أثارت النسخة الجديدة من المسرحية التي يقدمها المسرح الوطني في لندن جدلا كبيرا بسبب الحالات التي أدت إلى إغماء بعض الجمهور المشاهد لها، حيث اعتبر بعض الحضور أنها غير محتملة. تم تسجيل خمس حالات لأشخاص فقدوا الوعي أثناء عرض المسرحية الدموية التي تضم مشاهد للاعتداء الجنسي والتعذيب وحتى تقطيع الأجساد، وكانت إحدى أبشع المشاهد التي عرضت هي ظهور مقطع يظهر كأن لسان أحد الممثلين قد تم قطعه.
لماذا تعرضت المسرحية للانتقادات اللاذعة ؟
ذكرت وسائل الإعلام أن 40 شخصا آخرين غادروا المسرحية التي عرضت، وقد أعرب المسرح الوطني عن موضوعها بأنه يتعلق بـ “الحدود بين الجمال والوحشية” وأن الهدف منها هو عرض صورة خيالية لعالم لا يوجد فيه لغات ولا علاقات إنسانية، وإنما يتم عرض العظام فقط. وتعرضت المسرحية لانتقاد شديد من صحيفة الديلي ميل البريطانية، حيث وصفتها “كوينتين ليتس” بأنها “متعة من البشاعة المملة”، وذكر أن هناك مشهدا في المسرحية يتم فيه تقطيع سجين في مركز للتأهيل من المخدرات أثناء ممارسة الجنس، في صورة تشبه مجموعة من القرود في حديقة الحيوانات.
لم يتوقف ليتس عند هذا بل استطرد في الوصف بأن المسرحية تظهر أشخاص يلبسون أقنعة سوداء يساهمون في الإذلال و تظهر المشاهد المميتة من إخراج كيتي ميتشيل و أصوات تحيط بالمكان و تبدأ أصوات الزوامير و أبواب حديدية و أضواء كثيرة تشوش النظر. ليس ليتس فقط من انتقد المسرحين فحتى المنتقدين الذي يعشقون الحبكات التي تبنى على قاعدة “الحب عن طريق التعذيب” اتفقوا جميعا على أن المسرحية غاية في العنف. إذ قال الناقد المسرحي لصحيفة “ذا غارديان” ما يكل بيلينغتون أن المسرحية عبارة عن مراحل عالية من الرعب و يجب أن يتم تحذير مشاعر المشاهد بشكل كبير من خلال الأصوات الغنائية.
هل أحب الناس هذه المسرحية ؟
على الرغم من ما قاله المنتقدون، فإن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عبروا عن رأيهم في المسرحية التي شاهدوها واختلفوا مع النقاد، حيث وصفوا المسرحية بأنها دليل على قوة عمل الفنانة التي تعتبر واحدة من كتاب المسرحيات الأكثرتأثيرًا في بريطانيا، وهي “سارا كاين” التي قامت بالانتحار في عام 1999.
و عبرت مخرجة المسرحية في حوار إذاعي لها في برنامج فرونت رو ” Front Row ” أن التمثيل في هذه المسرحية لم يكن بالأمر السهل على كل فريق العمل، و أنه خلال التصوير كان الجميع يرى الكوابيس في الليل، لكنها قالت أن من يركزون على مشاهد العنف يفقدون الهدف الرئيسي من المسرحية. و أضافت أن كل مشاهد العنف تلك ليست سوى تجارب يقوم بها طبيب عن الحب لمعرفة مدى تحمله من خلال اختبار متانة الحب أمام التجارب العنيفة، و في نهاية المسرحية يفوز الحب على العنف.
مسرحية Cleansed
هذه المسرحية هي ثالث مسرحية للكاتبة سارا كين. و عرضت لأول مرة في سنة 1998 في المسرح الملكي داونستيرز في لندن. تدور المسرحية في جامعة تتحول لتصبح عبارة عن مجزرة كبيرة تخضع لقوانين الطبيب تينكر. عندما تم عرض المسرحية لأول مرة قامت سارا بلعب دور غراس في آخر ثلاث مشاهد بسبب جرح تعرضت له الممثلة الأصلية. يقال أن تينكر في المسرحية كان يسمى قبل الانتقادات التي واجهتها المسرحية في بريطانية خاصة من صحيفة الديلي ميل “جاك تينكر”.
سارة كاين “Sarah Kane“
هي كاتبة و مخرجة و مسرحية من مواليد برينتوود في المملكة المتحدة في 3 فبراير سنة 1971. عرفت في أعمالها المسرحية بمواضيع الحب التعويضي و الألم و التعذيب الجسدي و النفسي و الموت كذلك. كما اشتهرت مسرحياتها بالكثافة الشعرية و استكشافها للشكل المسرحي إضافة إلى طابع مواضيعها المتطرقة و العنيفة.