أصدر النائب العام للسلطة الفلسطينية قرارا بمنع رواية الكاتب الفلسطيني `عباد يحى` بعنوان `جريمة في رام الله` وطلب مصادرة النسخ المتواجدة في الأسواق. وقد زعم أن الرواية تحتوي على بعض العبارات والنصوص التي تنتقص من الأخلاق والآداب العامة وتنتهك الحياء، وقد جرى التحقيق مع الكاتب والناشر في هذا الصدد .
تتلخص أحداث هذه الرواية حول ثلاثة شخصيات شابة أساسية ، في وقت ما بعد الإنتفاضة الفلسطينية الثانية ، وكل شاب منهم له عالمه الخاص ويعيش في حكايته ، ولكن تتلاقى هذه الأحداث بعد جريمة أدت لوجود ضحية فتاة شابة في بداية عمرها ، وتتغير حياة هؤلاء الشخصيات بعد هذه الحادثة تماما .
تبدأ الرواية بخبر حدوث الجريمة : أعلنت الشرطة عن مقتل المواطنة ر.س البالغة من العمر 29 عامًا إثر طعنها في ساعة مبكرة من فجر اليوم في شارع فرعي في حي الماسيون في مدينة رام الله، ولا تزال التحقيقات جارية للكشف عن ملابسات الحادث، ولم تعلن الشرطة عن اعتقال أي مشتبه بهم حتى الآن.
ينطلق سرد الرواية بداية من هذا الخبر لينتهي بخبر في النهاية ، وتمضى فصول الرواية ما بين هذين الخبرين ، وقرر الكاتب أن تكون الأخبار سياسية ، إجتماعية أو علمية ، وهذه الأخبار لا يرتبط منها بحبكة القصة إلا عدد قلل جدا ، وباقي الأخبار هي عبارة عن إشارات إلى تاريخ الأحداث التي يمر بها الفصل الروائي بالتتابع ، كما تعتبر أسلوب للسرد تمر خلاله بعض التطورات والأشياء المرتبطة بالجريمة .
شخصيات الرواية
الشخصية الأولى التي تعد محور العمل هي شخصية “رؤوف ” ، الذي يقع في حب فتاة من أول نظرة إلى يدها داخل تاكسي ، ثم يحاول البحث عنها مجددا في جميع شوارع المدينة ، ولكنه يفشل ، ويظل طيفها يلاحقه في جميع الأمكنة ، ويغير ذلك كثير من حياته وتفاصيلها التي يعيشها يوميا ، فنجده يهمل دراسته ، ويعمل في بار “أبو وليم ” ، ويحاول نسيان هذه الفتاة عن طريق تعدد العلاقات العاطفية .
غير أن للحياة تصاريفها المختلفة، إذ إنه، وبعد شهور طويلة من العذاب، يتعرّف إليها في التلفاز تنقل أخبار الجريمة التي حدثت، “كانت هي دنيا، داخل تلفاز دكان صغير من نوع Philips كانت دنيا. في تلك اللحظة تحديداً عرفت اسمها… دنيا. كانت “هي” في كل أشهر الشوق والتعب والرغبة والحب والخوف والأمل”.
يبدأ الكاتب في الدخول إلى عالم المثلية الجنسية عبر شخصية “نور”، وهو الشخصية الثانية، والذي كان يسكن مع “رؤوف”، حيث يغرم به ويشعر بمعاناة بسبب اختفائه الغامض والمفاجئ، وتنقل الرواية صورة الشخصية المثلية في المجتمع العربي، والألم الذي يشعر به بسبب اختلافه، ولذلك أشارت أصابع الاتهام إليه ليكون المتهم الأول في جريمة القتل، حيث يعتبر مصدرا للجرائم والشرور من وجهة نظر الشرطة والمجتمع المحيط به .
بعد تعرضه للسجن والتعذيب، قال نور في خلاصة لتجربته: `أتأكد أنني لم أكن متهمًا في جريمة القتل، بل كنت متهمًا بأحد أكثر الجرائم شيوعًا في العالم، وهي محاولة أن أكون أنا`.
استخدم الكاتب العديد من التقنيات والأساليب في كتابته، بدءا من الأخبار القصيرة وصولا إلى استخدام عدة رواة للحكاية. تم استخدام القفزات الزمنية وتنوع الأزمنة بين الحاضر والماضي. فنجد فصولا تحكي قصة رؤوف حيث يروي أحداثها بلسانه في الماضي، وفصولا تحكي قصة نور وتستخدم الخط المائل للإشارة إلى معاناته في فترة المراهقة، واستخدم الخط العادي لسرد أحداث اتهامه في الجريمة والأحداث الحالية للرواية .
وفي الشخصية الثالثة ” وسام ” ، يستحدم الكاتب أسلوب الراوي ، وتعيش هذه الشخصية حالة من اليأس والكآبة بعدما طعنت حبيبته أمام البار ورجوعه ليحضر هاتفه الذي قد نسيه ، وظل يلاحقه سؤال “ماذا كان علي أن أفعل؟” فقد حاول اللحاق بالمجرم ولعنه عاد إلى جسد حبيبته ليراه غارقا في دمه ، ففشل في إنقاذها أو الإمساك بالقاتل .
يشعر وسام في الخلفية البعيدة بأنه لم يعد يعنيه الأمر بمفرده، ويشعر بالتهديد من كل هؤلاء. يهرب إلى شقته وينعزل ليعيد ترتيب الأمور ويتحكم في ما حدث بمفرده، وللتأكد من أنه هو من يحكم الأمور بالكامل. وتدور في رأسه أسئلة بلا إجابة إلا لديه، فماذا كان يجب عليه أن يفعل؟ أن ينقذها أم يمسك بالقاتل؟ ولماذا فشل في كلاهما؟ ومن أين جاء هذا الفشل المطلق؟.
تميزت هذه الرواية بتقديم صورة واقعية للحالة السياسية والاجتماعية التي يواجهها جيل الشباب الفلسطيني، الذي يعيش تناقضات كثيرة نتيجة لوراثة القضايا الكبرى والهزائم والمعاناة اليومية والشخصية، مما جعل هذا الجيل ضحية للأحداث .
نبذة عن الكاتب عباد يحى
الكاتب عباد يحى هو روائي فلسطيني يقيم في رام الله ، كما أنه صحفيا وباحثا في علم الإجتماع ، وقام بتأليف 4 روايات وهي “رام الله الشقراء”، “القسم 14″، “هاتف عمومي” و”جريمة في رام الله”.
الناشر: منشورات المتوسط/ إيطاليا
عدد الصفحات: 240
الطبعة الأولى: 2017
يمكن شراء الرواية من موقع نيل وفرات.