احداث يوم القيامة بالترتيب
أحداث يوم القيامة بالترتيب
- النفخ في الصور
- البعث والنشور
- أرض المحشر
- الشفاعة العظمى
- الجزاء والحساب
- الميزان
- الحوض والصراط
يوجد اتفاق بين علماء الإسلام على أن حدث البعث هو البداية التي تتبعها الحشر ثم الحساب، ويتضمن ذلك تطاير الصحف والميزان والكتب، ثم يأتي بعد ذلك الصراط. وتختلف الآراء بشأن موضوع الحوض، هل يأتي قبل الصراط أم بعده.
النفخ في الصور : تستمر الحياة بوتيرتها المعتادة في جميع أرجاء الأرض حتى يأمر الله جل وعلا بنفخ الصور، وفي ذلك الوقت تنتهي جميع مظاهر الحياة سواء في السماء أو على الأرض، وهذا ما ذكره الله تعالى في قوله (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) من سورة الزمر الآية 68.
والصور في اللغة العربية هو القرن وهو ما بينه الرسول الكريم في حديثه الشريف قائلاً (إنَّ اللهَ تعالى لما فرغ من خلقِ السمواتِ والأرضِ خلق الصُّورَ وأعطاهُ إسرافيلَ فهو واضعُه على فيهِ شاخصٌ ببصرِه إلى العرشِ ينتظرُ متى يؤمَرُ فقال أبو هريرةَ قلت : يا رسولَ اللهِ وما الصُّورُ ؟ قال : قرنٌ فقلتُ : وكيفَ هوَ ؟ قال : هو عظيمٌ).
أوضح الحبيب المصطفى أن الملك الذي اختاره الله لنفخ الروح في الأجسام هو إسرافيل عليه السلام، وبعد نفخه لا يمكن للإنسان أن يعود إلى أهله أو يوصيهم بأي شيء، وفي هذا الصدد قال الرسول صلى الله عليه وسلم أن أول من يسمع صوت النفخ هو رجل يمسك حوض إبله ويفزع ويفزع الناس، فينتشر الذعر بين الناس، حتى يكاد الرجل يرفع الطعام إلى فمه ولا يستطيع أن يأكل.
يوم النفخ وقيام الساعة هو يوم الجمعة، وفيه قال الحبيب المصطفى (خير يوم تشرق فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أهبط، وفيه تيب عليه، وفيه قبض، وفيه تقوم الساعة، وكل دابة على الأرض تكون يوم الجمعة في حالة خوف مصيخة)، وجميع المخلوقات في الأرض والسماء تكون في حالة خوف في كل يوم جمعة، باستثناء الإنس والجان، ويقوم الملك إسرافيل بالنفخ مرتين بالبوق، في النفخة الأولى يستولي على أرواح جميع الكائنات الحية، وفي النفخة الثانية يحيل من أجل البعث والحساب.
تم استخدام كلمة `الصيحة` في القرآن الكريم للإشارة إلى النفخة الأولى. كما يطلق عليها أيضا `الراجفة`. أما النفخة الثانية، فيطلق عليها `الرادفة`. وقد ذكرت مرة أن الفاصل بين النفختين هو أربعون (40)، حيث سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المدة بينهما، فأجاب بأنها ليست أربعين يوما ولا أربعين شهرا ولا أربعين سنة.
وهناك العديد من المخلوقات لا تتأثر بالصعق وهو ما اختلف العلماء حول بيانه حيث قال ابن حزم أن تلك المخلوقات هي الملائكة الكرام، بينما مقاتل فقد قال أنهم ملك الموت، ميكائيل، إسرافيل، وجبريل عليهم السلام، أما الإمام أحمد ابن حنبل فقد ذكر أنهم الولدان المخلدون والحور العين بالجنة، وقد قال القرطبي أنهم الموتى من البشر، وقد قال أبي هريرة وابن عباس أن الشهداء والأنبياء هم من لا يصعقون باليوم الآخر.
البعث والنشور : البعث في اللغة العربية يعني الإرسال، بينما في الإصطلاح الشرعي يشير إلى إحياء الله جل وعلا للمخلوقات بعد الموت، من خلال إرسالها من القبر للحساب، حيث يتم إعادة الروح والجسد. ومن بين الدلائل على حدوث ذلك ما ورد في قوله تعالى في سورة الأنعام الآية 36: “إنما يستجيب الذين يسمعون ۘ والموتىٰ يبعثهم الله ثم إليه يرجعو.
في اللغة العربية، يشير المصطلح `النشور` إلى التفرق والانتشار. أما في الشريعة، فيقصد به تفرق الناس وانتشارهم بعد خروجهم من القبور وتوجههم إلى مكان الحساب. تم ذكر النشور في قول الله تعالى `ثم إذا شاء أنشره`. يحدث النشور بعد نزول المطر من الله تعالى، حيث ينمو أجساد العباد كالنباتات، ثم ينفخ فيهم بالصورة ليقوموا للحساب. وفي وصف ذلك اليوم، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم `ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل، فينبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيهم مرة أخرى، فإذا هم قائمون ينظرون`.
أرض المحشر : تجتمع جميع المخلوقات في يوم القيامة على أرض خالصة بيضاء، وهو ما ورد وصفه في الكثير من الأحاديث النبوية، مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النقي، لا يوجد فيها علم لأحد”، ولا يحصل كل شخص على مساحة أكبر من موضع قدميه، ولا تحتوي على زروع أو جبال.
أما بالنسبة لحال الناس في المكان، فكانوا عراة وخائفين وحُفاة، ويشعرون بالجوع والتعب والعطش، ويأتون إليه بأفواج، فمنهم من يأتي مثل الذر وهم من كانوا متكبرين في الحياة، ومنهم من يأتي مشتعلاً بالنار في جسده وهم من كانوا مجرمين في الحياة، وهذا هو حال الناس في المكان، فكل شخص يتلقى ما يستحقه وفقًا لأعماله.
يبقى الناس في أرض المحشر يوما واحدا فقط، ليس مثل الأيام العادية على الأرض، بل مدته خمسون ألف عام، وتنخفض فيه الشمس حتى يغرقون في عرقهم، وذلك حسب أعمالهم. فسيجلس الصالحون في ظل عرش الرحمن، بمن فيهم الشاب الذي نشأ في طاعة الله، والمتكفل بالأيتام وغيرهم. وكذلك، ستأتي الملائكة بالنار، وتعرضها على الخلق، وتلقي بهم اللهب كما يلقى المدى.
الشفاعة العظمى : يعتقد العلماء أن الشفاعة العظمى تنسب إلى نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهي المقام المحمود الذي خصه الله به، وتحدث حينما تقترب الشمس من الناس بمقدار ميل، ويبدأ الناس يشعرون بالعرق، فيذهبون إلى نبي الله آدم ونوح وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء، ويتوسلون إليهم بالشفاعة، وجميعهم يقولون “نفسي نفسي” معتذرين.
ثم يأتي الخلق إلى محمد صلى الله عليه وسلم ليقولوا (إنا لها، فنتقدم بطلب إذن من ربي، فيسمح لنا، ويلهمني محامد لأحمدها ولكنها لا تحضرني الآن، فأحمدها بتلك المحامد، وأنحني له ساجدا، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك وقل، وسيستجاب لك وسل تعطى وتشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي) فيشفع الحبيب المصطفى لمن يشفه له في أرض المحشر، ثم بعد ذلك يبدأ الحساب والمحاسبة.
الجزاء والحساب : بعد القيامة، يجمع الله الناس ليحاسب كل شخص على أعماله، وتشهد الأرض عن كل ما حدث عليها، وتشهد الأيدي واللسان والجلد والرجلين عن أفعال صاحبها، وذلك كما قال الله تعالى: “يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون”، وفي ذلك الوقت يكون الناس عراة حفاة، ويكون نبي الله إبراهيم أول من يتم تكسيته.
تأتي الملائكة الكرام بالكتب التي قامت بتسجيلها على الخلق بالحياة الدنيا لتعرض على صاحب كلاً منها كتابه مسجل به كل فعل وحركة قام بها فمنهم من يأخذ كتابه بيمينه فهو من أهل الجنة، بينما من ياخذه بيساره هو من أهل النار، ثم يتم توزيع الصحف بما تتضمنه من أعمال فيكون الجزاء حسب وزن العمل كما قال سبحانه في كتابه العزيز (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ).
يتولى الله تعالى بنفسه حساب الخلق بدون وسيط أو حاجز، فيرحم المؤمن ولا يسأله عن حسابه ويعلن عن ظلمه وكذبه أمام الجميع، ويكون المؤمن سعيدا بما قدم وحسابه سهل، بينما يعرض الكافر للعار ويحاول إنكار ما هو مكتوب بكتابه، ولكن أفعاله المحرمة تكشفه وتجعل حسابه صعبا جدا.
الميزان : تعد قضية الميزان من أخطر الأمور المتعلقة بيوم القيامة والتي لابد على المؤمن أن يؤمن بها وهو ما ورد في قول الله تعالى (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين)، وقد أعده الله سبحانه لكي يزن به أعمال عباده أو صحفهم، أو يوزن به العباد ولا يعلم مقداره أحد غير الله.
وبالنسبة لعظمته، فقد ذكر أنه يكفي لميزان السموات والأرض، ومن يغلب حسناته سيئاته فإنه من الفائزين وأصحاب الجنة، بينما من تغلبت سيئاته على حسناته فإنه من الخاسرين، وأما من تساوت حسناته وسيئاته فإنه سيكون على أعتاب الجنة والنار ومصيره بينهما على حدود الأعراف.
بعد انتهاء الميزان، يقف الناس جميعا وفقا لتشابه أعمالهم، حيث يقف الظالم مع الظالم، والمؤمن مع المؤمن، وكما قال الله تعالى: “احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم.” ثم يتم رفع لواء لكل نبي من الأنبياء ليقف كل أمة تحت راية نبيها، ثم يجلب الله تعالى النور للناس، فيقوم كل شخص بالمشي على هدى نور أعماله، ثم يتم إنشاء حاجز بين المؤمنين والمنافقين حتى لا يرى المنافق أي شيء من شدة الظلام، ويسقط في الجحيم.
الحوض والصراط : لكل نبي من الأنبياء حوض خاص بأمته، يقع قبل الصراط، وذلك بسبب معاناة الناس من العطش في يوم المحشر. وبعض الناس سيعودون إلى حوض الرسول صلى الله عليه وسلم. وبعضهم سيتم طردهم منه بواسطة الملائكة، إذ ماء حوض محمد صلى الله عليه وسلم ينبع من نهر الكوثر في الجنة. ومن شرب منه لن يشعر بالعطش بعد ذلك أبدا.
ولا يكون الشرب بعد الارتواء من يد النبي الشريفة إلى بهدف التلذذ فقط ثم يأتي وقت المرور بالصراط وهو عبارة عن جسر يتم نصبه فوق جهنم يعبر من خلاله المسلمون إلى الجنة والنبي الحبيب يدعو للمؤمنين أن يعبروا بالسلامة حيث يكون مرور كلاً من البشر وفقاً لعمله ولا يعبر سوى من غفر الله له ومن لا يجتازه يقع في النار.
يقف الشخص الذي يجتاز الصراط ويصل إلى الجنة، ليزال الحقد من قلبه ويقتص الله له من بعض المؤمنين بما يعرف بالقنطرة التي وردت في حديث النبي الكريم، حيث يوضع المؤمنون بين الجنة والنار. ويحاسب بعضهم الآخر على المظالم التي حدثت بينهم في الدنيا، وحين يتم تطهيرهم وتنقيتهم يسمح لهم بدخول الجنة.
وأول من يدخل الجنة بعد رسول الله الفقراء من المهاجرين، ثم فقراء الأنصار، ثم فقراء الأمة، بينما الأغنياء فإن الله سبحانه يؤخرهم لمحاسبتهم حيث يتم القصاص من جميع المخلوقات بما فيهم الحيوانات ويكون القصاص من المظلوم للظالم سواء كان الظالم مسلما أو غير مسلم فيقتص من الشاه التي لا قرون لها من الشاه ذات القرون.
تبدأ أحداث يوم القيامة منذ الحشر وتستمر حتى يدخل الناس إما الجنة أو النار، ولقد تم تسميته باليوم الآخر لأنه آخر أيام الدنيا، ويوجد سبب آخر وراء تسميته بذلك وهو أنه آخر الأوقات التي تم تحديدها، والإيمان به يعني الاعتقاد الكامل والثابت بوجوده وحدوثه، وبأن الحياة الدنيا ستنتهي في وقت محدد لا يعلمه إلا الله.
يوم القيامة في القرآن والسنة
يعرف الإيمان باليوم الآخر أو يوم القيامة في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة أنه هو الإيمان والتصديق بجميع ما قد ورد في كتاب الله وسنة نبيه الكريم من أحداث سوف يمر بها الإنسان بعد الموت منها البعث، الصراط المستقيم وشفاعة الحبيب المصطفى فهي جميعها وغيرها من الأمور الغيبية ولابد من الإيمان اليقيني بها.
والأدلة التي وردت بالقرآن الكريم حول يوم القيامة والتي تثبت أنه سوف يقع ويحدث كثيرة منها قول الله تعالى في الآية الثالثة من سورة سبأ (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).
حسبما ورد في السنة النبوية، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في يوم القيامة: `عندما تقترب الشمس من العبيد، ستكون مائلة بزاوية ميل أو مائلة بزاويتين`. قال سليم: لا أعرف أي الزاويتين يقصد؟ هل يعني مسافة الأرض أو الميل الذي يظهر في العين؟ قال: `ثم ستذيبهم الشمس، فيكونون في حالة العرق وفقا لأعمالهم. فمنهم من يصل العرق إلى كاحليه، ومنهم من يصله إلى ركبتيه، ومنهم من يصله إلى حقويه، ومنهم من يلجم إلجاما`. قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى شيء في ذلك، قال: `يلجم إلجاما`. رواه الترمذي.