ما حكم اقامة الرجل من مجلسه
حكم اقامة الرجل من مجلسه
حكم إقامة الرجل من مجلسه ما بين الكراهة والتحريم
من اداب المجلس : إذا جلست في مجلس سابق فأنت أحق به، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيام الرجل من مجلسه وجلوس آخر مكانه، بل يجب أن يترك المكان لمن سبقه في الجلوس حتى ينتهي من مصلحته في المجلس، وذلك وفقا لحديث صحيح للبخاري عن ابن عمر، وحديث آخر صحيح لمسلم عن أبي هريرة يؤكد أنه إذا قام أحد من المجلس ورجع فإنه يحق له الجلوس مكانه
قال ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى : (هذا خاص في المواضع المباحة للناس دخولها، والجلوس فيها، إما على العموم للناس كلهم، مثل المساجد، ومجالس الحكام والعلم، أو على الخصوص، كمن يدعو قوما مخصوصين إلى منزله، في وليمة وغيرها مما أجازته الشريعة، فهذه المجالس من جلس فيها مجلسا، فلا يقام منه ويجلس فيه غيره المباح كله : الناس كلهم فيه على حد سواء، الرفيع والوضيع، فمن سبق إلى شيء منه فقد استحقه، ومن استحق شيئا من الأشياء بوجه شرعي، فإذا أخذ منه بغير وجه شرعي فقد غصبه، والغصب حرام بدليل الإجماع).
إقامة الرجل من مكانه يعد عدوانًا على الآخرين، والعدوان على الآخرين حرام، ويُقال أنه يعد من الأمور المكروهة، ولكن الحرمة هي الأولى.
نهى الاسلام عن إقامة الرجل من مكانه حتى لا تكون بين المسلمين
نصح الإسلام بعدم قيام الرجل عن مكانه حتى لا يحدث عداوة بين المسلمين
تخيّل أنك طالبت بمجلس شخصٍ آخر في المسجد، أو في ساحة انتظار الطبيب، بماذا سيشعر هذا الشخص، بعدم التقدير، والبغض، وهو أمر هيّن قد يتسبب في عداوات كبيرة لا تنتهي،ويُمزق الأخوة بين العباد، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : (نهى النبي صلى الله وسلم عن ذلك لأن فيه عدوانا على أخيه).
ومن أقام شخص من مكانه الذي سبق إليه، فقد ظلمه، واعتدى عليه، وعليه أن يطلب منه مسامحته، والعفو عن الإساءة حتى لا يُعرّض نفسه للحساب، في صحيح البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ).
من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به
اهتم النبي ببيان ما يفيد الأمة الإسلامية من أمور دينهم، ودنياهم، وتعاملاتهم فيما بينهم، لحفظ الود، والإخاء بين المسلمين، وتفاديًا لكل ما قد يشق صف الأمة، وينشر الحقد، والبغضاء بين العباد،فمصادرة حق أخيك المسلم في مجلسه استنقاصًا لحقه، والعباد سواءًا عند ربهم، عن وهب بن حذيفة الغفاري، عن النبي صلّ الله عليه وسلم : (الرجلُ أحَقُّ بمجلسِه و إن خرج لحاجتِه ثم عاد فهو أحقُّ بمجلسِه)، وفي رواية أخرى عن أبي هريرة عن النبي صلّ الله عليه وسلم : (إذا قامَ أحَدُكُمْ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ، فَهو أحَقُّ بهِ).
إذا كنت في المسجد وأحد المصلين قام من مكانه ليتوضأ، فلا يجوز لك أن تأخذ مكانه، إلا إذا كنت في إنتظار الطبيب وتركت مكانك للذهاب إلى المرحاض والقيام ببعض المهام في المنزل، فلا يحق لك استعادة مكانك عند عودتك، لأنك ما زلت مشغولا بالأمر الذي جئت لتنفيذه، ولم تغادر المكان، ولم تغادر مكانك إلا لقضاء بعض الأعمال السريعة.
من آداب المجلس
- الإستئذان قبل الدخول.
- إلقاء السلام.
- اجلس حيث ينتهي المجلس.
- حفظ أسرار المجلس.
- توسيع المجلس أمر مستحب.
- عدم الانفراد بدفة الحديث.
- لا تجلس بين اثنين إلا بإذنهما.
- تلاوة كفارة المجلس والدعاء، والصلاة على النبي.
