اسلاميات

أمثلة على أعمال القلوب

أشهر أمثلة على أعمال القلوب

تكون الحياة مليئة بالتحديات والمشاكل والفتن، وتواجه القلوب بأنواع مختلفة من الخطايا والذنوب، وتجعل القلوب في حالة من الهم والحزن والألم، وتضغط عليها بأعباء الحياة ومغرياتها. لذلك، يحتاج القلب إلى صفاء وأعمال ترفع عنه الألم وتطهره من الخطايا، وتخفف عنه الهموم. وتعتبر أعمال القلوب رابطا مهما يربطها ببعضها البعض، ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض. وتترابط هذه الأعمال وتتفاعل بينها، ولا يمكن لأي منها أن تكون مستقلة عن الأخرى. وتعرف أعمال القلوب في المفهوم الشرعي بأنها الأعمال التي يتم محلها في القلب، وأعظم هذه الأعمال هو الإيمان بالله وحده وعدم وجود شريك له، ومن بين أعمال القلوب الإخلاص واليقين والتأمل والخشوع والمراقبة والورع والتوكل والمحبة والرجاء والخوف والصبر والرضا والشكر والغيرة والحياء والتوبة، وكل هذه الأعمال تتطلب من الفرد أن يتوجه إلى الله ويطلب مساعدته، وأن يتخلص القلب من الشوائب المتراكمة فيه. ولكل من هذه الأعمال خصوصيتها التي سنوضحها في التفصيل التالي

الإخلاص

ويقصد بالإخلاص أي أصبح صافي خالي من الشوائب، ومن ذلك أخلص الدين لله أي أنه توجه بفعله لاه فقط لا سمعة ولا رياء في ذلك  ، وكلمة الإخلاص هي كلمة التوحيد عند علماء المسلمين، ولذلك تعني كلمة الإخلاص في الاصطلاح الشرعي ، أن المخلصين هم الموحدين بالله تعالى وحده ، وكما ذكر ابن القيم أن الإخلاص هو توحيه النية في العمل والطاعة ابتغاء الله دون شريك.

يطلق على الشخص اسم مخلص إذا أصبح لا يهتم إن لم يعد له مكانة في نفوس الخلق، ولكن قلبه صالح مع ربه، ويحب أن يبقى على الخير الذي يفعله والبر والصلاح بينه وبين ربه، ولا يرغب في أن يشهد عليه أحد بالمدح والكلام الجيد، ويبقى ما بينه وبين ربه سرا لا يرغب في أن يعلمه أحد إلا رضا الخالق، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: `وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء` [البينة: 5]، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: `قل الله أعبد مخلصا له ديني` [الزمر: 14]. وقال أيضا: `قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له ۖ وبذٰلك أمرت وأنا أول المسلمين` [الأنعام: 162-163] .

وعلى العكس من أولئك الذين يعملون الخير ويبذلون جهودهم لإرضاء الناس والحصول على شهرة وسعيا للمدح والذكر الحسن، فإن هؤلاء هم الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنهم `من يرغب في الحياة الدنيا وزينتها، نديم لهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك هم الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار` [هود: 15-16].

اليقين

إن المبتدأ في أعمال القلوب هو العلم ولذا كان قول الله سبحانه وتعالى [فَاْعلَمْ أَنَّهُ لاْ إِلَه إِلاْ الله وَاْسّتَغْفِرْ لِذَنْبِك ] سورة  [محمد:19] ” وبداية ما يدخل قلب العبد الموحد بالله هو العلم بخالقه سبحانه وتعالى مع إيمانه به ، والعلم بأنه لا إله إلا الله وتعد تلك هي قول الحق ، حسب ما نقله العلماء  قول رب العالمين [ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] [الزخرف:86] ، وبذلك اليقين والعلم أنه لا خالق سوى الله ، ولا قادر سواه ولا مدبر ، ولا معين ، ولا غفور ولا رزاق ولا محي ولا مميت سواه رب العالمين.

التفكر 

إن التأمل، على الرغم من كونه عملا عقليا، يتم بواسطة القلب بدلا من العقل، وذلك لأن التأمل يؤدي إلى زيادة الإيمان واليقين بالله. عبادة التأمل تعتبر من العبادات السهلة التي لا تتطلب جهدا خاصا أو ترتيبات معينة أو مجهود، ومع ذلك، فإنها تؤثر بشكل عميق في النفس، حيث يبدأ القلب ببعض الخطوات الصغيرة، يركز فيها على آيات الله العظيمة وقدرته اللا توصف واللا محدودة، وتدبيره السبحاني والتسهيل الذي يقوم به في خلق الكون للعبادة.

وتحتاج عبادة التفكر إلى قلب نقي، يستطيع رؤية عظمة الله في خلق الكون والتفرغ عن الظواهر، يلتفت إلى الآيات وينظر في الدلائل التي تؤكد عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته على تنظيم الكون، تلك السماء المرتفعة دون أعمدة تراها العيون، ولا توجد بها تشققات منذ آلاف السنين، وهذه الجبال التي تثبت الأرض ولا تتزعزع، وهذا الإنسان الضعيف والمتواضع، كلها أمور يؤدي تأملها بطمأنينة القلب إلى توحيد الله وصفاته التي يتجنب الشبهة أن يكون مثله شيئا.

الخشوع 

يعتبر الخشوع من الأعمال الهامة للقلوب، حيث يعني الإذلال لله سبحانه وتعالى، وهو قيام قلب الإنسان بين يدي الله، وتذلل القلب، وهو معنى يدور بين الخشية والسكون، ويجب أن يتوفر الخشوع في هذين الأمرين ليتم الخشوع. يخشع القلب كما تخشع الجوارح، وهناك أعمال الجوارح في الصلاة مثلا من حركات الرفع والقيام والتشهد، فالقلب يعتمر بالسكون والتعظيم والتواضع لله، والسكون في كل سيئ البصر والجسد وغيره، والتواضع من متطلبات الخشوع، والخشوع في غاية الأهمية، ومن فقد الخشوع فقد واجبا من واجبات الصلاة عند بعض العلماء، وتتبع الجسد إجلال الرب وخشوع القلب فتسكن الجوارح وتبكي العين، ويرتجف الجسد والأطراف، وينسى الفرد كل ما حوله سوى الصلاة التي يؤديها لله، لا في روحه ولا قلبه ولا عقله، سوى الهيبة والخوف من الله. ومن الأمور التي تعين على الخشوع: تهيئة المكان والنفس والجسد والقلب، ومنع المشتتات الجانبية، وفهم وتدبر معاني كلمات القرآن الكريم، والإقبال على الله بقلب سليم، وصدق النية، والعزم على التقرب لله سبحانه وتعالى والدعاء

التوبة 

التوبة والعودة إلى الله هما عمل عظيم من أعمال القلوب، فلا يوجد مسلم لم يرتكب ذنبا في حياته، ولا يوجد شخص لم يذنب من قبل. فالتوبة تأتي من قلب واع يدرك خطورة الذنب وعظم الإثم، ولا يستهين بأي ذنب أو معصية. ويعود المؤمن إلى الله باكيا ونادما ومستغفرا وطالبا العفو والمغفرة، وهذا يعتبر تعظيما لجلال الله، فالعفو والمغفرة لا يمكن الحصول عليهما إلا من الأعظم، ولا يمكن الحصول عليهما إلا بالخوف والرجاء والرغبة والحب والتمني برضا الله

التوكل

الاعتماد على الله تعالى هو اعتراف كبير بضعف الإنسان وعجزه، وتواضعه أمام الخالق العزيز الجليل. فالمعتمد يعطي ويسهل أموره، ويهتم بحاله، ويتدبر أموره، ولا يخشى شيئا سوى الله، مدركا أنه هو الذي يدبر الأمور بمفرده، وأنه هو القادر المتمتع بالعزة والذلة. وإذا أراد الخير لعبده، فلن يمنعه شيء، وإذا كتب عليه الشر الذي يكرهه، فلن يمنعه شيء. لذلك، التوكل هو واحد من أبواب اللجوء إلى الله تعالى، مع الثقة الكاملة في حكمته وتدبيره، وعدم وجود من يمنع مشيئته السبحانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى