الافضلمنوعات

أفضل قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش

عندما نتذكر فلسطين والأرض المحتلة نتذكر دائما المناضلين والذين دافعوا عن الأرض المحتلة بكل ما لديهم من قوة حتى وإن كان طريقة الدفاع هي القلم الذي عبر عن معاناة كل مواطن فلسطيني، فشاعرنا العظيم محمود درويش هو من أبرز الشعراء الفلسطينيين الذين كتبوا وأبرزوا مدى الظلم والواقع الأليم من وراء الإسرائيليين، حتى استطاع هذا الشاعر العظيم أن يحصد مجموعة كبيرة من القصائد والأشعار الرائعة جدا والتي تتميز بحلاوة اللفظ والتشبيه، فقد خيط محمود درويش قصائده من بين آثار العنف والدمار في فلسطين حتى أصبحت تحكي عن أشلاء هنا ودماء هناك، لذلك اخترنا بعض قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش التي تعتبر من أهم وأفضل القصائد له .

1- قصيدة عابرون في كلام عابر
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا
واجعلوا من زرقة البحر ورمال الذاكرة ما شئتم
واختار أي صورة تريد لتتعرف عليها
أنكم لن تعرفوا
كيف يمكن للحجر أن يبني سقف السماء من أرضنا
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
منكم السيف – ومنَّـا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنَّـا لحمنا
منكم دبابة أخرى- ومنا حجرُ
منكم قنبلة الغاز – ومنا المطرُ
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقصٍ.. و انصرفوا
وعلينا، نحن، أن نحافظ على ذكرى الشهداء..
وعلينا، نحن، أن نعيش كما نحن نشاء
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
كالغبار المُرّ مرّوا أينما شئتم ولكنْ
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعملُ
لدينا قمح نربيه ونسقيه بنداء أجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا :
حجر… أو حَجَلُ
خذوا الماضي، إذا شئتم، إلى سوق التحف
يرجى إعادة هيكل العظام للهدهد، إذا كنتم ترغبون،
على صحن خزف.
فلنا ما ليس يرضيكم: لنا المستقبلُ
ولنا في أرضنا ما نعمل

القصيدة الغريبة هي النهر وأنتِ حبيبتي
الغريبُ النهرُ – قالتْ
و استعدَّت للغناءْ
لم نحاول التعبير عن لغة الحب، ولم نزر النهر عبثًا
و أتاني الليلُ من منديلها
لم يأتِ ليلٌ مثل هذا الليل من قبل، فقدَّمْتُ دمي للأنبياء
ليموتوا بدلاً منا..
و نبقى ساعة فوق رصيف الغرباءْ
و استعدَّت للغناءْ.
وحدنا في لحظة العُشّاقِ
أزهار على الماءِ
و أقدام على الماءِ
إلى أين سنذهبْ؟
للغزال الريح والرمح، وأنا السكين والجرح.
إلى أين سنذهب؟
ها هي الحرية الجميلة تتدفق في شراييني المقطوعة،
عيناكِ و بلدانٌ على النافذة الصغرى
يا عصفورة النار، إلى أين سنذهب؟
للغزال الريحُ و الرمحُ،
يأتي للشاعر وقت من الماء وأقل من الحبال
الشَّنْقِ.
يا عصفورة المنفى! إلى أين سنذهبْ؟
لم أقل وداعاً لك، لأنني شعرت بأن سطح الأرض قد غادرنا..
– “معك دائمًا نلتقي بين وداع وآخر.
أشهد الآن أن الحب مثل الموت
يأتي حين لا ننتظر الحبَّ،
فلا تنتظريني…
الغريبُ النهرُ – قالتْ
و استعدَّت للسّفرْ.
الجهاتُ الستُّ لا تعرف عن ((جانا))
سوى أنَّ المطرْ
لم يُبَلِّلها.
و لا تعرف عنها
غير أني قد تغيَّرتُ تغيَّرتُ
تصبَّبْتُ بروقاً و شجرْ
و أسرتُ السنبادْ.
و الغريبُ النهرُ – قالت
ها هو الشيء الذي نَسْكُتُ
قد صار بلادْ
ها هِي الأرض لبتي نسكُنُ
قد صارت سفر.
و الغريبُ النهرُ – قالت
و استعدَّت للسفر.0وحدنا لا ندخل الليلَ
لماذا يتمنّى جسمُكِ الشّعر
و زهر اللوتس الأبعدَ من قبري
لماذا تحلمين
بمزيدٍ من عيون الشهداءِ؟
اقتربي مني يزيدوا واحداً
((خبزي كفاف البرهة الأولى))..
و أمضي نحو وقتي و صليب الآخرين.
وحدنا لا ندخل الليل سدى،
يا أيها الجسم الذي يختصرُ الأرض،
يا أرض، التي تتخذ شكلاً مشابهًا للجسد الروحي
كوني لأكونْ.
حاولي أن ترسميني قمراً
ينحدر الليلُ إلى الغابات خيلاً
حاولي أن ترسميني حجراً
تمضي المسافاتُ إلى بيتيَ خيلاً
فلماذا تحلمين
بمزيدٍ من وجوه الشهداءِ

3- قصيدة الرمل
إنَّه الرملُ
مساحاتٌ من الأفكار و المرأةِ،
فلنذهب مع الإيقاع حتى حتفنا
في البدء كان الشجر العالي نساء
كان ماء صاعداً، كان لغة.
هل تموت الأرض كالإنسان
هل يحملها الطائر شكلاً للفراغ؟
البداياتُ أنا
و النهاياتُ أنا
و الرمل شكل و احتمال.
برتقال يتناسى شهوتي الأولى.
أرى فيما أرى النسيان، فقد يهدد الأزهار الهشة،
الرمل هو الرمل. أرى عصراً من الرمال يغطينا،
و يرمينا من الأيام.
ضاعت فكرتي و امرأتي ضاعتْ
و ضاع الرمل في الرملِ..
البداياتُ أنا
و النهاياتُ أنا
و الرمل جسم الشجر الآتي،
غيومٌ تشبه البلدانَ.
لونٌ واحدٌ للبحر و النوم ِ.
و للعشاق وجهٌ واحدٌ،
سنتعود على استخدام القرآن لتفسير ما يحدث حولنا،
سنرمي ألفَ نهرٍ في مجاري الماء.
الماضي هو الماضي، وسيظهر في انتخابات المرايا
سيِّدَ الأيّام ِ.
و النخلةُ أمُّ اللغة الفصحى.
أرى، فيما أرى، مملكة الرمل على الرمل
و لن يبتسم القتلى لأعياد الطبولْ
و وداعاً… للمسافاتوداعاً… للمساحات
وداعاً للمغنين الذين استبدلوا((القانون))بالقانون كي
يلتحموا بالرمل…
مرحى للمصابين برؤيايِ، و مرحى للسيولْ.
البداياتُ أنا
و النهاياتُ أنا
أسير نحو حائط الإعدام مثل الطائر الغبي،
و أظن السهمَ ضلعي
و دمي أغنيةَ الرمّان. أمشي
و أغيب الآن في عاصفة الرمل،
سيأتي الرمل رملياً
و تأتين إلى الشاعر في الليل، فلا
تجدين الباب و الأزرق،
ضاعت لفظتي و امرأتي ضاعتْ..
سيأتي… سوف يأتي عاشقان
يأخذان الزنبق الهارب من أيامنا
و يقولان أمام النهر:
كم كان قصيراً زمن الرمل
و لا يفترقان
البداياتُ أنا
و النهاياتُ أنا

4- قصيدة المدينة المحتلة
الطفلة احترقتْ أُمُّها
أمامها..
احترقتْ كالمساءْ.
و علَّموها: يصير اسمُها-
في السَّنةِ القادمهْ-
سيِّدَة الشهداءْ
و سوف تأتي إليها
إذا وافق الأنبياء!
الطفلة احترقتْ أُمُّها
أمامها..
احترقت كالمساء.
من يوهما،
لا تحبُّ القمر
و لا الدُّمى
كُلَّما
جاء المسا، صرخت كُلُّها:
أنا قتلتُ القمر
لأنه قال لي:…. قال.. قال:
أمُّكِ لا تشبه البرتقال
و لا جذوع الشجر
أمُّكِ في القبر
لا في السماء.
الطفلة احترقتْ أُمُّها
أمامها..
احترقت كالمساء..

5- عائد إلى يافا
هو لآن يرحل عنّا
و يسكن يافا
و يعرفها حجراً.. حجراً
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقلِّدهُ..
تقلِّد موعده الأخضرا.
هو الآن يعلن صورته-
و الصنوبر ينمو على مشنقهْ
هو الآن يعلن قصَّته-
و الحرائق تنمو على زنبقهْ
هو الآن يرحل عنّا
ليسكن يافا
و نحن بعيدون عنه،
و يافا حقائبُ منسيَّة في مطارْ
و نحن بعيدون عنه؛
لنا صُوَرٌ في جيوب النساء،
و في صفحات الجرائد،
نعلن قصَّتنا كل يوم
لنكسب خصلة ريح و قبلة نار.
و نحن بعيدون عنه،
نهيب به أن يسير إلى حتفه..
نحن نكتب عنه بلاغاً فصيحاً
و شعراً حديثاً
ونستمر… لنتخلص من حزننا في مقاهي الرصيف
و نحتجُّ: ليس لنا في المدينة دار.
و نحن بعيدون عنه،
نعانق قاتله في الجنازة،
نسرق من جرحه القطن حتى نلمِّعَ
أوسمة الصبر و الانتظار
هو الآن يخرج منا
كما تخرج الأرض من ليلة ماطرهْ
و ينهمر الدمُ منهُ
و ينهمر الحبر منّا.
و ماذا نقول له؟- تسقط الذاكرهْ
على خنجر ٍ؟
و المساءُ بعيدٌ عن الناصرهْ!
هو الآن يمضي إليه
قنابل.. أو برتقاله
وهو لا يدرك الفروق بين الجريمة وتحقيق الحقوق
و بين العدالهْ
و ليس يصدِّق شيئاً
و ليس يكذِّبُ شيئاً.
هو الآن يمضي.. و يتركنا
كي نعارض حيناً
و نقبلَ حيناً
هو الآن يمضي شهيداً
و يتركنا لاجئينا!
و نام
و لم يلتجئ للخيام
و لم يلتجئ للموانئ
و لم يتكلَّمْ
و لم يتعلَّمْ
و ما كان لاجئ
هي الأرض لاجئةٌ في جراحه
و عاد بها.
لا تقولوا: أبانا الذي في السماوات
قولوا: أخانا الذي أخذ الأرض منّا
و عاد..
هو الآن يُعدمُ
و الآن يسكن يافا
و يعرفها حجراً.. حجراً
و لا شيء يشبهه
و الأغاني
تقلِّدهُ.
تقلِّد موعده الأخضرا
لترتفع الآن أذرعةُ اللاجئين
رياحاً.. رياحا.
لتنتشر الآن أسماؤهم
جراحاً.. جرحا.
لتنفجر الآن أجسادهم
صباحاً.. صباحاً.
لتكتشف الأرضُ عنوانها
و نكتشف الأرضَ فينا.

6- قصيدة جواز السفر
لم يعرفوني في الظلال التي
تمتصُّ لوني في جواز السفرْ
و كان جرحي عندهم معرضاً
لسائح يعشق جمع الصور
لم بعرفوني، آه.. لا تتركني
كفي بلا شمس ٍ،
لأن الشجر
يعرفني..
تعرفني كل أغاني المطر
لا تتركيني شاحباً كالقمر!
***
كلُّ العصافير التي لاحقتْ
كفي على باب المطار البعيد
كل حقول القمح،
كل السجون،
كل القبور البيض
كل الحدودِ،
كل المناديل التي لوَّحتْ،
كل العيونِ
كانت معي، لكنهم
قد أسقطوها من جواز السفر!
***
عار ٍ من الاسم، من الانتماء؟
في تربة ربَّيتها باليدين؟
أيوب صاح اليوم ملء السماء:
لا تجعلوني عبرة مرتين!
يا سادتي! يا سادتي الأنبياء
لا تسألوا الأشجار عن اسمها
لا تسألوا الوديان عن أمها
من جبهتي ينشق سيف الضياء
و من يدي ينبع ماء النهر
كل قلوب الناس.. جنسيتي
فلتسقطوا عني جواز السفر!

7- العصافير تموت في الجليل
– نلتقي بعد قليل
بعد عامٍ
بعد عامين
و جيلْ..
و رَمَتْ في آلة التصوير
عشرين حديقهْ
و عصافيرَ الجليل.
و مضتْ تبحث، خلف البحر،
عن معنى جديد للحقيقهْ.
– وطني حبل غسيل
لمناديل الدم المسفوك
في كل دقيقهْ
و تمددت على الشاطئ
رملاً.. و نخيلْ.
هِيَ لا تعرف-
يا ريتا! وهبناكِ أنا و الموتُ
سِرَّ الفرح الذابل في باب الجماركْ
و تجدَّدنا، أنا و الموت،
و في شبّاك دارك.
و أنا و الموت وجهان-
لماذا تهربين الآن من وجهي
لماذا تهربين؟
و لماذا تهربين الآن ممّا
يجعل القمح رموشَ الأرض، ممّا
يجعل البركان وجهاً آخراً للياسمين؟..
لم يتبعني في الليل سوى صمتها
حين يمتدُّ أمام الباب
كالشارع.. كالحيِّ القديمْ
ليكن ما شئت يا ريتا، فالصمت هو الأفضل
و براويز نجوم
أو مناخاً لمخاض الشجرهْ
إنني أرتشف القُبلَة
من حدِّ السكاكين،
تعالي ننتمي للمجزرهْ!..
سقطتْ كالورق الزائد
أسراب العصافير
بآبار الزمنْ..
وأنا أنتشل الأجنحة الزرقاء
يا ريتا،
أنا مَنْ تحفر الأغلالُ
في جلديَ
شكلاً للوطنْ…

8- طوبى لشيء لم يصل!
هذا هو العرسُ الذي لا ينتهي
في ساحة لا تنتهي
في ليلة لا تنتهي
هذا هو العرسُ الفلسطينيُّ
لا يصل الحبيبُ إلى الحبيبْ
إلاّ شهيداً أو شريداً
دمُهم أمامي..
يسكن اليوم المجاورَ-
صار جسمي وردةً في موتهمْ..
وذبلت في اليوم الذي سبق الرصاصة
و ازدهرتُ غداةَ أكملتِ الرصاصةُ جُثَّي
وجمعت صوتي كله لأكون هادئا أكثر من الدم
غطّى دمي…
دمُهم أمامي
يسكن المدنَ التي اقتربتْ
كأنَّ جراحهم سفنُ الرجوعِ
و وحدهم لا يرجعون…
دمُهم أمامي..
لا أراهُ
كأنه وطني
أمامي.. لا أراهُ
كأنَّه طرقات يافا-
لا أراهُ
كأنَّه قرميد حيفا-
لا أراهُ
كأن جميع نوافذ الوطن اختفت في اللحم
وحدهم يرون
و حاسَّةُ الدم أينعت فيهم
و قادتهم إلى عشرين عاماً ضائعاً
و الآن، تأخذ شكلها الآتي
حبيبتُهم..
و ترجعهم إلى شريانها.
دمُهم أمامي..
لا أراهُ
كأن جميع شوارع الوطن اختفت في اللحم
وحدهم يرون
لأنهمْ يتحررون الآن من جلد الهزيمةِ
و المرايا
ها هُم يتطايرون على سطوحهم القديمةِ
كالسنونو و الشظايا
ها هم يتحررون…
طوبى لشيء غامضٍ
طوبى لشيء لم يصل
فكّوا طلاسمه و مزَّقهُمْ
فأرَّخْتُ البداية من خطاهم
( ها هي الأشجار تزهرُ
في قيودي)
و انتميت إلى رؤاهم
(ها هي الميناء تهرُ
في حدودي)
والحلم دائما صادق. لا فرق بين الأحلام
و الوطن المرابط خلفَهُ…
والحلم دائما صادق. لا فرق بين الأحلام
و الجسد المخبَّأ في شظيَّهْ
والسفحُ أكبر من سواعدهمْ
و لكنْ..
حاولوا أن يصعدوا
و البحر أبعد من مراحلهم
و لكن..
حاولوا أن يعبروا
و النجمُ أقرب من منازلهم
و لكن..
حاولوا أن يفرحوا
و الأرضُ أضيق من تصورهم
و لكن..
حاولوا أن يحلموا
طوبى لشيء غامض!
طوبى لشيء لم يصلْ
فكّوا طلاسمه و مزَّقهُمْ
فأرَّخْتُ البداية من خطاهم
و انتميت إلى رؤاهم
آه.. يا أشياء كوني مبهمهْ
لنكون أوضح منك
تعثرت حواسنا، وأصبحنا رهينة أحلامن
على حدود القدسِ،
فقدت حواسي، وزادت حاسة الدم فيهم
و قادتهم إلى الوجه البعيد
هربت حبيبتهم إلى أسوارها و غزاتها
فتمردوا
و توحدوا
في رمشها المسروق من أجفانهم
و تسلَّقوا جدران هذا العصرِ
دقوا حائط المنفى
أقاموا من سلاسلهم سلالمْ
ليقبِّلوا لأقدامها
فاكتظَّ شعبٌ في أصابعهم خواتمْ
هذا هو العرسُ الذي لا ينتهي
في ساحة لا تنتهي
هذا هو العرسُ الفلسطينيُّ
لا يصل الحبيبُ إلى الحبيبْ
إما أن تكون شهيدا… أو أن تكون حلما أكثر واقعية
من أي عامٍ جاء هذا الحزن؟
– من سَنةٍ فلسطينيةٍ لا تنتهي
و تشابهت كل الشهور، تشابه الموتى
لم يحملوا خرائطًا أو رسومًا أو أغاني وطنية معهم
حملوا مقابرهم..
و ساروا في مهمتهم
و سرنا في جنازتهم
كان العالم العربي أضيق من توابيت العودة.

9- سرحان يشرب القهوة في الكفاتيريا
يجيئون،
بابنا هو البحر، ولكن فوجئنا بالمطر، لا إله إلا الله، فوجئنا
هناك مطر ورصاص. الأرض تتحول إلى سجادة والحقائب
غربهْ !.يجيئون،
ليس للكواكب مواعيد محددة للظهور والاختفاء
استندت للخناجر مضطرة للسقوط.
و ماذا حدت؟
أنت لا تشعر باليوم، ليس لديك لون، لا صوت، لا طعم.
لا شكل.. يُولد سرحان، يكبر سرحان،
يشرب الخمر ويسكر، يرسم قاتله ويمزق
صورته، ثم يقتل عندما يتحول أخيرا إلى شكله النهائي.
و يرتاح سرحان.
سرحان ! هل أنت قاتل؟
يكتب سرحان شيئًا على كم معطفه، ثم يفر هاربًا
تتضمن الذاكرة الجريمة، الفرار، والاستيلاء
منقار طائر.
وتأكل حبة قمح في مرج بن عامر.
وسرحان متهم بالصمت، وسرحان قاتل
***
و ما كان حُبَّاً
يدان تقولانِ شيئاً، و تنطفئان.
قيودٌ تلد
سجون تلد
منافٍ تلد.
و نَلتفُّ باسمكِ،
ما كان حُبَّاً
يدان تقولانِ شيئاً.. و تنطفئان..
نحن كنا شعوباً وأصبحنا حجارة
و نعرف، كنتِ بلاداً و صرت دخان
و نعرف أشياء أكثر
نعرف، لكنَّ كل القيود القديمه
تصير أسور ورد
تصير بكاره
في المنافي الجديده.
و نَلتفُّ باسمك
ما كان حُبَّاً
يدان تقولانِ شيئاً و تنطفئان.
وسرحان يكذب عندما يقول إنه رضع حليبك، سرحان
نشأ من تذكرة وتربى في مطبخ سفينة لم تلامس اليابسة
مياهكِ. ما اسمك؟
– نسيت.
و ما اسم أبيك؟
– نسيت.
و أمُّك؟
– نسيت.
و هل نمتَ ليلةَ أمس؟.
– لقد نمتُ كثيراً.
حلمت؟
– كثيراً.
بماذا؟
– بأشياء لم أرها في حياتي
و صاح بهم فجأة:
لماذا تتناولون الخضار المهربة من حقول أريحا؟
لماذا شربتم زيوتًا مهربة من جراح المسيح؟
و سرحان متهم بالشذوذ عن القاعدهْ.
رأينا أصابعه تستغيث، وكان يقيس السماء بأغلاله.
يزجر الشرطي الزرقة في البحر، ويساعده خادم آسيوي.
بلاد تغيَّر سكانها، و النجوم حصى.
و كان يغنّي: مضى جيلنا و انقضى.
مضى جيلنا و انقضى.
تكاثرت فينا الغزاة والطغاة، ودمنا صار كالماء،
وعدم جفافها سورة عم وقبعة الشرطي
وخادمه الآسيوي، وكان يقيس الزمن بأغلاله.
سألناه: سرحان عمَّ تساءلت؟
قال : اذهبوا. فذهبنا
إلى الأمهات اللواتي تزوَّجن أعداءنا.
و كنَّ ينادين شيئاً شبيهاً بأسمائنا.
فيأتي الصدى حَرَساً.
ينادين قمحاً.
فيأتي الصدى حَرَساً.
ينادين عدلاً
فيأتي الصدى حَرَساً.
ينادين يافا
فيأتي الصدى حَرَساً.
منذ ذلك الحين، توقفت الأمهات عن الصلاة وأصبحنا
نقيس السماء بأغلالنا
و سرحان يضحك في مطبخ الباخرهْ.
يحتضن سائحة، والطريق بعيدٌ عن الناصرة والقدس
و سرحان مُتَّهم بالضياع و العدميَّه
***
و كلُّ البلاد بعيدهْ.
كثير من الشوارع اختفت من مدينته بسبب الأغاني
وعزلته ليلة العيد لأن لديه غرفة في مكان ما.
و رائحةُ البنِّ جغرافيا.
و ما شرَّدوك.. و ما قتلوك.
أبوك احتمى بالنصوص، و جاء اللصوص.
لست شريدًا ولا شهيدًا، وأمي باعتني
ضفائرها للسنابل و الأمنيات: (و فوق سواعنا
فارس لا يتخلى عن الوشم العميق، وهو فوق أصابعنا
كرمةٌ لا تهاجر (وشم عميق).
خُطى الشهداء تُبيدُ الغزاة
(نشيد قديم)
يا وطني، نافذتان تطلان على البحر تحذفان المنافي وترحبان بالعائدين
(حلم قديم-جديد)
كثير من الشوارع اختفت من مدينته بسبب الأغاني
وعزلته ليلة العيد لأن لديه غرفة في مكان ما.
و رائحة البُنِّ جغرافيا.
و رائحة البن يدْ
وينادي صوت قهوة البن ويأخذ..
رائحة القهوة وصوت المئذنة (يوماً ما ستعود).
وتزغرد رائحة البن ناي في مياه المزاريب الغارقة، وتنكمش
الماء يوماً و يبقى الصدى.
يحمل سرحان أرصفة ونوادي ومكتب حجز التذاكر.
سرحان يجيد أكثر من لغة ويعرف فتاة ويحمل تأشيرة
لاستخدام المدخل للمحيط وإشارة للخروج، ولكن سرحان
قطرة دم تفتش عن جثة نسيتها… وأين؟
و لست شريداً.. و لست شهيداً.
و رائحة البن جغرافيا.
و سرحان يشرب قهوته..
و يضيع.
هنا القدس.
يا امرأة من حليب البلابل، كيف أستطيع أن أحتضن ظلي..
و ابقى؟
خُلقتَ هنا. و تنامُ هناك.
مدينته لا تنام. وأسماءها لا تدوم. تتغير البيوت
سكانها. و النجوم حصى.
وخمس نوافذ إضافية”(2128)” “(قال ابني: سأجتهد، قلت: إذن يا عمر تنجح)
حائط
و سكن ذاكرةً.. و السفينةُ تمضي.و سرحان يرسم و يحذفه : طائرات و ربٌّ قديم
ونابالم يحرق وجهًا ونافذةً ويؤسس دولةً.
هنا القدس.
يا امرأة من حليب البلابل، كيف أستطيع أن أحتضن ظلي..
و أبقى؟
و لا ظلّ للغرباء.
مساء يرافقهم، والأمهات بعيدات عنه، لكنهن قريبات
الذكريات وسرحان الذي لا يقرأ الصحف العربية..
لا يعرف المهرجانات والتوصيات، فكيف بالتالي
جاءه الحزن.. كيف تقيَّأ؟
و ما القدس و المدن الضائعهْ
سوى ناقة تمتطيها البداوة
إلى السلطة الجائعهْ.
و ما القدس و المدن الضائعهْ
سوى منبر للخطابهْ.
و مستودعٍ للكآبهْ.
القدس هي فقط زجاجة خمر وصندوق تبغ في النهاية
… و لكنها وطني.
من الصعب أن تعزلوا
عصير الفواكه عن كريات دمي..
و لكنها وطني
من الصعب أن تجدوا فارقاً واحداً
بين حقل الذرهْ
و بين تجاعيد كفّي
و لكنها وطني..
لا يوجد فرق بين المساء الذي يعيش في الذاكرة
و بين المساء الذي يسكن الكرملا
و لكنها وطني.
في الحقيقة و الدم نتِّسع للجميع.
والطريق المرسوم بالطباشير لا يتأثر بالمطر المقبل
هنا القدس..
كيف تعانق حريتي -في الأغاني- عبوديتي؟
و سرحان يرسم صدراً و يسكنه
وسرحان يبكي بدون ثمن أو وسام
و يشرب قهوته.. و يضيع
***
يمزق الغيم ويرسله في اتجاه الرياح، وماذا بعد؟ هناك شيء
يتطلب الغيم الشديد الخصوبة تربة صالحة للزراعة.
أتذهب صيحاتنا عبثاً؟
أكلتَ وشربتَ ونمتَ، وحلمتَ كثيرًا، ثم استيقظتَ
تعلمت تصريف فعل جديد. هل الفعل له معنى محدد
الصوت.. أم حركه؟
وتكتب DZ.S.A. وتتجنبها لأنها
هناك هدير في المحيطات ولا شيء في الفراغ
كتابة حروف تميزنا عن غيرنا – ظهرنا عليهم ظهورا
وكانوا منحنين، وكانوا سدى. نحن أيضاً سدى.
هم يحرثون طفولتنا ويستخرجون أسلحة منالأساطير
أعلامهم لا تفيدهم. وأعلامنا تثير الرعد. نقصفهم بالحروف
السمينة: ض.ظ.ص.ع. ثم نقول انتصرنا. و ما
ما هي قيمة الأرض؟ إنها تراب وحجارة. هل يجب أن نقاتل أم لا؟
لا يهم سؤالك طالما ما زالت الأشعار العربية حية في الأناشيد

10- قصيدة جدارية
هذا هو اسمكَ
قالتِ امرأة
وغابت في الممرّ اللولبي
أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي.
ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً
وأطيرُ. سوف أكون ما سأصيرُ في
الفلك الأخيرِ. وكلُّ شيء أبيضُ،
البحرُ المعلَّق فوق سقف غمامة
بيضاءَ. واللا شيء أبيضُ في
سماء المُطلق البيضاء. كُنتُ، ولم
أكُن. فأنا وحيد في نواحي هذه
الأبديّة البيضاء. جئتُ قُبيَل ميعادي
فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي:
“ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟”
ولم أسمع هتَافَ الطيَبينَ، ولا
أنينَ الخاطئينَ، أنا وحيد في البياض،
أنا وحيدُ
لا شيء يُوجِعُني على باب القيامةِ.
لا الزمان ولا العواطف. لا أشعر بالخفة
الأشياء أو ثقل
الهواجس. لم أجد أحداً لأسأل:
أين “أيني” الآن؟ أين مدينة
الموتى، وأين أنا؟ فلا عدم
هنا في اللا هنا… في اللا زمان،
ولا وُجُودُ
وكأنني قد متُّ قبل الآن
أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني
أمضي إلى ما لستُ أعرفُ. رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكان ما، وأعرفُ
ما أريدُ
سأصير يوماً فكرةً. لا سيفَ يحملُها
إلى الأرض اليباب، ولا كتابَ
كأنها مطر على جبل تصدَّع من
تفتُّحِ عُشبة،
لا القُوَّةُ انتصرت
ولا العدلُ الشريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصير يوماً طائراً، وأسُلُّ من عدمي
وجودي. كُلَّما احترقَ الجناحانِ
اقتربت من الحقيقةِ. وانبعثتُ من
الرماد. أنا حوارُ الحالمين، عَزفتُ
عن جسدي وعن نفسي لأكملَ
رحلتي الأولى إلى المعاني، فأحرقني
أنا الغيابُ، أنا المُبعَثُّ السماويُّ، سأصبحُ ما أشاءُ يوماً ما
سأصير يوماً شاعراً،
والماءُ رهنُ بصيرتي. لُغتي مجاز
للمجاز، فلا أقول ولا أشيرُ
إلى مكان. فالمكان خطيئتي وذريعتي.
أنا من هناك. “هُنايَ” يقفزُ
من خُطايَ إلى مُخيّلتي
أنا من كنتُ أو سأكون
يصنعُني ويصرعُني الفضاءُ
اللانهائيُّ
المديدُ.
سأصير يوماً ما أريدُ
سأصيرُ يوماً كرمةً،
فليعتصرني الصيفُ منذ الآن،
وليشب نبيذي العابرون على
ثُريّات المكان السكّريِّ!
أنا الرسالةُ والرسولُ
أنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأصير يوماً ما أريدُ
هذا هوَ اسمُكَ
قالتِ امرأة،
وغابت في ممرِّ بياضها
هذا هو اسمُكَ، فاحفظِ اسمكَ جيِّداً!
لا تختلف معهُ على حرف
ولا تعبأ براياتِ القبائلِ،
كُن صديقاً لاسمك الأفقَيِّ
جرِّبهُ مع الأحياء والموتى

11- طريق دمشق

من الأزرق ابتدأ البحر
هذا النهار يعود من الأبيض السابق
الآن جئت من الأحمر اللاحق..
اغتسلي يا دمشق بلوني
ليلد في الزمن العربي نهار
أحاصركم: قاتلا أو قتيل
و أسألكم .شاهدا أو شهيد
متى سيتم إطلاق النهر لأعود إلى الماء الأزرق؟
أخضر
أحمر
أصفر أو أي لون يحدده النهر
إنّي خرجت من الصيف و السيف
إّني خرجت من المهد و اللحد
نامت خيولي على شجر الذكريات
و نمت على وتر المعجزات
لقد جعلتني يديك نشيدًا عندما نزلته على الجبل ، لكانت سورة
“ينتصرون” ..
دمشق. ارتدتني يداك دمشق ارتديت يديك
كأن الخريطة صوت يفرخ في الصخر
نادى و حركني
ثم نادى ..و فجرني
ثم نادى.. و قطرّني كالرخام المذاب
و نادى
كأن الخريطة أنثى مقدسة فجرتني بكارتها. فانفجرت
دفاعا عن السر و الصخر
كوني دمشق
فلا يعبرون !
من البرتقالي يبتدئ البرتقال
و من صمتها يبدأ الأمس
أو يولد القبر
يا أيّها المستحيل يسمونك الشام
أفتح جرحي ليبدأ شروق الشمس. ما هو اسمي؟ دمشق
و كنت وحيدا
و مثلي كان وحيدا هو المستحيل.
أنا ساعة الصفر دقّت
فشقت
خلايا الفراغ على سرج هذا الحصان
المحاصر بين المياه
و بين المياه
أنا ساعة الصفر
جئت أقول :
أحاصرهم قاتلا أو قتيل
أعدت لهم كل ما استطعت.. وانشق في جسمي قمر المرحلة
و أمتشق المقصله
أحاصرهم قاتلا أو قتيل
وننسى الخلافات في الرحلة العربية الطويلة
إلى القمح و القدس و المستحيل
يؤخرني خنجران :
العدو
و عورة طفل صغير تسمونه
بردى
و سمّيته مبتدا
و أخبرته أنني قاتل أو قتيل
من الأسود ابتدأ الأحمر. ابتدأ الدم
هذا أنا هذه جثتي
أي مرحلة أنا أتقلب فيها بين الأمور
أنا الفرق بينهما
همزة الوصل بينهما
قبلة السيف بينهما
طعنه الورد بينهما
آه ما أصغر الأرض !
ما أكبر الجرح
مروا
لتتسع النقطة، النطفة ،الفارق ،
الشارع ،الساحل، الأرض ،
ما أكبر الأرض !
ما أصغر الجرح
هذا طريق الشام.. و هذا هديل الحمام
و هذا أنا.. هذه جثتي
و التحمنا
فمروا ..
