ادب

اسباب ظهور شعر النقائض وأبرز شعراءه

أسباب ظهور النقائض

  • تأثرت مواقف الشعراء بالظروف السياسية التي عاشوها، وكانت وجهات نظرهم مختلفة عن وجهات نظر الأحزاب السياسية التي نشأت خلال الحقبة الأموية، والتي استغلت الشعراء لأغراض دعائية. وبالتالي، تنافس الشعراء في دفاعهم عن أحزابهم والتنافس مع الشعراء المنافسين
  • كان الجهل متفشيا في شعبهم في فترة الجاهلية، حيث كان الشاعر يتباهى بمجد قبيلته ويغني بشرفها ورقيها. وكان ذلك واضحا في شعر “جرير” الذي تحدث عن “يربوس” و”قيس” وفي شعر “الفرزدق” عن أيام “مجاشع” و”تميم”، وفي شعر “الأخطل” عن “تغلب” وأيامها، واستمر حديثهم في فترة ما بعد الإسلام لفخرهم وتمسكهم بقبيلتهم وجذورها
  • الفتوحات الإسلامية العظيمة جلبت التحضر إلى المجتمع البدوي، وأدخلت الطرب والغناء إلى مكة المكرمة والحجاز، ولكن ليس إلى الكوفة والبصرة، مما دفع سكان هاتين المنطقتين إلى إيجاد طرق مختلفة لقضاء أوقات فراغهم والترفيه عن أنفسهم بممارسة شعر النقائض والهجاء
  • قد ازدهر العقل العربي وتوسع خياله بشكل خاص في المناقشات والنقاشات، وفي مجالات الفقه والقانون كان هناك نزاع سياسي وأيديولوجي.
  • في حالة النظر إلى شعر جرير وفرزدق المتناقض، يمكن أن نلاحظ أنها تستند إلى دوافع الحياة وأساليب المعيشة
  • كانت هناك دوافع نفسية أو عاطفية للمشاركة في المسابقة الأدبية وإظهار الأصالة والمهارة الغنائية.

العوامل المؤدّية إلى نشأة النّقائض

  • كانت العصبية القبلية موجودة في عروق العرب منذ الجاهلية، سواء كان ذلك للاحتفال بالقبيلة أو التباهي بالنسب أو مناقشة الشرف والفوز في أي نزاع.
  • العوامل الاجتماعية: نتج عن ذلك خليطٌ بين الحياة البدوية والحديثة مع الغناء والفرح والفخامة
  • ساعد نمو الحياة الفكرية والذهنية على النقاش والجدل، بالإضافة إلى ظهور المناقشات السياسية في التشريعات والقانون خلال هذه الفترة الزمنية
  • العوامل الاقتصادية: تتعلق بأسباب المعيشة والرغبة في كسب المال.
  • العوامل الذاتية: يرغب كل شاعر في الظهور بقدراته الإبداعية وخبرته الشعرية.

أبيات من شعر النقائض

ونذكر من نقائض الشاعرين قول جرير:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا

فابشر بطول سلامةٍ يا مربعُ

إنَّ الفرزدقَ قدْ تبينَ لؤمهُ

حيثُ التقتْ حششاؤهُ والأخدعُ

ومما قال الفرزدق مناقضاً جريراً ومفاخراً:

إنّ الــذي سَـمَـكَ السّـمـاءَ بَـنـى لَـنَـا

بَـيْـتــاً، دَعَـائِـمُــهُ أعَــــزُّ وَأطْـــــوَلُ

بَيْـتـاً بَـنَـاهُ لَـنَـا المَلِـيـكُ، ومَــا بَـنـى

حَــكَــمُ الـسّـمَــاءِ، فــإنّــهُ لا يُـنْـقَــلُ

السمات الفنية لشعر النقائض

طول النقيضة: إن القصيدة لم تتضمن الهجاء فقط، بل شملت أيضا الثناء على الولي والفخر بالقبيلة. وكان لجرير قصيدة تضمنت خمسين بيتا يرثي فيها زوجته ويصف بعدها المطر، ثم هاجم الفرزدق، وبعد ذلك قال

لولا الحياء لعادتني الرغبة في الاستعبار، ولقمت زيارة قبرك والحبيب

لقد نظرت إلى القبر، ولم يسعد نظري فيه، حيث حفر المحفار فيه

أيها الفرزدق العتيم، هل تشعر بالحرج؟ إن غضب الملك سينزل عليك بشدة

فيرد عليه “الفرزدق” بقصيدة طويلة ويبدأ بهجاء جرير فيقول :

تحن بزوراء المدينة ناقتي حنين * * * عجول يبتغي البو رائم
يتمنى أن تصبح زوايا المدينة مليئة بالحفريات أو المدمرات
حرّك قيس رؤوس الأشرار، وأسعد أنوفهم وآذانهم الداعية للفساد

 التأثر بالإسلام : عاش شعراء النقائض في بيئة إسلامية، مما أدى إلى دخول المعاني الإسلامية إلى قصائدهم

الإفحاش في الهجاء: حيث انتزع شعراء النقائض الأعراض بعبارات صريحة لتعزيز حجتهم والرد على من يعارضهم

أشهر شعراء النقائض

جرير والفرزدق والأخطل هم الشعراء الأكثر شهرة في شعر النقائض الذي صاغ في الأساس خلال العصر الأموي، ومن المهم التمييز بين النقائض والهجاء لأنهما نوعان مختلفان من الشعر

جرير

اسمه بالكامل هو “جرير بن عطية بن الكلبى”، ولد في عام 653 ميلاديًا فى منطقة “اليمامة” (المملكة العربية السعودية)  وتوفي في عام 729 ميلاديًا فى منطقة اليمامة أيضًا، وهو يعتبر أحد أعظم الشعراء العرب في الفترة الأموية والذي تظهر حياته المهنية وشعره الحيوية المستمرة للتقاليد البدوية ما قبل الإسلام.

تكمن مهارة جرير الفريدة في كتابة قصائد تهين المنافسين الشخصيين أو أعداء رعاته. بعد مواجهات كلامية حادة في شبه الجزيرة العربية للدفاع عن قبيلة `كليب`، انتقل جرير إلى العراق. هناك، تألق وكتب العديد من القصائد للمديح به، والتقى الشاعر `الفرزدق` الذي كان قد بدأ بالفعل معركة قصائد معه، ويقال إنها استمرت لمدة 40 عاما. تم جمع نتائج هذه المعارك في القرن التالي وأصبحت معروفة بشعر النقائص

وقد دخل “جرير” المحكمة الأموية فى دمشق بسبب استحسان المحافظ له، لكن “جرير” لم يتمكن من إبعاد الشاعر “الأخطل” عن تقدير الخليفة عبد الملك وتلت ذلك معركة شعرية أخرى أنتجت أيضا نقائض  جديدة ومن بين الخلفاء الذين خلفوا “عبد الملك” يبدو أن الأتقياء فقط هم الذين كانوا يفضلون “جرير”، وقد أمضى “جرير” جزءًا كبيرًا من حياته بعيدًا عن البلاط في مسقط رأسه اليمامة.

هناك العديد من قصائد جرير التقليدية، وكان جرير يكتبها عادة بمقدمة تتبعها الحقد وأسلوب قوي في بقية القصيدة. كما قام جرير بكتابة شعر الحكمة أيضا.

الفرزدق

اسمه الكامل هو تمام بن غالب أبو فراس، ولد في عام 641 ميلاديا في منطقة اليمامة التي تعتبر الآن شبه الجزيرة العربية، وتوفي في عام 728 أو 730 ميلاديا. الفرزدق هو الشاعر العربي الشهير بسبب هجائه في فترة كان فيها الشعر أداة سياسية مهمة، وقد تمثل مع منافسه “جرير” الفترة الانتقالية بين الثقافة التقليدية البدوية والمجتمع الإسلامي الجديد الذي كان يتشكل.

عاش الشاعر العربي الفرزدق في البصرة وألف هجاء لقبائل “بني نشال” و”بني الفقيم”، وعندما أصبح “زياد بن أبيه” – وهو من أفراد قبيلة بني الفقيم – حاكما للعراق في عام 669، أجبر الفرزدق على الفرار إلى المدينة المنورة حيث بقي لعدة سنوات. وعند وفاة “زياد”، عاد الفرزدق إلى البصرة وحصل على دعم “عبيد الله بن زيا

وعندما أصبح “الحجاج” محافظًا عام (694)لم يؤيد “الفرزدق” مرة أخرى  على الرغم من قصائد الثناء والمدح التي أهداها إلى الحجاج وأفراد عائلته وربما كان هذا نتيجةً لعداوته مع “جرير” الذي كان يؤيده الحاكم فى ذلك الوقت، يحتوي ديوانه (وهو مجموعة من شعره) على عدة آلاف من القصائد، بما في ذلك رثاءات مديحية وساخرة، تمثل قصائده الشعر البدوي في أوج قوته وتتميز معظمها بإخلاص سعيد ولكن بعض هجائه كان فاحشًا بشكل ملحوظ.

الأخطل

يُدعى بالكامل “غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة الأخطل”، ولد في عام 640م في بلاد ما بين النهرين أو الصحراء السورية، وتوفي عام 710م، وكان شاعرًا في الفترة الأموية (661-750)، وتم احترامه لأنه قدم الشكل الشعري العربي في التقليد البدوي القديم.

كان الأخطل مسيحيًا، لكنه لم يلتزم بواجبات دينه جيدًا، إذ كان مدمنًا على الشرب والنساء، وكان صديقًا للخليفة الأموي و”زياد بن أبيه” و”الحجاج”، وظل كشاعر بلاط للخليفة “عبد الملك”، ولكنه لم يحظَ بإعجاب الخليفة “وليد”، حيث اعتقد أن شعر الأخطل كان يحمل طابعًا سياسيًا بشكل كبير

يعد “الأخطل” إلى جانب الشاعرين “جرير” و”طالفرزدق” ثلاثيا شهيرا في أوائل التاريخ الأدبي العربي، ولأنهما كانا يشبهان بعضهما البعض في الأسلوب والمفردات فقد كان تفوقهما النسبي موضع خلاف، إلا أن عالم فقه اللغة “أبو عبيدة” وضع “الأخطل” أعلى من الثلاثة لأنه من بين قصائده كانت هناك 10 قصائد تعتبر خالية من العيوب و10 أخرى لا تشوبها شائبة تقريبا، مما جعل “الأخطل” متفوقا على الشعراء الآخرين.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى