دمرت الحرب الأهلية الروسية روسيا لمدة ثلاث سنوات، وقعت هذه الفترة بين عامي 1918م و 1921م، وأدت القمع الشديد للحريات بموجب البلشفية التي أسسها لينين إلى ظهور جماعات معارضة لحكم البلشفيين سرا في عام 1917م، وتضمنت هذه الجماعات أفراد العائلة الحاكمة في روسيا قبل سيطرة البلشفيين على الحكم، وجنود الجيش الأبيض الذين كانوا موجودين في روسيا خلال حكم القيصر، والكثير من المدنيين، وتجمعوا جميعا لهدف واحد وهو القضاء على البلشفيين ومقاومة الجيش الأحمر.
سقوط القيصر و سيطرة البلاشفة -1917م
بنهاية عام 1917م كان القيصر نيكولاس الثاني حاكم روسيا قد سقط بالفعل، و انتهي حكم عائلته إلى الأبد، و كانت بتروغراد و موسكو و ما بينهما من المدن تحت سيطرة لينين قائد البلاشفة، و فى هذه الأثناء انتهزت العديد من الممالك الفرصة لإعلان استقلالها، و فى موسكو كان المعارضون لحكم لينين ينظرون إلى أعدائه الألمان على أنهم أنصارهم، و فى جنوب روسيا بدأ جنود جيش القيصر فى التجمع معا من جديد تحت قيادة كورنيلوف، و بدأوا فى تكوين جبهة مضادة للبلاشفة، و نجحوا فى السيطرة على روستوف.
معاهدة بريست-ليتوفسك مع ألمانيا
فى الثالث من مارس عام 1918م وقعت روسيا الاشتراكية معاهدة سلام مع ألمانيا وصفت بأنها مهينة، و قد اظهرت التنازلات التى قدمها لينين فى هذه المعاهدة مدي ضعف البلاشفة و لينين نفسه، و على إثر هذه المعاهدة خرجت روسيا من الحرب العالمية الأولي، و قد ساهم توقيع هذه المعاهدة إلى جانب عدة أسباب أخري فى زيادة التوتر داخل روسيا، و زيادة الكراهية ضد البلاشفة.
الأسباب التى أدت إلى الحرب الاهلية
بعد سقوط القيصر، ومحاولة أفراد من الأسرة الملكية مع الجيش تشكيل جماعات مقاومة، ومحاولتهم العودة إلى الحكم مرة أخرى، قام تروتسكي، أحد أتباع لينين، بإعدامهم في بداية عام 1918، لكي لا يشكلوا تهديدا للحكم البلشفي، وفرض البلاشفة ضرائب على أصحاب المزارع والأثرياء الفلاحين، بهدف السيطرة على أملاكهم، وقام لينين بحل أول برلمان في عهده، حيث خسر البلاشفة بشكل مهين الكثير من المقاعد، وخاف لينين من قوة البرلمان وقام بحله، بالإضافة إلى توقيع معاهدة بريست-ليتوفسك في عام 1918، التي أثارت غضب الشارع في روسيا.
نتائج الحرب الأهلية الروسية
كانت الحرب الأهلية الروسية واحدة من أسوأ الحروب الأهلية على الإطلاق، وقد أدت إلى مقتل الملايين من الأشخاص، حيث توفي حوالي مليوني شخص تقريبا في هذه الحرب، واستمرت روسيا في العاناة من آثار الدمار والخراب الذي لحق بها بسبب الحرب لعدة سنوات، حيث انتشرت الجفاف وانتشرت المجاعة في موسكو ومحيطها، وتدهورت الأوضاع الصحية بشكل كبير، حيث توفي حوالي 3 ملايين شخص بمرض التيفوس في عام 1920.
تأثرت البنية التحتية لروسيا بشكل كبير بسبب الحرب الاهلية، فتم هدم الجسور و الكباري، و الكثير من المصانع و المزارع أيضا، و انخفضت قيم الانتاج الصناعي إلى السبع، و الانتاجح الزراعي إلى الثلث، و انتهت الحرب الاهلية بسيطة البلاشفة على الحكم بيد من حديد، و فرضوا المزيد من القيود.
كيف فاز الجيش الاحمر بالحرب؟
يثير الدهشة أن الحرب نشأت بسبب الرغبة في التخلص من قمع البلاشفة وممارسات الجيش الأحمر، وانتشرت المقاومة على نطاق واسع في جميع أنحاء روسيا، ومع ذلك فشلت المقاومة ونجح البلاشفة في استعادة السيطرة على روسيا مرة أخرى.
و الفضل يعود فى ذلك إلى تروتسكي، أحد رجال لينين، و الي كان يدير الحرب ببراعة شديدة، و رغم أنه لم يتلق فى حياته أي تدريب عسكري، إلا أنه كان قائدا بالفطرة، و كانت له سياسة صارمة فى التعامل مع قادة الكتائب، فمن ينجح منهم يحصل على التقدير، و من يفشل فإنه يدفع ثمن فشله، و قد استعان تروتسكي أيضا برجال القيصر المخضرمين الين كانت خبرتهم العسكرية افضل من خبرة رجال الجيش الأحمر، و قد علم تروتسكي انه بحاجة غلى خبرتهم إذا اراد ان يفوز بالحرب، و قد نجحت استراتيجيته، فكسب الحرب، و لكنه خسر بسببها حياته فيما بعد، حيث أن ذلك استخدم ذريعة ضده فى محاكمته بتهمة الخيانة التى أقامها ستالين للتخلص منه، و انتهت بالحكم عليه بالإعدام.