الافضلمنوعات

أفضل قصائد الشاعر الفلسطيني سميح القاسم

لقد ترك الشاعر المبدع سميح القاسم العديد من القصائد والأشعار التي أثرت إيجابيا فينا، وخاصة عندما يتحدث عن الوطنية والعروبة، فهو الشاعر والأديب الفلسطيني الذي ارتبط اسمه بالثروة والمقاومة، وهو مؤسس صحيفة “كل العرب” ورئيس تحريرها الفخري. ولد في مدينة الزرقاء في 11 مايو عام 1939، ولقد كان له العديد من الأعمال الأدبية مثل الشعر والقصص والمسرح والمقال، مما جعله في مقدمة الأدباء العرب على مر التاريخ. وتم ترجمة أكثر من قصيدة له إلى اللغات الفرنسية والإنجليزية والتركية والروسية والألمانية والإسبانية واليونانية والتشيكية والفارسية والعبرية. كما حصل على العديد من الجوائز العالمية من دول كثيرة مثل إسبانيا وفرنسا. ونحن اليوم نحتفي بهذا الشاعر العظيم ونقدم أفضل أعماله من الشعر والقصائد لكي يستمتع بها محبيه ومحبي الشعر العربي.

قصيدة الجنود
استيقظوا واخرجوا منأقبيةكم، يا أيها النائمون
اليوم للأعراس
دُقّوا له الأجراس
و ارفعوا الأعلام
لاقُوه في حماس
لاقوه بالهتاف.. بالأفراح.. بالأغاني
هبّوا اصنعوا أعظم مهرجانِ
غَطُّوا المدى بأغصانِ الزيتون
و طيّروا الحمام
جاءكم السلام
مرحبا، نحن على الحدود ونحمل رسالة السلام
نحن على الحدود.. لا ننام
أكُفُّنا لصيقةٌ على مقابض الحديد
عيوننا ساهرةٌ.. تجود في الظلام
قلوبنا تدق في انتظارهم..
أعدائها الغزاة
نحن تعلّمنا.. تعلّمنا..
أن نسلب الحياة

نحن على الحدود.. كالكلاب، كالقرصان
لا نعرف الهدوء.. لا ننام
فاستقبلوه.. استقبلوا السلام
عاش السلام.. عاش السلام

قصيدة عروس النيل
أسمعُهُ.. أسمعُهُ
عبرَ فيافي القحط، في مجاهلِ الأدغال
يهدرُ، يَدْوي، يستشيط
فاستيقظوا يا أيها النيام..
ولْنبتنِ السدود قبل دهمة الزلزال
تنبهوا.. بهذه الجدران
تنزل فينا من جديد نكبة الطوفان
لمن تُزَيّنونَها.. حبيبتي العذراء !
لمن تبرّجونها ؟
أحلى صبايا قريتي.. حبيبتي العذراء
حسناؤنا.. لمن تُزَفّ ؟
يا ويلكم، حبيبتي لمن تُزَفّ
لِلطّمْيِ، للطحلب، للأسماك، للصّدف ؟
نقتلها، نُحْرَمُها، و بعد عام
تنزل فينا من جديدٍ نكبةُ الطوفان
و يومها لن يشفع القربان
يا ويلكم، أحلى صبايا قريتي قربان
و نحن نستطيع أن نبتنيَ السدود
من قبل أن يداهمنا الطوفان
بَدارِ.. باسم الله و الإنسان
فإنني أسمعُهُ.. أسمعُهُ :
و لي أنا.. حبيبتي العذراء

قصيدة تعالي لنرسم معا قوس قزح
نازلاً كنت : على سلم أحزان الهزيمة
نازلاً .. يمتصني موت بطيء
صارخاً في وجه أحزاني القديمة :
أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء
لم أكن وحدي ،
ووحدي كنت ، في العتمة وحدي
راكعاً .. أبكي ، أصلي ، أتطهر
جبهتي قطعة شمع فوق زندي
وفمي .. ناي مكسّر ..
كان صدري ردهة ،
كانت ملايين مئه

سجداً في ردهتي ..
كانت عيوناً مطفأه
واستوى المارق والقديس
في الجرح الجديد
واستوى المارق والقديس
في العار الجديد
واستوى المارق والقديس
يا أرض .. فميدي
واعفُ عني، فأنا أتنازل إلى الموت البطيء
واغفري لي صرختي للنار في ذل سجودي :
أحرقيني .. أحرقيني لأضيء
نازلاً كنت ،
وكان الحزن مرساتي الوحيدة
يوم ناديت من الشط البعيد
يوم ضمدت جبيني بقصيدة
عن مزاميري وأسواق العبيد
من تكونين ؟
أأختاً نسيتها
ليلة الهجرة أمي ، في السرير
ثم باعوها لريح ، حملتها
هل عبرت باب الليل إلى النفي الكبير؟
من تكونين ؟
أجيبيني .. أجيبي
أي أخت ، بين آلاف السبايا
عرفت وجهي ، ونادت : يا حبيبي !
فتلقتها يدايا ؟
أغمضي عينيك من عار الهزيمة
أغمضى عينيك .. وابكي ، واحضنيني
ودعيني أشرب الدمع .. دعيني
يبست حنجرتي ريح الهزيمة
وكأنا منذ عشرين التقينا
وكأنا ما افترقنا
وكأنا ما احترقنا
شبك الحب يديه بيدينا ..
وتحدثنا عن الغربة والسجن الكبير
عن أغانينا لفجر في الزمن
وانحسار الليل عن وجه الوطن
وتحدثنا عن الكوخ الصغير
بين احراج الجبل ..
وستأتين بطفلة
ونسميها ” طلل ”
وستأتيني بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل
قلت لي – أذكر –
من أي قرار
صوتك مشحون حزناً وغضب
قلت يا حبي ، من زحف التتار
وانكسارات العرب
قلت لي : في أي أرض حجرية
بذرتك الريح من عشرين عام
قلت : في ظل دواليك السبيه
وعلى أنقاض أبراج الحمام !
قلت : في صوتك نار وثنية
قلت : حتى تلد الريح الغمام
جعلوا جرحي دواة ، ولذا
فأنا أكتب شعري بشظية
وأغني للسلام
وبكينا
مثل طفلين غريبين ، بكينا
يبكي الحمام الزاجل الناطر في الأقفاص ..
والحمام الزاجل العائد في الأقفاص
… يبكي
ارفعي عينيك !
أحزان الهزيمة
غيمه تنثرها هبة الريح
ارفعي عينيك ، فالأم الرحيمة
لم تزل تنجب ، والأفق فسيح
ارفعي عينيك ،
من عشرين عام
وأنا أرسم عينيك ، على جدران سجني
وإذا حال الظلام
بين عيني وعينيك ،
على جدران سجني
يتراءى وجهك المعبود
في وهمي ،
فأبكي .. وأغني
نحن يا غاليتي من واديين
كل واد يتبناه شبح
فتعالي . . لنحيل الشبحين
غيمه يشربها قوس قزح
وسآتيك بطفلة
ونسميها ” طلل ”
وسآتيك بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل

قصيدة في صف الأعداء
أوقفني شخص في الشارع أمس يسأل عن كلمة (بار)
يقضي فيه بقيّةَ ليله
زنجي بحّار
يعمل عتّالا في إحدى سفن الدولار
و تحدّثنـا فإذا بي أستلطف ظلّهْ
_هل نشرب كأساً يا صاحب ؟..
وعند الطاولة الكاملة في المقهى الثرثار
كان صديقي يشربُ.. يشربُ باستهتار
هذا الزنجيُّ يحبّ النسيان
فلماذا؟.. من أيةِ أغوار
ينبع هذا الإنسان ؟

أخبرني عنكمن فضلك في أميركا الحرة
عن مدرسة البيض، كنيستهم، فندهم، وعباراتهم
كتبتْ بالفوسفور و جابت كل الحارات:
((ممنوع إدخال الكلاب واليهود والسود))
_او.. وه.. اتركني باسم الشيطان
هل حولَكَ لي أُنثى؟ فقُبَيْلَ الفجر
سنترك هذا الميناء ونواجه المخاطر القادمة
حسنًا! أخبرني عن بلدة النار السوداء
هل تسمع عن أسدٍ يُصطاد
عن أدغالٍ تهوي تحت الليل رماد
عن حقل مزروع شهداء
عن شعب يَنْبَتُ في أرضٍ
بدماء القتلى مرويّه
عن شمسٍ تولّد حاملةً
خبزاً.. أحلاماً.. حريّه
هل تسمع عن افريقيّة ؟!
أسمع.. أسمع.. دقات طبول السمبا
و أرى الحسناء الزنجيّه
تترجرج كالنار الغضبى
في رقصة حبّ دمويّه
_حسناً.. حسناً.. حدّث عن كوبا
هل تعرف شيئاً عن شعبٍ
ما عاد مسيحاً مصلوبا
لو أنشد هذي الليلةَ أغنيّه
هل سأحمل الليلة قيثارتي وأغني في كوبا؟
فتزاح ستاره
عن جسدٍ بضّ في إحدى الشرفات
يا ساقية الحانه
وَيْلمِّكِ.. فارغةٌ كأسي
وما زلت أشعر بالعبء على عنقي ورأسي
وشريكتكِ.. لمَ أخمدَ ألحانُهُ شريكتكِ؟ ..
استوقفني أمس شخصٌ في الشارع يسأل عن بار
و اليوم صباحاً كان من الأخبار
أمريكيٌ أبيض مات
مات و في شفتيه نداءٌ:
فلتسقط كلمات
كتبت بالدمّ و بالأحزان
فليسقط عارُ الإنسان
يرفعه الفاشست على وحل الرايات
ممنوع دخول الكلاب واليهود والنزنوج

قصيدة صاحب الملايين
نَمْ بين طيّاتِ الفراش الوثيرْ
نَمْ هانئَ القلب، سعيداً، قريرْ
فكل دنياك أغَاني سرور !

المال في كفّيـك نهـر عزير
و القوت، أغلاهُ، و أغلى الخمور
و ألفُ صنفٍ من ثياب الحرير
و الصوف و السجاد، منه الكثير
(( و كادِلاك )).. في باحات القصور
والغناء، واللحن، وسحر الزمن الماضي!
نَمْ خالياً.. لا قارَبَتْك الشرور

و كلّ ما تبغيه.. حتماً يصير
إن شئت.. فالليل صباح منير
أو شئت.. فالقفر ربيع نضير
و القبر إن ترغبْ.. حياةٌ و نور
و اطلب.. ففي الجلمود يصفو غدير
والآن، يا ابن العلي الأمير
يا عالي المقام، يا … يا خطير
يا تاجَ رأسي.. يا زعيميَ الكبير
أسمح لهذا الشيء.. هذا الفقير
أسمح له بكلمةٍ لا تضير
عندي سؤالٌ مثل عيشي حقير
أرجوك أن تسمعه، ألاّ تثور
من أين حصلت على هذا المال، يا مليونير؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى