ليس كل ما يتم نشره في الصحف صحيحا، فليست جميعها بمصدر إلهام أو مصدرة من بشر معصومين عن الخطأ. قد يكون صحيحا وقد يكون خاطئا، خاصة إذا كانت المصادر واحدة. انتشر مؤخرا مقطع فيديو لأردوغان تحت عنوان “أردوغان يثني رجلا عن الانتحار من أعلى جسر البوسفور في اسطنبول”، وفي المقالات التي نشرت في الصحف قيل إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمكن من إنقاذ رجل من الانتحار على جسر البوسفور المعروف في تركيا، وفقا لتوثيق صحيفة وكالة “دوغان” التركية للأنباء في يوم الجمعة الماضي.
تفاصيل الحادث
يعرف جسر البوسفور باعتباره رابطا بين الجانبين الأوروبي والآسيوي في مدينة اسطنبول. وقد ظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في فيديو نشرته وكالة الأنباء التركية `دوغان` وهو يحاول منع رجل من الانتحار، حيث كان الرجل ينوي القفز من أعلى جسر البوسفور الواقع على ارتفاع 64 مترا فوق البحر. عندما مر موكب الرئيس على الجسر ورأى الرجل يهدد بالانتحار، أمر سائقي الموكب بالتوقف وأرسل حراسا ومستشارين للتحدث معه مباشرة عبر نافذة سيارته المصفحة، وفقا لوكالة `دوغان`.
و بعد مرور ساعة و نصف الساعة من المحاولات التي قام بها عناصر الشرطة و المارة كذلك تراجع الرجل عن رمي نفسه، بعد ان كانت 5 دقائق في الحديث مع الرئيس كافية للرجل للعدول عن فكرة الإنتحار وفق الوكالة التركية. و نشرت “دوغان” في جزء من الشريط المصور الرجل و هو عائد من أعلى الجسر و توجه إلى سيارة أردوغان ثم قبل يد الرئيس التركي.
أسباب محاولة الإنتحار
أفادت وكالة الأناضول الإخبارية التابعة للحكومة أن الرجل يأتي من مدينة سعرد في جنوب البلاد وأبلغ الرئيس أنه يعاني من مشاكل عائلية كبيرة وفقا لتقرير الوكالة. نشر مؤيدو الرئيس التركي على صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي أن الرئيس التركي يشارك شخصيا في إنقاذ مواطن يرغب في الانتحار، مما يشير إلى أنه نموذج لزعيم الشعب. من جهة أخرى، اعتبر معارضو الرئيس أن قدرته على إقناع رجل يرغب في الانتحار قد تكون حافزا لإقناعهم بتغيير سياسته فيما يتعلق بالأكرا.
حقيقة حادثة البوسفور
يعتقد بعض المعارضين للرئيس التركي أن حادثة الاصطدام بين الرئيس التركي والرجل الذي حاول الانتحار هي مجرد مسرحية هزلية، حيث تمكن البعض من الكشف عن هوية المنتحر المزعوم وعلاقته بحزب العدالة والتنمية. يقول المعارضون إن وسائل الإعلام التركية حاولت تصوير الحادثة التي وقعت بعد صلاة الجمعة على أنها قصة بطولية، وأن الرجل كان يعاني من اضطراب نفسي نتيجة مشاكله مع زوجته وإصابته بالاكتئاب، وتم التلميح إلى أصوله الكردية عندما ذكر انتماؤه لمحافظة سيرت في جنوب شرق تركيا، حيث يعيش الأكراد بالأغلبية.
و قد أظهرت اللقطات أن أردوغان كان جالسا في المقعد الخلفي لسيارته و كان يحمل هاتفه بيده اليسرى و كان يتحدث مع رجل سلم عليه و كان يبكي ثم غادر الرجل مع احد المستشارين بعد أن قبل يد الرئيس التركي. و يقول المعارضون بأن السيناريو لم يصمد طويلا بعد نجاح مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي من الوصول إلى هوية المنتحر المزعوم ليتم كشف الهدف من الحادث الذي صور على أنه عفوي و الذي لم تضيع الصحف الوقت في الترويج له على نطاق واسع.
وقال المعارضون إن الرجل ليس كرديا ولا يعاني من الاكتئاب ولا يواجه أي مشاكل، بل يعمل كمسؤول في إحدى الجمعيات التابعة لحزب العدالة والتنمية، وهي `الجمعية العثمانية`. وأفاد شهود عيان بأن الرجل نزل من سيارة تم استدعاؤها إلى موقع التصوير مع أشخاص آخرين، ولم يكن لديه نية حقيقية للانتحار. وتبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان أردوغان قد خطط للواقعة أم أن هناك أطرافا عملت على إحداث الحادث في طريق أردوغان لتكشف فيما بعد أنها قصة مفبركة من دون علمه؟.