على ماذا يدل موقف النبي مع كفار قريش عند فتح مكة
نقض صلح الحديبية
كيف نقضت قريش شروط صلح الحديبية؟
أراد الرسول صلى الله عليه وسلم عقد صلح الحديبية مع قريش لما يراه من خير ومكاسب عظيمة للمسلمين، وكان ذلك بسبب تفكيره البعيد المدى، بينما خالفه البعض من الصحابة في رأيهم. وتتمثل شروط صلح الحديبية فيما يلي:
- عاد الرسول وأصحابه إلى المدينة المنورة في عامهم هذا دون دخول مكة لأداء العمرة، مع السماح لهم بالعودة العام المقبل وخروج المشركين منها
- الهدنة لمدة عشر سنوات بين المسلمين والمشركين
- يتم ترك حرية الاختيار للقبائل للانضمام إلى أي حلف مشرك أو حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن لا يكون هناك عداء تجاه أي قبيلة تختار الانضمام إلى طرف معين
- إذا عاد شخص من أهل مكة الذين اعتنقوا الإسلام إلى مكة دون علم من الأولياء، فإنه يجوز له العودة، وليس على المشركين إرجاع من ارتد عن الإسلام
هذه هي بنود صلح الحديبية التي غيرت تاريخ الإسلام والمسلمين وتاريخ الجزيرة العربية حتى الآن.
ثم جاء نقض الصلح في البند الثالث عندما استغلت قبيلة بني بكر انشغال المسلمين بالسرايا وهاجمت إحدى القبائل التي دخلت في حلف الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بالتنسيق والمساعدة من قبيلة قريش. قاموا بالتخطيط للهجوم في الليل وقتلوا 23 رجلا من قبيلة خزاعة. فرت قبيلة خزاعة إلى الحرم لتحمي نفسها، وعندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخبر من عمرو بن سالم الخزاعي، تبين له أن قريش قد نقضت الصلح. فاتخذ الرسول قرارا بالسير نحو فتح مكة
قرار النبي بالسير لفتح مكة
ما قرار رسول الله بعد نقض الصلح؟
أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة إلى قريش تحمل ثلاثةأمور، وعليهم اختيار واحد منها
- إمّا دفع دية قتلى قبيلة خزاعة.
- إما أن يبرأوا تمامًا من القبيلة التي اعتدت على قبيلة خزاعة
- يمكن أن يكون ردهم نبذًا على حدٍ سواء، واختار قريشٌ أن ينبذوه إليهم على حدٍ سواءٍ
طلب قريش بتجديد الصلح
ماذا فعلت قريش لتجديد الصلح؟
أعربت قريش عن ندمها بعد رد فعلها الساذج على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأرسلت أبا سفيان بن حرب إلى رسول الله لإعادة شروط صلح الحديبية من جديد، وعندما تكلم الرسول، لم يتردد أبو سفيان في العودة سريعا إلى أبي بكر – رضي الله عنه – لعرض الموضوع مرة أخرى، ولكنه لم يحصل على أي رد من أبي بكر، ثم ذهب إلى عمر بن الخطاب، وبعد ذلك إلى علي بن أبي طالب وفاطمة – رضي الله عنهم جميعا – ولكنه لم يجد أي استجابة، فعاد إلى مكة المكرمة محبطا.
التحضير للغزو
كيف خطط النبي -عليه الصلاة والسلام- لغزو مكة؟
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالاستعداد والتجهيز للقيام بالغزو، ولكنه لم يعلن ذلك بل اعتمد على التجهيز بالسرية. وأمر السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها أيضا بالتجهيز للسفر واستخدام السرية. حتى عندما سألها أبوها وزوجها عن تجهيزاتها للسفر، أجابت بأنها لا تعلم شيئا. ولكن عندما رأى الرسول الحالة، أمرها بالاستعداد للجهاد وأمرها أيضا بعدم الإعلان عن الأمر والاحتفاظ به في السرية.
