الخليج العربي

تفاصيل قصة المصرية “نادية” في إثبات نسب ابنتها “اميرة” للسعودي “بدر”

تعود فصول هذه القصة إلى قرية صغيرة في مصر تُدعى `طرة البلد`، وما زالت القصة مستمرة، ولكن هذه المرة في الدمام بالسعودية، ومنذ البداية وحتى كتابة هذه الأسطر تمر القصة ب36 عامًا من التعقيدات والصعوبات الكثيرة.

الزواج
بدأت القصة عندما زار رجل فالستينات من عمره قرية طرة البلد في شهر يوليو من سنة 1979 للبحث عن زوجة صالحة للزواج على سنة الله ورسوله. كانت حينها “نادية” في الثلاثينات من عمرها و كانت قد أنهت دراستها. تمت مراسيم الزواج بموافقة الأهل و بقي الزوج في مصر لمدة ثلاثة أشهر و بضع أيام، في ذلك الوقت بدأت الزوجة بالشعور بعوارض الحمل فأخبرت زوجها. في ذلك الوقت وجد الزوج نفسه ملزما بأخذ زوجته معه إلى المملكة. و لتحقيق ذلك رجع إلى السعودية ليقوم بإجراءات رخصة الزواج من غير سعودية حتى يستطيع نقل زوجته إلى بلده.

الاختفاء
بعد مغادرة الزوج مصر قبل نهاية العام، انقطعت الأخبار عنه، لكن الجنين استمر في النمو في بطن نادية التي لم يبق لها سوى بطاقة الأحوال المدنية وعقد الزواج وصورة من حفل الزفاف للتذكير به. لم يكن معروفا عن زوجها سوى أنه يعيش في المنطقة الشرقية في السعودية، وعلى الرغم من محاولات السفارة السعودية، لم تتمكن نادية من الوصول إليه. وفي شهر مايو من عام 1980، وبعد انتهاء فترة الحمل، ولدت نادية فتاة أطلقت عليها اسم أميرة، ولكن والدها كان لا يزال مفقودا ولم تكن هناك أي أخبار عنه. ترعرعت أميرة ولا يزال في قلب نادية الأمل في العثور على والدها وتحديد مصير الفتاة التي لم ترى أباها. وعندما بلغت الطفلة الثالثة من العمر، تقدمت نادية إلى المحكمة المصرية وحصلت على طلاق غيابي حتى يتم إغلاق ملفها وفتح ملف ابنتها.

النسب
عندما بلغت أميرة سن التمدرس لم تستطع أن تدخل للمدرسة لأن النظام المصري لا يسمح للسعوديين بولوج المدارس الحكومية و لكن جدها كان فقيرا لا يستطيع أن يسدد نفقات الدراسة في مدرسة أهلية قام باللجوء إلى خطأ، حيث سجل حفيدته باسمه على انه والدها في السجلات الرسمية. فعل ما لا يجوز بسبب الفقر و الحاجة.
و بعد فترة معينة تقدم رجل سعودي آخر للزواج من نادية فوجدت نفسها أخيرا أمام أمل يربطها بحل مشكلة ابنتها. تزوجت نادية بالرجل الآخر و انتقلت للعيش في السعودية كزوجة لمواطن في مدينة الدمام. بعد ان استقرت في حياتها في بيتها الجديد بدأت رحلة البحث عن والد أميرة إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن فبعد بحث مكثف علمت بأن بدر توفي قبل شهرين من وصولها إلى المملكة السعودية.

الاعتراف بالأخت
علمت نادية أن المرحوم لديه أبناء فتواصلت معهم و أخبرتهم بقصتها الطويلة لكنهم ترددوا في تصديقها و تصديق أن لهم اختا تدعى أميرة من امراة اخرى لوالدهم. فقامت نادية برفع دعوى في المحكمة الكبرى في المبرز و عندها اعترف “سيف” أحد أبناء بدر بأن والده كان قد اخبره هو و اخوه “محمد” بانه تزوج في مصر و ان زوجته حامل و انه حاول إحضارها ولكنه لم ينجح. و هذا ما ثبت لدى المحكمة في صك صدر في 17-02-1418 هـ. و بعد أن قامت بالإدلاء بالأدلة التي بحوزتها اعترف الأبناء بما تقوله نادية بعد أن أدت اليمين المكملة للشهادة. فحكمت المحكمة بنسب الطفلة أميرة لوالدها المرحوم بدر.

إثبات النسب
بعد صدور الحكم القضائي وحضور اميرة من مصر بتأشيرة مرور ودمجها في وثيقة حصر الإرث الشرعي، بدأت المشاكل بين الإخوة وأختهم أميرة في اليوم التالي، حيث تعرضت للضرب ونفى أحدهم نسبها، مما أدى إلى إيداعها في دار رعاية الفتيات في الأحساء لمدة سنة، ثم تم ترحيلها إلى مصر. بعدها رفع “سعود” دعوى ضد نادية وأميرة بتهمة التزوير للإثبات النسب إلى والده. استند سعود في الدعوى إلى وثائق أميرة الدراسية في مصر بالاسم “أميرة سيد”، مما يعني أن نادية وأميرة أختان واتفقتا على تزوير الوثائق للحصول على حصة من الإرث.

و بعد القيام بتحليل مبني على عينتي دم اخذتا في الشرطة ، أثبتت النتائج أن أميرة ليست ابنة بدر و ذلك بعد خمس سنوات من إثبات النسب، ومرت سنوات ليتم استدعاء نادية بتهمة التزوير للحصول على الإرث و وصلت الدعوى إلى ديوان المظالم استنادا على نسب أميرة في مصر و تحليل الدم. و استمرت الجلسات فطلب الدفاع اجراء فحص الحمض النووي لنادية و أميرة و أبناء بدر.

الحكم بالسجن
و في السنة الماضية حكم على نادية و أميرة بالسجن سنتين و غرامة عشرة آلاف ريال لكل واحدة. و أيدت الحكم محكمة الاستئناف الإدارية في المنطقة الشرقية. و بدأ العد العكسي لتنفيذ الحكم ضدهما. و قالت وزارة العدل بان الحكم يكتسب القطعية من محكمة الاستئناف بعد شهر من صدور الحكم الأول و في هذه الحالة لا يمكن للمتهمة الطعن فيه.
و تواجه أميرة مشكلة أخرى و هي أن أبنائها من الزوج الثاني بدون سجلات مدنية لأن نسب الأم غير ثابت إلى الآن رغم أنهم سعوديون، لهذا يعتبر تحليل الحمض النووي الحل الوحيد لإثبات النسب و هو ما يتطلب توفر طلب رسمي صادر عن جهة رسمية و يمكن إجراؤه خارج البلد لكن أميرة تواجه مشكلة سجلها المدني لأن نسبها غير ثابت بوالدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى