أين جرت أحداث ” حرب البسوس” ؟
حرب البسوس هي واحدة من أشهر الحروب في التاريخ على الجزيرة العربية. وقعت هذه الحرب بين قبيلة تغلب بن وائل وأحلافها ضد بني شيبان وأحلافها من قبيلة بكر بن وائل، وكانت إحدى أطول الحروب التي شهدتها المنطقة، إذ استمرت لمدة 40 عاما وأودت بحياة العديد من الأشخاص. وقعت هذه الحرب في العصر الجاهلي في منطقة الحجاز، وكانت ناقة امرأة تدعى البسوس، التي كانت تنتمي لقبيلة بكر، السبب وراء اندلاع الحرب. ذهب جساس بن مرة ليغتصب ناقة البسوس التي ذهبت لتشرب من بئر قبيلة تغلب، وعندما علم الملك كليب بن ربيعة بذلك، أمر بقتل الناقة. غضبت البسوس وطلبت من ابن أختها أن ينتقم لمقتل ناقتها ويرفع مكانة قبيلة بكر وينهي استبداد حكم كليب بن ربيعة. بدأت الحرب وطالت لمدة 40 عاما وانتهت بفوز قبيلة تغلب، وقتل المهلهل الجساس، وعادت بذلك كرامة تغلب. وكانت هذه الحرب في أرض جميلة تدعى “حمى ضرية” التي تقع في المملكة.
حمى ضرية
مازالت إلى الآن حمى ضرية شاهدة على حرب البسوس وهي أحد أهم المواقع الأثرية منذ العصر الجاهلي، فكان بها عدد كبير من القبائل في فترة قبل الإسلام، وفي العصر الإسلامي كانت مركز وأحمية للجزيرة العربية، وقد اتخذها الفاروق عمر بن الخطاب مكانا لإبل الصدقة وظهر العزاه، لذلك سميت بحمى ضرية وذلك على مر التاريخ مرورا بالعصر العباسي إلى الآن.
موقع ” حمى ضرية”
تقع مدينة ضرية في منطقة القصيم في عالية نجد حيث الهدوء وعذوبة الماء، وتبلغ مساحتها 1960 كم مربع، تتميز بغطاء نباتي جيد في معظم أمحائها، وتتميز بموقع جغرافي هائل لأنها بالقرب من عدة مناطق رائعة بجمالها الطبيعي ومنها حسلات، وهضبة الشرطة، ومنتزه النظيم، والشلالات، البكري، والمخروقة وغيرها، وتتبع ضرية منطفة القصيم إداريا وتبعد عن محافظة الرس بقيمة 150 كم، كما تبعد عن محافظة عفيف 90كم، وعن محافظة الدوادمي 190 كم ، وتتخذ موقعا متوسطا هائلا.
أسباب تسمية ” ضرية ” بهذا الاسم
تعود أسباب تسمية حمى ضرية بهذا الاسم إلى ضرية بنت ربيعة بن معد بن عدنان، وقد ذكر الأصمعي أن سبب التسمية يرجع إلى بئر بها اسم ضرية، وتعتبر من أشهر الطرق التي يستخدمها حجاج البصرة قديما، وكانت مصدر جذب للناس لبئرها، وقد تم استصلاحها وأنشئ بها السد والأنفاق الممتدة تحت الأرض لحجز المياه، وهذا يدل على أنها عانت من قحط وجفاف في الماضي.
أهمية ” حمى ضرية”
حمية ضرية هي من المواقع الأثرية والتاريخية فهو مركز طريق الحجاج وكانت من أهم المحطات الرئيسية لطريق الحج البصري مما جعلها مركزا مهما للاستقرار السكنية، وأيضا من أهم مراكز التجارة، وكان به الكثير من المنازل التي مازال آثرها إلى الآن، والأهم من ذلك أنها كانت شاهدة على الحرب الشرسة بين قبيلتي بكر وتغلب وهي حرب البسوس.
تشهد المنطقة أيضاً العديد من الأحداث التاريخية التي تعود إلى ما قبل الإسلام والعصر الإسلامي وحكم الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، وتعتبر واحدة من أشهر الحميات في الجزيرة العربية حتى الآن، وذلك بسبب وجود مواقع أثرية ومعالم تاريخية تعود إلى العصر الإسلامي.
ضرية في الوقت الحالي
ضرية الآن هي من أجمل المواقع التي يمكن زيارتها لما بها من مرابع جميلة ومحاطة بالهضاب الحمراء، وقد انتشر بها العمران الحديث والحدائق الجميلة والشوارع المضاءة التي تتحدث عن نفسها في الليل وسط الصحراء والمراعي، وقد شهدت ضرية نهضة تعليمية وتجارية ومعمارية هائلة، فبها الآن كافة مدارس البنين والبنات ومكتب للإشراف التربوي وكافة الأجهزة الحكومية والإدارية أيضا، وهي من المواقع المهمة جدا حيث لا تزال إلى الآن مرتعا للإبل وهي من أفضل المراعي في الجزيرة العربية.
ضرية في الشعر العربي
لا شك أن الشعر العربي يعد الدليل الأمثل لتاريخ العرب، حيث كانوا يسجلون الأحداث في شعرهم، وقد ذكرت “ضرية” في أشعارهم أيضًا، وذكرها المهلهل بن ربيعة في قصيدة يرثي فيها أخاه كليب
إن ليلتنا بها إضاءة إذا انتهت، فلا تحزني
إذا كان الذنب طويلًا في ليلتي، فقد يبكي من قصر الليل
إذا نبشنا المقابر بحثًا عن دليل على الذنائب، فسيخبرنا الكليب
في يوم الشعثمين، التقى شخصان من تحت القبور
لقد تركت بصمات في بجيرا مثل العبير
تركنا النسور وهمام بن مرة وهو في حالة صعبة
يبدو كأن غدوة وبني أبينا يديران رحيا في جوف عنيزة
إذا لم يكن هناك رياح، يمكن سماع أهل حجرٍ يطبلون بالسيوف