- الحذر من التناجي.
جعل الإسلام لكل شيء قواعد، ويشمل هذا القانون الآداب التي شرعها الإسلام للمجالس
الإستئذان قبل الدخول : يجب عليك أيها المسلم أن تطلب الإذن قبل أن تسمح لنفسك بدخول مجالس الأشخاص ومنازلهم، وذلك وفقا للبخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الاستئذان ثلاث مرات، فإن أذن لك فادخل، وإلا فارجع)، وقال النووي رحمه الله: (والسنة أن يسلم ثم يستأذن، فيقف عند الباب دون أن ينظر إلى داخله، ثم يقول: السلام عليكم، هل لي إذن للدخول؟ فإن لم يستجب له أحد، يكرر ذلك مرتين ثم ينصرف إن لم يجبه أحد).
إلقاء السلام : قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أول ما أدلكم على الحب إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم`. فإن السلام يرقي القلوب ويجمع بين المسلمين، وعندما يأتي أحدكم إلى مجلس فليسلم، وعندما يريد الخروج فليسلم أيضا، والأفضلية في التحية ليست للأول على حساب الآخر.
اجلس حيث ينتهي المجلس : أهل البيت هم الأكثر علما بأدب الجلوس والمجالس، فعليك أن تجلس في المكان الذي يجلسونك به. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يقيمن أحدكم أخاه ثم يجلس في مجلسه). وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم من المجلس ثم رجع إليه فهو أحق به). وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه: كنا إذا زرنا النبي صلى الله عليه وسلم، يجلس أحدنا حيث ينتهي، وكان عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، إذا قام أحد الجالسين ليجلس مكانه، كان يرفض ذلك.
حفظ أسرار المجلس : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المجالس بالأمانة)، فاحفظ أمانة الكلمة، ولا تكشف أسرار المجلس، وإن كان بينك وبين أحدهم عداوة، عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا حدث رجل رجلا بحديث ثم التفت فهو أمانة)، فلا حاجة لأن يوصيك أحدهم بحفظ سره، لا تتردد في كل ما يقال أمامك، واقرأ التلميحات جيدا، فخفض الصوت إشارة، والتلفت إشارة، قال عمر بن عبد العزيز: أي خصال الرجل أوضع؟ قال: كثرة كلامه، وإفشاؤه سره، والثقة بكل أحد، والحذر كل الحذر من كشف أسرار المرأة لصديقتها لزوجها أو لأي رجل آخر، ولأي شخص سواء كان رجلا أو امرأة، فلا تصفي ما رأيت من جسد صديقتك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تخوض المرأة مع المرأة فتشتم لزوجها كأنه يراقبها)، ويجوز الوصف بالثناء أو الذم في حالات محدودة مثل الخطاب.
توسيع المجلس أمر مستحب : في كتاب الله تعالى، يفضل توسيع المجلس والإفساح فيه على قدر المستطاع. ويقول: “يا أيها الذين آمنوا، إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا، يفسح الله لكم. وإذا قيل انشزوا فانشزوا، يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات، والله بما تعملون خبير”. ويقول بعض الحكماء: “رجلان ظالمان يأخذان غير حقهما، رجل وسع له في مجلس ضيق فتربع وتفتح، ورجل أهديت له نصيحة فجعلها ذنبا.
عدم الانفراد بدفة الحديث : اترك الآخرين يتحدثون ولا تتحدث بشكل منفرد، واستمع بعناية عندما يتحدث الآخرون، وتذكر أن لكل شخص أسراره الخاصة وقد لا يكون مستعدا للاستماع، كما قال الحسن رحمه الله: “تحدث مع الناس بما يرضيهم وإذا التفتوا فاعلموا أن لديهم احتياجات.
لا تجلس بين اثنين إلا بإذنهما : حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، رضي الله عنهم، أن الرسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يحل لأحد أن يفرق بين شخصين دون إذنهما).
تلاوة كفارة المجلس والدعاء، والصلاة على النبي : عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من جلس في مجلس وتكلم كثيرا فيه، ثم قال قبل أن يقوم من مجلسه تلك الكلمات: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه تلك).
الحذر من التناجي : التناجي هو أن يتحدث شخصان ويتركوا الثالث، أو يتحدث أربعة ويتركوا الخامس، أو أي عدد يترك فردا، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس، لأن ذلك يحزنه).