورة مقلوبة للجسم المرئي ثم تقوم أعصاب الشبكية بإرسال اشارة للمخ من خلال العصب البصري للصورة المقلوبة لتعديل وضعها لنرى الأجسام بوضعها الصحيح .
عند إصابة العدسة في العين بمرض الساد البيض، تصل الصور غير الواضحة والمشوشة إلى مركز الإبصار، مما يجعل العين تتجاهل هذه الصور تلقائيًا. وفي حالة الأطفال، يكون الدماغ في مرحلة التطور مما يؤدي إلى عدم تعرف العين على الأشياء بشكل كامل وحدوث الكسل البصري في وقت لاحق .
أسباب الساد الولادي (الخلقي) في الأطفال :
يحدث الساد الأبيض عند الأطفال نتيجةً لنمو غير طبيعي لعدسة العين خلال فترة تكوُّن الجنين في فترة الحمل، ويحدث ذلك لعدة أسباب
– أسباب وراثية أو جينية : تم اكتشاف انتشار الساد الأبيض في عائلات معينة وإصابة عدد من أفراد الأسرة به .
– خلل في أيض الأطفال : تتراكم بعض المواد في الجسم وتصعب عملية التخلص منها أو التعامل معها، مما يؤثر على أنسجة الجسم المختلفة، بما في ذلك عدسة العين .
– يكون السبب عرضا من أعراض متلازمة مرض عام في الجسم مثل متلازمة البلاهة المنغولية ، متلازمة مارفان وغيرها .
– اصابة الأم بعدوى خلال الشهور الأولى من الحمل .
– تعرض عين الطفل للإصابة خلال الولادة المتعسرة ، والتي تستخدم فيها أدوات خاصة لإخراج الطفل .
أنواع الساد الأبيض الخلقي ، وتأثيره على الإبصار :
– يصيب الساد عدسة العين في أي جزء منها تبعا لوقت حدوثه خلال الحمل أو بعده ، إذ تعرف الإصابة عند حدوثها في الجزء المركزي (النواة) بالساد النووي ، أو تكون الإصابة في قشرة العدسة أو بحافظة العدسة .
– تتأثر حدة الإبصار في عين الطفل المصاب بالساد الأبيض حسب مكان الإصابة ، وعندما تكون الإصابة في النواة أو تصيب جزء كبير من عدسة العين تتسبب في انخفاض كبير في حدة الإبصار ، أما عندما تبعد الإصابة عن مركز العدسة أو تصيب مساحة صغيرة تكون غير مؤثره على حدة الإبصار ولا تحتاج للعلاج .
عملية إزالة الساد الأبيض الخلقي والعمر المناسب لها :
تتم عملية إزالة الساد الأبيض بإجراء فتحة ميكروسكوبية صغيرة في أطراف القرنية باستخدام أدوات جراحية خاصة تقوم بتخليص الساد وامتصاصه ، ثم تغيير محتوى عدسة العين المعتم بعدسة اصطناعية داخل العين ، يختلف اختيارها على الصفات البصرية لكل طفل وعمره ، أما في حال عدم زراعة عدسة صناعية يتم استخدام العدسات اللاصقة الخارجية حتى يتم زراعة العدسة الداخلية فيما بعد .
يجب إزالة الساد الخلقي في الأيام الأولى من الولادة لمنع حدوث كسل بصري وتناقص في مراكز الإبصار الدماغية في العين المصابة أو في كلتا العينين، وذلك خلال الأسابيع الأولى بعد ولادة الطفل. يتم متابعة الطفل بعد العملية لعلاج ضعف الإبصار المتوقع أثناء نمو العين وتغير حجمها مع نمو الجسم، مما يؤدي لحدوث أخطاء بصرية مثل طول أو قصر النظر. هذا يتطلب متابعة الأطفال خلال العشر سنوات الأولى من العمر، أي في العمر الذي تثبت فيه قوة الإبصار على الأرجح .
لا يمكن تجنب أو منع حدوث الساد الأبيض الخلقي عندما يكون السبب وراثيا ، ولكن من الضروري ارشاد الأم بتعليمات خاصة من الطبيب المتابع للحمل لتجنب العدوى الجرثومية حتى لا تنتقل للجنين وتؤثر على نموه داخل الرحم ، وأخذ اللقاحات والتطعيمات اللازمة ، كما يجب على الأم البعد عن تربية او الاختلاط بالحيوانات الأليفة خلال فترة الحمل والشهور الأولى من الحمل لعدم الإصابة بالعدوى ، مع الحرص على استشارة الطبيب المتخصص بالهندسة الجينية في حال وجود طفل مصاب بالساد الخلقي في العائلة ، والتعرف على نسب احتمالية اصابة الطفل المنتظر وكيفية العلاج في أسرع وقت بعد الولادة .