إيليا أبو ماضي هو شاعر لبناني مهجر يعتبر من أهم الشعراء، وهو من عائلة بسيطة جدا. لم يتمكن من إكمال دراسته في لبنان بسبب الفقر، وانتقل إلى مصر للعيش مع عمه وعمل كتاجر للتبغ. نشرت أول قصائد إيليا أبو ماضي في مجلة “الزهور” مع أمين تقي الدين، وتوالت بعدها قصائده في ديوانه الأول الذي يحمل اسم “تذكار الماضي” الذي نشر في العام 1911م، وكان عمره حينها 22 عاما.
في تلك الفترة، كان الشاعر إيليا أبو ماضي يتجه سياسيا، وكانت قصائده حماسية، مما أزعج السلطات. اضطر إلى الهروب من سلطة الحكم والذهاب إلى الولايات المتحدة ثم نيويورك، وكان ينشر المزيد من القصائد في كل مكان، حتى أسس الرابطة القلمية مع ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران.
أهم أعمال ايليا أبو ماضي :
ديوان تذكار الماضي
ديوان تبر وتراب
ديوان الجداول
ديوان الخمائل.
أصدر الشاعر إيليا أبو ماضي مجلة عربية هامة باسم `مجلة السمير` في 15 أبريل 1919م، وكانت نافذة على تأثير الأفلام المغتربة وتقديم الشعر الحديث، ثم تحولت فيما بعد إلى جريدة يومية نظرا لنجاحها المتزايد، وظلت الجريدة تصدر حتى وفاة الشاعر إيليا أبو ماضي نتيجة نوبة قلبية حادة في عام 1957م.
فلسفة الحياة
أيّهذا الشّاكي وما بك داء
كيف تغدو إذا غدوت عليلاً
إنّ شرّ الجناة في الأرض نفس
تتوقّى قبل الرّحيل الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود وتعمى
أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبءٌ على الحياة ثقيل
من يظنّ الحياة عبئاً ثقيلا
والّذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الحياة شيئاً جميلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه
لا تخف أن يزول حتّى يزولا
أيّهذا الشاكي وما بك داء
كن جميلا ترى الوجود جميلا
العيون السود
ليت الذي خلق العيون السودا
خلق القلوب الخافقات حديدا
لولا نواعسها ولولا سحرها
ما ودّ مالكٌ قلبه لو صيدا
عَوذْ فؤادك من نبال لحاظها
أو متْ كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم
كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا
وإذا طلبت مع الصّبابة لذةً
فلقد طلبت الضّائع الموجودا
يا ويح قلبي إنّه في جانبي
وأظنّه نائي المزار بعيدا
مستوفزٌ شوقاً إلى أحبابه
المرء يكره أن يعيش وحيدا
برأ الإله له الضّلوع وقايةً
وأرته شقوته الضّلوع قيودا
فإذا هفا برق المنى وهفا له
هاجت دفائنه عليه رعودا
جشَّمتُهُ صبراً فلما لم يطقْ
جشمته التّصويب والتّصعيدا
لو أستطيع وقيته بطش الهوى
ولو استطاع سلا الهوى محمودا
هي نظرة عَرَضت فصارت في الحشا
ناراً وصار لها الفؤاد وقودا
والحبٌ صوتٌ، فهو أنّة نائحٍ
طوراً وآونة يكون نشيدا
يهب البواغم ألسناً صداحة
فإذا تجنّى أسكت الغريدا
ما لي أكلّف مهجتي كتم الأسى
إن طال عهد الجرح صار صديدا
ويلذُّ نفسي أن تكون شقيّةً
ويلذّ قلبي أن يكون عميدا
إن كنت تدري ما الغرام فداوني
يعد الشاعر ايليا أبو ماضي من أهم الشعراء الذين تناولوا الكلمة بطريقة لا تخترق الاذن بل إلى قلب دائما فهو يتمتع بحس فني للكلمة محمل بالانغام، واتسم شعر ايليا أبو ماضي بالتفاؤل والحب للحياة وكل شئ جميل فيها والبحث عن ما بداخلنا من جمال الروح ليظهر العالم من حولنا بصورة أجمل ونظرة تحمل التفاؤل والحب والعمل للوطن وللحبيبة وللحياة سواء في السياسة أو في الحياة اليومية.