إيجابيات وسلبيات العزل لذوي الاحتياجات الخاصة
توجهات الدول نحو ذوي الاحتياجات الخاصة
اتجه العالم في الآونة الأخيرة إلى الاهتمام بفهم ذوي الاحتياجات الخاصة بهدف تقديم رعاية واهتمام سواء على المستوى الصحي أو الاجتماعي أو التربوي، في محاولة للاستفادة بما لدي هؤلاء من ذوي الاحتياجات الخاصة من قدرات، ومحاولة تحقيق الكفاية الذاتية والاجتماعية والمهنية ليتمكن ذوي الاحتياجات الخاصة من الحياة والتوافق مع المجتمع.
فيما يتعلق باتجاهات المجتمع نحو ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن المجتمعات في الآونة الأخيرة شهدت انتشارا للوعي الإنساني والدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والمطالبة بضرورة توفير بيئة طبيعية لهم وتوفير برامج وخدمات تتناسب مع احتياجاتهم، مشابهة لتلك التي توفر للأشخاص العاديين، ومن هذه التطورات فكرة تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات مشتركة أو مدارس عادية بدلا من المؤسسات الداخلية، مما أدى إلى زيادة عدد المعاقين الذين يتلقون تعليمهم في بيئات تربوية بديلة، وهذا ما يعرف بالدمج.
مفهوم العزل لذوي الاحتياجات الخاصة
كان الاهتمام الرئيسي بذوي الاحتياجات الخاصة بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر يتمحور حول الرعاية الطبية، وقد تم إنشاء مؤسسات سكنية خاصة بهم. وكان هناك نظام تعليم منفصل مخصص لهم، نظرا للاعتقاد السائد في ذلك الوقت بأن الأشخاص ذوي الإعاقة هم نوع مختلف عن الأطفال العاديين، والنتيجة الطبيعية لذلك الاعتقاد كان إنشاء نظام تعليم منفصل. وجاءت فكرة العزل لذوي الاحتياجات الخاصة نتيجة لعدم قدرة الدول على تقديم الخدمات اللازمة للمساعدة في دمج المعاقين مع الأطفال العاديين في المؤسسات المختلفة. وحتى بعد طرح فكرة الدمج في الآونة الأخيرة، واجهت عوائق منها نقص الخدمات المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم مرونة المناهج، وعدم إعداد المدارس للعمل بنظام الدمج.
حيث أنه من الصعب تطبيق منهج يناسب الأطفال العاديين والمعاقيين بما يشمل تنمية مهارات الكل، هذا بالإضافة إلى عدم توفر الوسائل التعليمية التي تقابل الاحتياجات التربوية للطفل المعاق، هذا بالإضافة إلى وجود فروق في الاتجاهات نحو الدمج تتعلق بحالة المعاق ودرجة اعاقته واستعداداته وطبيعة الواجب المطلوب من المعلم تجاه المعاق.
طرق العزل لذوي الاحتياجات الخاصة
العزل في المؤسسات والملاجئ
قبل القرن الثامن عشر، كان العزل للفئات ذوي الاحتياجات الخاصة يتم في منازل عائلاتهم، ولكن تم إنشاء مؤسسات إيواء بدءا من القرن الثامن عشر وتم تقسيم الأطفال في هذه المؤسسات إلى قسمين
ذوى الاعاقات المعتدلة والبسيطة
الفئات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة هي تلك التي تمتلك القدرة على الاستجابة للبرامج المختلفة التي تقدم لها، وتعلم المهارات بالإضافة إلى الطاعة التي تمكن من التعامل بشكل إيجابي مع الآخرين لتطوير مهاراتها.
مجموعة ذوى الاعاقات الشديدة
تعد هذه الفئة صعبة التعامل لأنها عادةً ما تمتلك نزعة العنف أو التمرد، ولكنها في الوقت نفسه لا تمتلك القدرة على التعلم والاستجابة لبرامج إعادة التأهيل.
في بداية القرن التاسع عشر، ظهرت آراء تحظر زواج المعاقين وتؤكد أنه يجب عليهم العيش في مؤسسات إيواء. حتى تمت طرح فكرة التعقيم للمعاقين لجعلهم غير قادرين على الإنجاب. وقد تم تنفيذ عمليات التعقيم بالفعل ووصلت إلى 31083 حالة في الولايات المتحدة.
العزل في مدارس ومعاهد التربية الخاصة
وجاءت فكرة إنشاء مدارس لتربية المعاقين في أواخر القرن ال18 بعد مطالبات من السياسيين والمفكرين والاجتماعيين بضرورة الاعتراف بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم الرعاية المستحقة لتأهيلهم للعيش بالتوافق مع المجتمع، ونتيجة هذه الجهود تم انشاء اول مؤسسة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وتعليمهم في باريس وفي ولاية ماسوشتس بالولايات المتحدة
وتنقسم هذه المؤسسات إلى قسمين:
المدارس الداخلية ومساكن الايواء
يتم إلحاق المعاقين بمؤسسات رعاية اجتماعية خاصة أو مساكن داخلية، حيث يتم فصلهم عن أسرهم وأهاليهم، وعزلهم في مدارس خاصة للتربية الفكرية بهدف إنشاء بيئة عائلية بديلة تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من الشعور بالأمان والاطمئنان. وغالبا ما تكون عائلات هؤلاء الأشخاص غير قادرة على توفير مستوى أدنى من التكيف لهم، ولذلك يتم إلحاقهم بتلك المؤسسات. هذا النوع من الرعاية يساعد الطفل على التكيف، ولكنه في الوقت نفسه يعزله عن الأقران والحياة الاجتماعية، مما يجعله غير قادر على التفاعل في المجتمع ويؤثر على حياته سلبا.
مدارس الرعاية النهارية والتربية الخاصة
هذه المدارس لا تفصل ذوي الإعاقة عن أسرهم وذويهم، بل تتعامل معهم على نفس النحو الذي تتعامل به المدارس العادية، فيذهب ذوو الاحتياجات الخاصة إلى المدرسة نهارًا للحصول على التعليم والمهارات المختلفة التي تساعدهم على التكيف الاجتماعي داخل الأسرة، ثم يعودون إلى أسرهم بعد انتهاء اليوم الدراسي.
إيجابيات العزل لذوي الاحتياجات الخاصة
- يحصل الطلاب على الاهتمام الفردي
- يتلقى الطلاب نهجًا متخصصًا في تعليمهم
- يتاح للطلاب الوصول إلى الموارد التي لم يكن بإمكانهم الحصول عليها إذا لم يكن لديهم هذا الوصول
- تكون أحجام الفصول الدراسية عادة أصغر (حسب احتياجات الطلاب).
- يمكن للطلاب الوصول إلى المتخصصين والخدمات المؤهلة بمهارة عالية
- إيواء الأطفال في مؤسسات خاصة يساعد في تلبية احتياجاتهم التربوية
- صعوبة تجاهل توجهات المجتمع السلبية تجاه ذوي الإعاقة
- يناسب نظام العزل الظروف الاقتصادية المنخفضة للمجتمعات النامية التي لا تستطيع توفير المدارس العادية
سلبيات العزل لذوي الاحتياجات الخاصة
- سوء حالة المؤسسات الخاصة بالإيواء
- تواجه هذه المباني زحامًا شديدًا، وإذا كانت قادرة على استيعاب 250 نزيلًا ذوي إعاقة، فإنها تجد نفسها تواجه 400 نزيلًا
- يوجد ضعف في التمويل بسبب تكلفة عالية لإقامة وتجهيز المباني لتطبيق استراتيجية العزل
- يتم فصل طلاب التربية الخاصة أحيانًا عن بقية الفصل، مما يؤدي إلى العزلة وعدم التكيف الجيد داخل المجتمع
- قد يتعرض الطلاب لوصمة العار في بعض الأحيان
- قد لا يكون دمج طلاب التعليم العام والتعليم الخاص مناسبًا لجميع احتياجات الطلاب
- قديقيد المعلمون المساعدين قدرة الطالب على العمل بشكل مستقل
- من الممكن أن يتم تجاهل الطلاب اجتماعياً بشكل أكبر
تأثير العزل على ذوي الاحتياجات الخاصة
أظهرت الدراسات أن منع الدمج والعزلة لذوي الإحتياجات الخاصة عن أقرانهم العاديين يؤدي إلى نقص المهارات الإجتماعية لديهم وشعورهم بالإنعزال داخل المجتمع، وعدم التوافق السلوكي بينهم، والفروق في الخدمات التربوية والتأهيلية.