بدأ الجيش في الاستعداد للقتال في سرية تامة وتجهيز أسلحته، وقامت جميع القبائل بإرسال رجالها إلى المدينة المنورة. وقد عيّن رسولنا الكريم عمر بن الخطاب على أطراف المدينة ليراقب أي شخص يحاول دخول المدينة بدون إذن، وذلك لمراقبة الأمن والسلامة في المدينة
تمويه الخروج إلى قريش
ماذا فعل الرسول لضمان سرية الغزوة؟
لتشتيت الانتباه وإبعاد النظر عن مكة، ولجعل الناس يظنون أن الرسول يعمل على تجهيز مساعدة لإرسالها إلى بطن إضم (تقع بين ذي المروة وذي خشب)، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بإرسال بن ربعي الأنصاري وثمانية رجال معهم إلى إضم، وذلك بموجب التورية. وساعد موقع إضم باتجاه طريق مكة المكرمة على هذه الخدعة
تقسيم الجيش لدخول مكة كيف قسم النبي الجيش
لقد قام الرسول بتقسيم الجيش إلى أربع فرق وهي كالتالي:
- الفرقة الأولي: هم مجموعة من أقوى الفرسان تحت قيادة خالد بن الوليد ومهمتهم هي الدخول إلى مكة من الجنوب.
- الفرقة الثانية: وتعتبر هذه الفرقة أيضًا من الفرسان الأقوياء بقيادة الزبير بن العوام، ومهمتها هي دخول مكة المكرمة من الجهة الشمالية.
- الفرقة الثالثة: تتألف من المشاة وكان أبي عبيدة الجراح هو قائدها.
- الفرقة الرابعة: هذه هي الفرقة الأنصار التي كان معها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقادها سعد بن عبادة.
صفة دخول النبي مكة المكرمة
كيف دخل جيش المسلمين مكة المكرمة؟
عندما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المكان، وجده خاليا تماما من الزائرين، لذلك لم يكن يريد القتال ما لم يضطر إلى ذلك في حال وجود شخص يحاول القتال. وفي هذا الوقت، كان القتال شرعيا إذا كانت هناك حاجة له. وقد سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – من سيد الخزرج، الذي كان مستعدا للقتال، أنه قال: “اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة”. لكن النبي – عليه الصلاة والسلام – أكد أن سعد كذب، ولكن هذا اليوم هو يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويتم فيه تكريم الكعبة
دخلت جميع الفرق مكة المكرمة دون حدوث أي قتال إلا في المنطقة التي كان يتزعمها عكرمة بن أبي جهل. ثم قام الرسول مع خالد بن الوليد للمشاركة في القتال حتى فر العدو وانطفأت نار المشركين، وفتحت مكة المكرمة أبوابها لسيد الخلق وولد آدم صلى الله عليه وسلم. دخل مكة المكرمة بتواضع وكان يقرأ سورة النصر بخشوع، وحرص على تذكير نفسه ومن معه بأن النصر من عند الله سبحانه وتعالى، وأمر بتكسير جميع الأصنام حول الكعبة وكسرها
العفو العام وخطبة النبي
ما هو موقف النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من أهل مكة؟ قصة عفو الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أهل مكة
بعد أنّ فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة دخل ووقف في صحن الكعبة المُشرفة ودعا جميع الناس وأهل مكة وكلهم شعور بالخجل مما قاموا به من معاملة سيئة للمسلمين ومن اعتنق الإسلام من تعذيب ومصادرة كافة أموالهم، بدأ صلى الله عليه وسلم حديثه بتوحيد الله ثمّ أكمل حديثه على فضل ونعمة الإسلام وأنّ ودخولهم الإسلام أزال الله سبحانه وتعالى عنهم رجس الشرك، ثم سألهم رسول الله عن ظنهم فيما سيفعله بهم؛ فقال: “يا معشرَ قريشٍ ما تقولونَ قالوا نقولُ ابنُ أخٍ وابنُ عمٍّ رحيمٌ كريمٌ ثمَّ أعادَ عليهمُ القولَ ما تقولونَ قالوا مثلَ ذلِك قال فإنِّي أقولُ كما قال أخي يوسفُ {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} فخرجوا فبايعوهُ على الإسلامِ“.
يدل موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش عند فتح مكة على جمال العفو الذي أظهره الرسول وكيفية معاملة الإسلام للإنسان، وهذا جعل العديد من أهل مكة يدخلون في الدين الإسلامي، ويؤكد ذلك قول الله عز وجل “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” و “وإنك لعلى خلق عظيم”، حيث يمثل هذا الموقف درسا عظيما عن العفو والتسامح وليس فقط عند دخول مكة ولكنه يمثل جوهر الإسلام لنبذ العنف وتحقيق السلام والأمن