تفاصيل معاهدة دي ميشال 24 فيفري 1834 .. وأهدافها
معاهدة دي ميشال 24 فيفري 1834
حقق الأمير عبد القادر القائد السياسي عدة انتصارات على القوات الفرنسية وحظر التجارة والعلاقات مع الفرنسيين، وأدى ذلك إلى إجبار فرنسا على توقيع اتفاقية معه تسمى معاهدة ديسميكل المعروفة أيضا باسم معاهدة دي ميشال في ٢٦ فبراير ١٨٣٤، ولكن تم الاتفاق عليها في ٢٤ فيفري ١٨٣٤، وبموجب هذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر في غرب الجزائر باستثناء المدن الساحلية وهران ومستغانم وأرزيو.
سبب توقيع تلك المعاهدة كان أن فرنسا فقدت الحماس بعد فترة قصيرة من احتلالها للجزائر. وبسبب ضغط جيش الأمير عبد القادر، لم يتماسك الحاكم الفرنسي لوهران دي ميشال ولم يستسلم للظروف. فكيف يستطيع الخروج من هذا المأزق وأن يتوصل لاتفاق هدنة مع الأمير؟ لذا، لجأ إلى حيلة، وذلك بإرسال جزء من جيشه مع جيش الأمير عبد القادر، وهؤلاء كانوا خونة يقومون بتوزيع المؤن والمواد الغذائية على الجيش الفرنسي، ولكنهم سرعان ما أسروا على يد الأمير عبد القادر.
وعاد دي ميشيال فرحاً لان خطته تمت بنجاح وسوف يقترح عليه الهدنة بعد وقوع أسرى تحت أيديهم ولكن لم ينطلي ذلك على الأمير الجزائري ورفض الهدنة والاقتراحات المقدمة من قبل دي مشيال الفرنسي ولكن سرعان ما قام عبد القادر باستشارة مجلس الشورى قبل اتخاذ أي قرار في أمر المعاهدة التي تهدف لوقف القتال بين الطرفين وفكر ملياً الأمير عبد القادر أن ذلك سوف يسنح له الفرصة في بناء دولته وخاصة أن من بنود المعاهدة أن فرنسا سوف تسمح له باستيراد الأسلحة من أوروبا عبر البحر.
أهداف معاهدة دي ميشال
- توقفت الحرب بين فرنسا والعرب في يوم 26 فبراير 1834.
- احترام دين وعادات العرب.
- إطلاق سراح جميع المساجين، سواءً كانوا فرنسيين أو عرب.
- منح كل أوروبي جواز سفر ممهدا له من قبل الممثلين الرسميين للأمير، وكذلك التصديق عليه من قبل القائد العام، ليشعروا بالأمان والحماية في كامل المنطقة.
- يقوم ممثلو الأمير بالإقامة في وهران ومستغانم وأرزيو.
- يقيم الضباط الفرنسيون في مدينة معسكر.
- حرية التجارة بين العرب وفرنسا.
- سيتم القبض على العسكريين الفرنسيين الذين هربوا من فرنسا من قبل العرب، والعكس صحيح للفارين من العرب حتى لا يحدث صدام بين الجانبين ويتم معاقبتهم في المدن التي احتلها الفرنسيون.
- يحرية العرب المطلقة في شراء وبيع الأسلحة والبارود.
أهم إنجازات الأمير عبد القادر
- قادت حرب المضايقات ضد الاحتلال الفرنسي وقامت بتوقيع معاهدة ديسميكل عام 1834، وحصلت على مسؤولية المناطق الداخلية كاملة لوهران مع لقب قائد المؤمنين.
- في خطوة لتوحيد أراضيه الجديدة، فرض الأمير عبد القادر حكمه على جميع قبائل الشليف واحتل مليانة ثم ميديا ونجح في هزيمة الجنرال كميل تريزيل في معركة ماكتا.
- على الرغم من الضغوط التي تعرض لها من الجنرالات برتراند كلاوزيل وتوماس روبوت بوغود، نجح عبد القادر في جمع الدعم من الجزائريين الذين أصبحوا ساخطين على استخدام الفرنسيين للعنف.
- نجح في المفاوضات وأقنع الجنرال بوغود بالتوقيع على معاهدة تافنا (1837) التي وسعت أراضيه بشكل كبير وجعلته حاكمًا لجميع المناطق الداخلية لوهران وتيتري، واضطر الفرنسيون للاكتفاء ببعض الموانئ.
- تمكن عبد القادر من تأسيس دولة حقيقية خلال عامين، حيث كانت عاصمتها في بعض الأحيان معسكرًا وأحيانًا قلعة في تيارت (والآن تاجدبت).
- تم تأسيس المساواة القانونية بين جميع الفئات السكانية بقمع امتيازات القبائل المحاربة (المخزن) وفرض ضرائب متساوية على جميع المواطنين، وتوسيع النفوذ الحكومي إلى الصحراء عبر محاربة الطيجيني الذي كان يسيطر على الواحات الجنوبية وجمع شعوب الصحراء تحت سيطرته.
- تم تعزيز سلطة الحاكم في وادي الجليف وتيري حتى حدود المقاطعة الشرقية، حيث قاومه الحاج أحمد بك قسطنطين.
- فُرضت عقوبة قاسية على الكولوغليس من زواتنة الذين انضموا إلى الفرنسيين، وبحلول عام 1838 امتدت سلطته عبر حدود منطقة القبائل وفي الجنوب من واحة بسكرة حتى الحدود المغربية.
- حاصر النفوذ الذي كان للتجيني عاصمته عين مهدي لمدة ستة أشهر وهدمها، وفي ذلك الوقت كانت كل القبائل الصحراوية تكرمه.
- نظم عبد القادر جيشا نظاميا يتألف من حوالي 2000 رجل، على أن يتم دعمهم إما من قبل المتطوعين أو الوحدات التي توفرها القبائل. ونظرا لأن البلدات القريبة من الأراضي الفرنسية كانت ضعيفة للغاية، قام بتحصين المواقع الداخلية مثل سبدو وسعيدة وتيارت وتازة وبوغار، حيث فتح ترسانات ومستودعات وورش عمل، وقام بتوسيع نطاق التعليم ونشر مفاهيم الاستقلال والجنسية لشعبه ببطء.
استسلام الأمير عبد القادر الجزائري للفرنسيين
بعد إبرام معاهدة دي ميشال في عام 1934م، اختار الأمير بلدة معسكر كعاصمة لدولته، وعمل على تنظيم شؤونها، وبدأ في إرساء الأمن بعد فترة من الفوضى في المنطقة، ومع وصول التعزيزات العسكرية، خرق الفرنسيون الاتفاق وقاتلهم الأمير بشدة، وتسببت المقاومة الجزائرية في خسائر فادحة للجيش الفرنسي، مما أجبر الجنرال الفرنسي توماس روبرت على إبرام معاهدة جديدة مع الأمير عبد القادر، وهي معاهدة تافنة التي تم توقيعها في مايو 1837، والتي اعترفت بسلطة الأمير على ثلثي الجزائر.
استغلت فرنسا المعاهدة الجديدة لإحضار تعزيزات عسكرية إضافية إلى الجزائر، ثم عادت لمهاجمة المناطق التي تخضع لسيطرة الأمير عبد القادر. في عام 1941، نجح الجيش الفرنسي في احتلال معسكر العاصمة الجديدة للدولة الجزائرية وحرقه. واتبع الجيش الفرنسي سياسة الأرض المحروقة ضد القبائل المؤيدة للمجاهدين. استمرت المعارك بين الأمير عبد القادر والجيش الفرنسي حتى عام 194.
بعد أن قاوم بشدة، تم اضطرار الأمير عبد القادر ورفاقه للاستسلام لفرنسا في عام 1847. ومع ذلك، سمح له بالمغادرة إلى الإسكندرية أو عكا في فلسطين، ولكن فرنسا لم تحترم اتفاقياتها مع الأمير، حيث تم احتجاز الأمير وأسرته ورفاقه في فرنسا.
تغيير النظام في فرنسا:
- بعد تغيير النظام في فرنسا وتزايد الضغوط الداخلية والخارجية، تم الإفراج عن الأمير ورفاقه في عام 1852 بفضل الرئيس لويس نابليون وبفضل تدخل رجال الدين الكاثوليك والمثقفين وضباط الجيش والسجناء السابقين الذين عولوا عليهم الأمير بإنسانيته الغير متوقعة، ثم سافر إلى بورصة في تركيا بمعاش فرنسي سخي، حيث عاش لمدة عامين قبل أن ينتقل إلى دمشق في عام 185.
- في 9 يوليو 1860 تغيرت حياته بالكامل بسبب الصلاة والدراسة والتعليم، وأثارت الحكومة التركية غضبها من المسيحيين الذين رفضوا دفع الضرائب وحرضوا على أعمال انتقامية، وتحول ذلك إلى مذبحة حقيقية. استخدم الأمير مقر إقامته الفخم كملاذ للدبلوماسيين الأوروبيين الذين كانت سفاراتهم هدفا للعنف، وانغمس هو وأتباعه الجزائريون في الحي المسيحي القريب وجلبوا الآلاف إلى منزله بأمان.
شخصية الأمير عبد القادر
كان عبد القادر زعيماً مطلقاً نادراً ما كان يستدعى العظماء لتقديم المشورة له وكانت المشاعر الدينية الجزائرية هي دعمه والقوة الوحيدة التي يمكن أن تجمع رعاياه وتوحدهم في مواجهة العدو إلا أن ذلك لم يمنعه من تعيين أشخاص أكفاء من جميع الجنسيات سواء كانوا يهوداً أو مسيحيين لمساعدته في بناء دولة حديثة اثناء توليه القيادة.
– تتحدث هذه الجملة عن سمعة الأمير عبد القادر وقصص مقاومته للاحتلال الفرنسي، وكيف أخذ مكانا بين علماء وأعيان مدينة دمشق وبدأ التدريس في الجامع الأموي. وأثناء السنوات الأخيرة من حياته، كان للأمير مشاركة رائدة في الحياة السياسية والعلمية لدمشق. توفي الأمير عبد القادر الجزائري في دمشق عام 1883، ودفن بجوار الشيخ ابن عربي في الصالحية بدمشق تنفيذا لوصيته.
نُقلت جثته إلى الجزائر عام 1965 ودُفِنَت في مقبرة عالية في ساحة الشهداء حيث دُفن فيها فقط شخصيات وطنية رفيعة المستوى مثل الرؤساء وفي عام 1966 أصدرت الجزائر طابعين بريديين لإحياء ذكرى الأمير عبد القادر قيمتهما 30 و 95 سنتيمتراً ويحملان الرقمين 431 و 432 في كتالوج إيفرت وتيلير.