أهمية حرية التعبير وحدودها
ما المقصود بحرية التعبير
حرية التعبير مصطلح نسمعه كثيرا من قبل الصغير والكبير، والمقصود بهذا المصطلح هو قدرة الفرد على التعبير عن الآراء والأفكار التي تدور في ذهنه يتم التعبير عن ذلك من خلال القيام بعمل فني أو من خلال الكتابة أو الكلام، أو قيود من السلطات العليا، ولكن بشرط ألا تمثل طريقة معينة أو مضمون للآراء أو الأفكار حتى لا يشكل ذلك خرقا لقوانين أو أعراف الدولة.
توجد بعض الحقوق المصاحبة لحرية التعبير، مثل حقوق الصحافة وحرية العبادة وبعض التظاهرات السلمية. وهناك أيضا بعض العناصر الأساسية لحرية التعبير، مثل حرية اعتناق الآراء المختلفة دون تدخل من أي شخص، وحرية نشر الأفكار بعد استلامها. ويتجلى ذلك في حرية أي فرد في التعبير عن رأيه المحدد، وحرية وسائل الإعلام في الحديث، سواء كانت مكتوبة أو صوتية أو مطبوعة.
بدايات حرية التعبير في العالم
تم تعريف مفهوم حرية التعبير منذ العصور الوسطى، تحديدا في المملكة المتحدة، بعد الإطاحة بالملك جيمس الثاني في ثورة عام ١٦٨٨. وبعد رحيله، تولت ماري الثانية ووليام الثالث حكم البلاد. بعد عام واحد من حكمهما، أصدر البرلمان البريطاني قانونا يعرف بقانون حرية الكلام داخل البرلمان.
في فرنسا، كانت هناك العديد من الصراعات المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكن في النهاية تم إصدار هذه الحقوق في عام ١٧٨٩ بعد ثورة فرنسا. تتضمن حقوق الإنسان حرية التعبير، وهي حق لكل مواطن في أي دولة في العالم. حاولت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل جاد جعل حرية التعبير حقا أساسيا، ولكن ذلك لم يتحقق. أول من دعا إلى حرية التعبير هو الفيلسوف جون ستيوارت ميل، وله قول مشهور حتى اليوم، حيث قال إذا كان لدى جميع الناس رأي واحد وكان هناك شخص واحد فقط لديه رأي مختلف، فإن كلمته الصامتة لن تختلف كثيرا عن إسكات جميع الناس إذا كان لديه القوة الكافية.
أهمية حرية التعبير
أصبحت حرية التعبير عن الرأي حقا أساسيا ينبغي للإنسان الحصول عليه، وهي أساسا للنظام الديمقراطي الذي يتبعه مختلف دول العالم في عصرنا الحالي، وهذا يظهر بوضوح في ميثاق الأمم المتحدة. ويتعلق حق الرأي بأهداف خاصة بالأمم المتحدة، بما في ذلك الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
ذلك الأمر إن دل على شيء فإنه يدل على أن حرية التعبير وضرورة اخذ تلك الحرية أمر عالمي ومعروف لدى دول العالم المختلفة ولكن يجب العلم أن حرية التعبير يتم تقيدها ببعض من الضوابط وذلك حتى يتم تنظيم عملية استعمال تلك الحرية، ومن أجل كذلك الحفاظ على الأخلاق والقوانين الوطنية والدولية وحقوق الإنسان المختلفة.
تعزز حرية التعبير والرأي الحقوق الإنسانية المختلفة، وتعد حرية التعبير بوابة تغيير المجتمع بأكمله في العديد من الدول. تعبر حرية التعبير عن تقدم المجتمع وتطوره الحضاري، حيث يمكن لرأي فرد واحد أن يؤدي إلى الإبداع والتنمية. يجب أن ندرك أن الخوف من حرية الرأي والتعبير ومحاولة كبت الأصوات التي تعبر عن آرائها قد يزيد من التوتر والخوف في المجتمع.
حرية التعبير هي حق لكل فرد يضمن له التعبير عن تجربته في الحياة والاستماع لآراء مختلفة، وتعمل على تعاطف وتكاتف المجتمع. إنها تسمح لأي شخص من أي فئة اجتماعية بالتعبير عن ما يحدث في بلده، وله الحق في دعم أو انتقاد أي شيء سلبي. عندما يتمكن الأفراد في المجتمع من ممارسة حرية التعبير، يعود ذلك بالنفع على المجتمع من خلال اتخاذ قرارات حكيمة تساهم في تطوره.