تعد مرحلة الطفولة أساسية حيث يكون الطفل أكثر مرونة وقابلية للتعلم والتأقلم مع تغييرات سلوكه. لذلك، فإن تأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يتطلب اكتساب مهارات وخبرات تساعدهم على الاندماج في المجتمع والاعتماد على أنفسهم جزئيا أو كليا. ويعرف ذوي الاحتياجات الخاصة في دولة الإمارات بـ “ذوي الهمم” أو “أصحاب الهمم”، وذلك لأن تنمية المهارات الاجتماعية تساعد في تحسين الكفاءة الشخصية والاجتماعية لهذه الفئة، مما يساعدها على التفاعل مع المواقف اليومية.
أسباب إلحاق ذوي الإعاقة بالمؤسسات الخاصة
الأسباب المرتبطة بقدرات الطفل
- الذكاء والقدرات العقلية ، أوضحت نتائج الذكاء للأطفال الموضوعين في دور الإيواء تسجل درجات أقل بكثير من الموضوعين في مدارس التربية الفكرية، حيث أن الموضوعين في دور الإيواء ذكائهم أقل نت 20 على مقاييس الذكاء، أما الموضوعين في المدارس الفكرية ذكائهم أقل من 53 على مقاييس الذكاء.
- الإعاقة الجسدية ، حيث أن حجم الاضطرابات الجسدية من أسباب إلحاقهم بدور الرعاية، حيث انه كلما زادت هذه الإعاقة زاد ماها ظهور الإضطرابات العضوية مما يتطلب رعاية مؤسسية أكبر
- مدى قدرة الطفل على الادراك ، مما يجعل الطفل مصدرا لجلب المشاكل عند اختلاطه بالآخرين مثل العناد والسرقة واشعال النار وغيرها من الأسباب التي تتعلق بمدى إدراكه لما يفعل
- جنس الطفل ، عادة الأمهات يفضلن وضع أبنائهم الذكور في مؤسسات الإيواء أكثر من الإناث وقد يرجع هذا إلى أن التعامل مع الإناث يكون أكثر تحكما من الذكور.
أسباب تتعلق بالأسرة
تعتمد قرارات وضع الأطفال في دور الرعاية والمدارس الخاصة أو رعايتهم من الأسرة على عدة عوامل ، منها:
- الطبقة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة ، حيث ثبت أن الأسر أصحاب الأوضاع الاقتصادية العالية يضعون أولادهم في دور الإيواء لأنهم يمثلون عبئا كبيرا على وضعهم الاجتماعي، أما الأسر أصحاب الأوضاع الاقتصادية المتدنية فعادة ما يكون السبب في إلحاق ابنائهم بدور الرعاية والإيواء الفقر وعدم إمكانية توفير الخدمات المطلوبة لهم.
- الخلل العائلي ، وهي الخاصة بمشكلات اجتماعية لا تساعد الطفل المعاق على التكيف بل تزيد من اضطراباته مثل التفكك الأسري والعلاقات الاجتماعية المنهارة مثل الخلاقات بين الأخوات أو انفصال الأبوين.
- وجود إخوة أسوياء ، من أسباب إلحاق الطفل المعاق بدور الإيواء هو خوف الأبوين من تأثيره على إخوته الأسوياء.
أسباب خاصة بالمجتمع
تتعلق الأسباب بضغوط المجتمع وتوافر خدمات الرعاية للأطفال والأسرة والحالة الاقتصادية
- الضغوط الاجتماعية ، معظم الأسر تضطر إلة وضع أطفالهم في دور الإيواء والعزل بسبب الضغوط من قبل السلطات التي تجد الحل الوحيد لهؤلاء هو العزل
- عادةً ما يتعلق قرار عزل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بتوافر الخدمات والامكانيات في المجتمع. ونظرًا لاختلاف هذه الإمكانيات بين المجتمعات، فإن القرارات المتعلقة بالعزل تختلف أيضًا بناءً على قدرة المجتمع على توفير الخدمات اللازمة لهذه الفئة
- لاحظ الباحثون العلاقة بين الكساد والاستقرار الاقتصادي للمجتمع ونسبة الأطفال الذين يحققون درجات ذكاء منخفضة بنسبة 50 في المئة في المؤسسات وتأثير ذلك عليهم، وبالتالي، كلما زاد الكساد الاقتصادي، زادت هذه الفئة.
- كسب التعاطف لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة ، فتختلف الآراء فيما يتعلق بإلحاق الأطفال ذوي الإعاقة بالمؤسسات الداخلية باختلاف التوجه العام للمجتمع، فعندما كان توجه المجتمعات نحو تحسين الناس كانت الآراء تفضل وضعهم في مساكن الإيواء، على عكس ما تم المطالبة به في الآونة الأخيرة من حقوق للمعاقين من دمجهم بالمجتمع.