الأب هو صاحب القلب الكبير والصدر الحنون، فهو السند والظهر ولا يمكن أن يقدر الإنسان على فراق الأب ، فمهما كبر الإنسان يتعلق أكثر بحنان الأب ، فهو القدوة الحسنة وهو النور الذي يضئ حياة كل أسرة لأنه أصل الإصلاح، ومهما كانت الكلمات فإنها لا تصف مدى الحب لكل منا تجاه الأب فمنه نتعلم حب الحياة، لذلك أبدع الشعراء العرب في وصف الحب في حياته ومماته لتبين مدى دور الأب في حياتنا، ومن هنا نقدم أفضل ما قيل عن الأب من قصائد وأشعار على مر الزمان.
أحمد شوقي
سأَلوني: لماذا لم يورثني أبي؟ ولماذا يعتبر وراثة الأب دينًا؟
يا لك من لئيم! ما أظلمتنا! أين هو العقل الذي يجلب السعادة؟
يا أبي، مهما كنتَ في هذا العالم، فكل نفس محتومة بالموت
لقد هلكت قبلك أمم وقرى، ونعى الناس خير الثقلين
هدف الإنسان ، ولو طال الأمد … يأخذه بأصغر الفرص
يتولى الطبيب المجهول المعاناة بصمت، ويعاني من حنين مكتوم
للموت يدٌ إذا ضربت، وهي قريبة من تفتت العظام
يهب الجو على قمم الجبال ويصطدم الليث فيما بينهما
وتُلقي الفرخ من يديها … وتحصل الببغاء على ما يصل إلى مئتين
أنا مِنْ مَاتَ، ومن مات أنا… نحن نواجه الموت مرتين
كنا مهجة في جسدٍ واحد… ثم صرنا مهجة في جسدين
ثم عدنا إلى الحياة في جسدٍ … ثم نُلقى جثَّة في كفنين
ثم نعيشُ في عليٍ بعدنا… ونحنُ نُبْعَثُ معه في أولى البعثتين
انظر الكونَ وقلْ في وصفه . . . . قل: هما الرحمة ُ في مَرْحَمتين
فقدنا الجنة عندما غادرناها، ونحن نستمتع بنعمهما في جنتين
وهما العذرُ إذا ما أُغضِبا، ووهما الصّفحُ لنا مُرْضِيَيْنِ
يا ليت شعري لم يدنِّ بما أدناني به اثنان بدءًا
قال الشاعر: `ما أبي إلا أخ فارقته… وأمات الرسل إلا الوالدين`
كلما تعشمنا بالجلوس على مائدة، كانت الكسرة فيها تكسر مرتين
شربنا من وعاء واحد، وغسلنا أيدينا فيه بعد ذلك
سارنا يدين بيد، ومن رأى ذلك قال عنا: إنهما أخوان
نظر الدهر إلينا بنظرة، فأدت إلى تسوية الخير والشر في حياتين
يا أبي، الموت كالكأس المرة، فلا تذوق النفس منه مرتين
كيف كانت الساعة التي قضيتها؟ هل كانت كل شيء قبلها أو بعدها سهلًا؟
– هل شربت الموت فيها جرعة واحدة… أم شربت الموت فيها جرعتين؟
لا تخف بعد رحيلك من الحزن أو البكاء، لقد تجمدت عيوني وعينيك اليوم
أنت علمتني كيف أترك الحزن… كل زين ينتهي بالموت
ليت شعري: هل يمكننا أن نلتقي مرة أخرى، أم أن هذا هو انفصال المحبين؟
في حال موتي ودفني، هل سألقى حفرة واحدة أم اثنتين؟
الميداني
يا للعجب من يتذكر طفولتي، حينما كنتُ أطعمه بأطراف البنان
أُعَلِّمُهُ الرمايةَ كُلَّ يومٍ، فلما اشتدَّ ساعدُهُ رماني
أُعَلِّمُه الفتوة كل وقت، لكن عندما طرَّ شاربُه، جفاني
علمته نظم القوافي، وعندما قال قافية هجاني
ايليا ابو ماضي
بعض نفسي قد تموت إذا ماتت أنت، والآخر ينزف دموعًا عند فقدانك
أبي! خانني فيك الردى فتقوضت… مقاصير أحلامي كبيت من التين
وكانت رياضي وهي تضحك … حيث أصبحت أقوى وزهرتها تتفتح بعيدًا عن الأحزان
محمد أبو العلا
وَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ
وأُقْصِيتَ عَنَّا
فَلَمَّا فَقَدْناكَ ذاكَ النَّهارْ
وجُرِّدْتَ مِنَّا
أتينا إليْكْ
بَكَيْنا عَلَيْكْ
فَقَدْ كُنْتَ فينا كعصْفورِ أيْكْ
بِحُبٍ تَغَنَّى
وقَدْ كُنْتَ فينا مع الحُلْمِ حُلْمَاً
معَ العُمْرِ عُمْرَاً
معَ اللَّيْلِ بَدْراً بهِ قَدْ فُتِنَّا
وَأَصْبَحْتَ طَيْفَاً بَعيدَ المَزارْ
أبو القاسم الشابي
لم أكُنْ أتوقعُ أنَّ مشاعِري ستبقى أعمى بالحُزنِ بعد وفاتِكَ يا أبي
سأشرب من نهر الحياة وأروي عطشي، وأشعر بالنشوة والسعادة
أعود إلى الحياة بقلبٍ ينبض بالحب والأفراح والألحان
ومن كل ما في الكون من صور الجمال والأهواء الغريبة والأحاسيس
حتى تثور الأحزان وتتقدم تحت سحر الحياة الفنان
إذا كُنت ما زلت طفلاً، ستبقى شغوفًا بتتبُّع الأضواء والألوان
جاسم الصحيح
أبي تعالَ.. ويجري من (تعالَ) دمُ
كأنَّما الجرحُ في قلبِ الحروفِ طَرِي
بَردُ الغيابِ تغشَّاني، فمعذرةً
إذا تَدَفَّأتُ بالأطيافِ والصُّوَرِ
بكى السريرُ الذي ما كنتَ تَأنَسُهُ
حتى أغطِّيكَ بالآياتِ والسُّوَرِ
بكى السريرُ وقد حَنَّتْ قوائمُهُ
مثلي، إلى أصلِها المقطوعِ من شجرِ
من قبل موتكَ أعوامي مؤجَّلةً
واليومَ أقفزُ للخمسين من عُمُري
مَنْ ذا سيمسحُ رأسي بعدما انْقَدَحَتْ
فيه السنين، وطاشَ الرأسُ بالشَّررِ؟
كم انحنيتَ على مهدي تُمَسِّدُهُ
مثل انحناءةِ عَزَّافٍ على وَتَرِ!
وكمْ رددتَ غطائي حين بَعثَرَهُ
رُعبُ الكوابيسِ في إغفاءةِ السَّحَرِ!
روحُ الأُبُوَّةِ تحمينا من الكِبَرِ
لا يوجد أب يفوق حاجة الناس إليه
بكى السريرُ وقد حَنَّتْ قوائمُهُ
أنا مثل الشجرة التي قطعت جذورها
وأقسمُ بالقبر الذي أنفرطتْ
فيه عظامكَ من إكسيرهاالنَّضِرِ
روحُ إنتمائي لهذي الأرض ماأكتملتْ
حتى زرعُتكَ بين الطين والمدرِ
آباؤنا يالأفعالٍ مضارعةٍ
مرفوعةٍ بالضنا والكدّ والسهر
هم يحملون الليالي عن كواهلنا
فيكبرون ونبقى نحن في الصغر
أبو العلاء المعري
وأعط أباك النصف حيا وميتا
وفضل عليه من كرامتها الأما
أقلك خفا إذا أقلتك مثقلا
وأرضعت الحولين واحتلمت تما
وألقتك عن جهد وألقاك لذة
وضمت وشمت مثلما ضم أو شما
جنى أبٌ ابنًا غرضًا، فإذا عقَّ فهو على جرمٍ يكافيه
تحمل عن أبيك الثقل يوما
إذا ضعفت قواه، فإن الشيخ سيأتي إليك
بدلا من قضاء ما لا ترغب به وتفضل الفوز بما تملك