المجتمع وحرية الرأي والتعبير
بعض الأشخاص تعتقد أن حرية التعبير تعود على المجتمع بالضرر، وكذلك البعض يعتقد أنها أداة لتحريض الأشخاص على بث الكراهية في المجتمع، وكذلك التفرقة العنصرية ولكن حرية التعبير جزء أساسي من حقوق الإنسان، وجزء كذلك من القوانين التي تضعها الدولة سواء كانت قوانين اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو إعلامية.
وذلك الأمر يزيد من انسجام التشريعات والقوانين المختلفة وتوافقها ونجاحها بدلا من إسكات من يعبر عن رأيه ويؤدي إلى فشل تلك القوانين والتشريعات ورغم أن هناك حق التعبير لأي فئة موجودة في المجتمع، نجد أنه يوجد بعض القوانين الأخرى التي تحافظ على الأقليات والفئات المجتمعية دون تناقض أو تمييز، وتحميهم من التحريض على أي شيء.
يجب أن ندرك أن حق الرأي والتعبير لا يمكن استخدامه كوسيلة للتمييز العنصري، ويحظر استخدامه لترويج العداء بين فئات المجتمع. وبالتالي، يتم تقييد حرية التعبير والرأي بعض الشيء، وتنظم في إطار الحقوق الأخرى لكل فئة من فئات المجتمع. تمنح حرية التعبير والرأي فرصا واسعة للسلطة الرابعة للكشف عن الفساد والإبلاغ عنه في أي وقت وفي أي مكان، وتكشف أيضا عن أسباب الفساد. تعمل حرية التعبير والرأي على تقليل العداوات بين فئات المجتمع وتمنع انتشار الأحقاد والشائعات المختلفة، كما تساهم في تعزيز مبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ الشراكة العادلة. وبذلك، تدعم الحرية التعبير والرأي الابتكار والاستثمار وأنشطة منظمات المجتمع المختلفة.
سلبيات حرية التعبير على الأفراد
توجد بعض الآثار السلبية لحرية التعبير التي تعود بشكل خاص على الفرد، وتشمل هذه الآثار:
- يتم تحريض الأفراد على أعمال العنف عندما يتم استغلال حرية التعبير لشخص ما للتشجيع على العمليات العنيفة، ومثال على ذلك هو تشجيع العنف ضد الحيوانات أو الأطفال أو النساء.
- يتعرض بعض الأشخاص للاساءة اللفظية، ويقوم بعض الأشخاص بانتهاك حرمات الآخرين سواءً عن طريق استخدام الألفاظ غير الأخلاقية أو الألفاظ التي تجرح مشاعر الآخرين بحجة التعبير عن الرأي.
- تنتشر العديد من المواقع غير الأخلاقية والغير مرغوبة التي تسبب ضررًا للأسر وخاصة الشباب والأطفال لأنهم هم الأكثر استهدافًا.
- عدم قبول بعض الأشخاص لوجهات نظر الآخرين، مثل الانغلاق على النفس وتكبير قبول بعض آراء الآخرين، وذلك بسبب حرية التعبير الكاملة.
سلبيات حرية التعبير على المجتمع
تنتج بعض الآثار السلبية عن حرية التعبير في المجتمع، ومن بينها ما يلي:
- يتم نشر معلومات كاذبة تحت ذريعة التعبير عن الرأي، وتلك المعلومات لا يوجد لها أساس من الصحة، ويتم استخدام وسائل التواصل المختلفة، وبالتالي يصدق عدد كبير من الناس تلك الشائعات.
- يتم تشجيع الأشخاص على القيام بأعمال تخريبية في الممتلكات الحكومية المختلفة ويتم تحريضهم على العنف في بعض الجماعات المتطرفة، والتي تدعو إلى الانحراف عن القيم والأخلاق والتقاليد الدينية والثقافية.
- قد يؤدي حق الحرية في التعبير إلى حدوث التنمر، وهو ظاهرة شائعة بشكل كبير في مجتمعنا حاليًا، وتسبب هذه الظاهرة أضرارًا نفسية وجسدية واجتماعية للأفراد.
- يتم ترويج بعض الأفكار والمعتقدات التي تشتت أفراد الدولة، وترويج خطاب الكراهية عن طريق الاعتداء على الأشخاص دون وجود أي سبب.