خذوها إلى الحرب لأنها ستنهي الحرب بيني وبينها
خذوها.. أحرقوها بأعدائها
أنزلوها على جبل غيمة أو كتابا
و مروا
ليتسع الفرق بيني و بين اتهامي
طريق دمشق
دمشق الطريق
و مفترق الرسل الحائرين أمام الرمادي
إني أغادر أحجاركم_ ليس مايو جدارا
أغادر أحجاركم و أسير
وراء دمي في طريق دمشق
أحارب نفسي.. و أعداءها
يسألني المتعبون والمارة الحائرون عن اسمي
فأجهله..
اسألوا عشبة في طريق دمشق !
و أمشي غريبا
و تسألني الفتيات الصغيرات عن بلدي
فأقول: أفتش فوق طريق دمشق
و أمشي غريبا
و يسألني الحكماء المملون عن زمني
فأشير حجر أخضر في طريق دمشق
و أمشي غريبا
ويسألني الذين خرجوا من الدير عن لغتي
فأعد ضلوعي و أخطئ
لقد تعلمت هذه الحروف، فكيف أستطيع تجميعها؟
دال.ميم. شين. قاف
فقالوا: عرفنا_ دمشق !
ابتسمت. شكوت دمشق إلى الشام
كيف محوت ألوف الوجوه
و ما زال وجهك واحد !
لماذا انحنيت لدفن الضحايا
و ما زال صدرك صاعد
أسير وراء دمي وأتبع ما يقودني
و أمشي وراء دمي نحو مشنقتي
هذه مهنتي يا دمشق
تبدأ الموت في الوسط وتنامين في قعر صمتي دون أي صوت
تسمعين..
وأعددت لي لغة من الرخام والبرق .
أمشي إلى بردى،آه، إما لأني مستمتع فيه أو خائف منه
إن المسافة بين الشجاعة و الخوف
حلم
تجسد في مشنقه
آه ،ما أوسع القبلة الضيقة!
وأرخني خنجران:
العدو
و نهر يعيش على معمل
هذه جثتي، و أنا
أفقّ ينحني فوقكم
أو حذاء على الباب يسرقه النهر
أقصد
عورة طفل صغير يسمّونه
بردى
و سميته مبتدا
و أخبرته أنني قاتل أو قتيل.
تقّلدني العائدات من الندم الأبيض
الذاهبات إلى الأخضر الغامض
الواقفات على لحظة الياسمين
دمشق! انتظرناك كي تخرجي منك
كي نلتقي مرة خارج المعجزات
انتظرناك..
و الوقت نام على الوقت
و الحب جاء، فجئنا إلى الحرب
نغسل أجنحة الطير بين أصابعك الذهبيّة
يا امرأة لونها الزبد العربي الحزين.
دمشق الندى و الدماء
دمشق الندى
دمشق الزمان.
دمشق العرب !
تقلّدني العائدات من النّدم الأبيض
الذاهبات إلى الأخضر الغامض
الواقفات على ذبذبات الغضب
و يحملك الجند فوق سواعدهم
يسقطون على قدميك كواكب
كوني دمشق التي يحلمون بها
فيكون العرب
قلت شيئاً، وسيكمله غيري يوم موتي وعيدي
من الأزرق ابتدأ البحر
و الشام تبدأ مني_ أموت
و يبدأ في طرق الشام أسبوع خلقي
الشام بعيدة جدًا، بعيدة جدًا عني
وسيف المسافة ينزف خطاياي، ينزف دمي
فقربني خنجران
العدو و موتي
وصرت أرى الشام.. ما أقرب الشام مني
و يشنقني في الوصول وريدي..
وقد قلت شيئا.. و أكمله
كاهن الاعترافات ساومني يا دمشق
و قال: دمشق بعيده
قام بتحطيم كرسيه وصنع صليب من الخشب الجبلي
أراكِ على بعد قلبين في جسد واحد
و كنت أطل عليك خلال المسامير
كنت العقيدة
و كنت شهيد العقيدة
و كنت تنامين داخل جرحي
و في ساعة الصفر_ تم اللقاء
و بين اللقاء و بين الوداع
أودع موتي.. و أرحل
كم هو جميل الشام، ولولا الشام،ولا في الشام
يبتدئ الزمن العربي وينطفئ الزمن الهمجي
أنا ساعة الصفر دقّت
و شقت
توجد خلايا فراغية على سطح هذا الحصان الضخم
الحصان المحاصر بين المياه
و بين المياه
أعد لهم ما استطعت ..
وينشق في جسدي قمر… يدق ساعة الصفر،
و في جثتي حبّة أنبتت للسنابل
سبع سنابل، في كل سنبلة ألف سنبلة ..
هذه جثتي، افرغوا القمح منها وخذوها إلى المعركة
كي أنهي الحرب بيني و بيني
خذوها أحرقوها بأعدائها
خذها لتزيد من الفرق بيني وبين اتهامي
و أمشي أمامي
و يولد في الزمن العربي.. نهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى