الحيوانات التي يحرم اقتناؤها .. والحكمة من التحريم
ما هو الرفق بالحيوان في الإسلام
يعتبر الدين الإسلام دين الرحمة واللطف، حيث أوجبنا الله تعالى أن نكون رحماء مع جميع المخلوقات الحية. فقد سبق لي أن سمعت عن امرأة دخلت النار بسبب قطة حبستها ومنعتها من الطعام، ورجل آخر دخل الجنة بسبب كلب سقيه بالماء.
ويوجد جماعة كبيرة من الناس يفضلون تربية الحيوانات الأليفة في منازلهم، ويهتمون بهم ويقدمون لهم الطعام باستمرار. وقد أعطى الإسلام العديد من القواعد للتعامل السليم مع الحيوانات في جميع الأوقات، وبالتالي تتميز معاملة الحيوانات في الإسلام بالرحمة التي تميزها عن الأديان السماوية الأخرى.
استوعب المسلمون مفهومالرفق بالحيوان وطبقوه في حياتهم على مدى الزمن، حيث كانت تنتهك حقوق الإنسان وحقوق الحيوان في العديد من الانتهاكات المختلفة، مثل الاستعباد والقهر والتعذيب.
سبق المسلمون الحديث عن حماية الحيوانات بعشرات القرون، حيث قاموا بتطبيق تلك الأحكام، ولم ينتبه غيرهم لهذا الأمر إلا في وقت متأخر، ولذلك تم إنشاء مؤسسات وهيئات ومنظمات لحماية ورعاية الحيوانات.
تسعى تلك المؤسسات إلى الحفاظ على حقوق الحيوانات بشكل كامل، من خلال تشريع بعض القوانين والضوابط لمكافحة جرائم الوحشية ضد الحيوانات.
فعن سهل ابن الحنظلية قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ببعيرٍ قد لَحِقَ ظهرُه ببطنه، وقال: (( اتّقوا الله في هذه البهائم المُعْجَمة، فاركَبُوها صالحةً، وكُلُوها صالحةً )). وهذا حديث رواه أبو داود.
وقوله (( قد لَحِق ظهرُه ببطنه )) أي: يعني الحديث أنه يجب توخي الحذر والتقيد بالتقاليد والأخلاق الإسلامية في التعامل مع الحيوانات، وخاصة تجنب إيذائها بالجوع والعطش والتعب والمشقة.
ما هي الحيوانات التي يحرم اقتنائها
على الرغم من أن الدين الإسلامي قد أمرنا بحسن معاملة وتربية الحيوان، إلا أنه قد حرم علينا اقتناء بعض الحيوانات، حيث يقابلنا الحديث الشريف عن الحيوانات التي يحرم اقتناؤها في البيت، فهي الخنزير والكلب.
لأنها تعتبر من الحيوانات النجسة وقد استثنى من الكلاب ما كان كلباً للماشية أو الصيد أو للزرع، لذلك قد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “مَنِ اقْتَنَى كلْبًا ليس بِكلْبِ صيْدٍ ولا ماشِيَةٍ، ولا أرضٍ فإنَّهُ يَنقُصُ من أجْرِهِ قِيراطانِ كلَّ يومٍ” وبالتالي سوف يدخل ذلك في حكم التحريم.
ما هي الحكمة من عدم اقتناء الخنزير في البيت
لم يتم ذكر في أي نص أو حديث نبوي شريف حتى الآن عدم وجود الملائكة في المكان الذي يتواجد فيه الخنزير. جميع الأحاديث تؤكد عدم وجود الملائكة في المكان الذي يتواجد فيه الكلب، وعلى الرغم من أن الخنزير يُعتبر أحد أكثر الحيوانات نجاسة لأنه يأكل فضلاته.
فقد قال بدر الدين العيني في عمدة القاري: لم يرد امتناع الملائكة عن دخول المنازل التي بها قطة أو خنزير وغيرهمن الحيوانات النجسة، إلا في المنزل الذي به الكلب خاصة دون سائر الحيوانات النجسة.
وأما بالنسبة لإقتناء الخنزير؛ فالخنزير يعتبر حيوان أخبث من الكلب، ولا يجوز اقتناؤه بأي حال من الأحوال، ففي الحديث الشريف: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ… إلخ. رواه البخاري.
وقال الحافظ في الفتح: تُستفاد من تحريم اقتناء الخنزير وتناوله ونجاسته، لأن الشيء الذي يمكن الاستفادة منه لا يجوز إتلافه.
من جهة أخرى، ذكر القاضي عبد الوهاب المالكي في كتابه “الإشراف على نكت مسائل الخلاف” أن الخنزير أكثر تحريمًا من الكلب، لأن الكلب يمكن استخدامه لأغراض معينة ويجوز قتله في بعض الحالات، في حين أنه لا يجوز استخدام الخنزير بأي شكل من الأشكال.
وقد جاء في الموسوعة الفقهية ايضاً: الخنزير يعتبر حيوانًا خبيثًا، ويشترك مع الكلب في التسبب بالنجاسة، ولذلك يعتبر كل شيء ينتج عنه نجسًا، ولهذا حرم الله على المسلمين أكل لحم الخنزير، فقد قال تعالى: `حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ`
استفد من فوائد الكلاب فيما يتعلق بلحومها وفراءها وجلدها، فعلى الرغم من نجاستها، يسمح بامتلاك الكلاب للصيد والحراسة، ولكن لا يسمح بامتلاك الخنازير بأي حال من الأحوال.
حكم اقتناء الكلب في البيت وتربيته وتدريبه
فيما يتعلق بشرعية اقتناء الكلب، فإنه غير مسموح بامتلاكه في المنزل، ولكن قد يستثنى من ذلك إذا كان تربيته ضرورية لأغراض معينة. ومن الجدير بالذكر هنا أن عادة تربية الكلاب دخلت على المسلمين من قبل الأعداء.
يجب الإشارة إلى أنه في حال وجود نية قطعية لشراء أرض وتحويلها إلى مزرعة، فلا يسمح بتربية الكلاب أو اقتنائها، وهذا يعني أن هناك احتمالية عدم شراء الأرض من قِبَل الشخص.
وإذا كانت الحاجة ملحة لحراسة الكلب، فإن الشريعة تسمح باستخدامه، ولا يشترط أن يكون الشخص قريبًا من المزرعة أو بعيدًا عنها، ولا يلزم أن يكون هو المسؤول عن تدريبه بنفسه.
عند الشافعية
ذُكر سابقًا في مذهب الشافعية أنه لا يجوز تربية الكلب في المنزل إلا للحاجة الضرورية لذلك، وفي حالة انعدام تلك الحاجة يجب إزالة خدمات الكلب كذلك. وقد ذُكر أيضًا أنه يجوز تربية الجرو الصغير الذي يُتوقع تدريبه لأداء حاجات الكلب الكبير ووجوده.
عند منهج الحنفية
الحنفية وغيرهم من الفقهاء يتفقون على تحريم تربية الكلب في المنزل إذا لم يكن هناك حاجة مثل استخدامه للصيد أو الزراعة، وذلك بسببوضوح بسبب النهي الوارد في الأحاديث التي رواها النبي – صلى الله عليه وسلم.
عند منهج الحنابلة
تحرم المذهب الحنبلي اقتناء الكلب، بناءً على تعليمات الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف، وإذا كانغير مسموح بامتلاك الكلب، فلا يجوز تدريبه، بل يُعتبر تدريبه حرامًا أيضًا.
ما حكم اقتناء الكلب خارج البيت للهواية
لا شك في أن هناك بعض الأشخاص الذين يرغبون في اقتناء كلب خارج المنزل للتسلية فقط، ومن الناحيبة أنه لا يجوز شرعًا أن يتم اعتبار تربية الكلب كهواية أو تسلية.
ولا يوجد فرق في ذلك بين وجود الكلب في البيت أو في مكانٍ منعزلٍ خارج البيت ويدل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ ، أَوْ مَاشِيَةٍ ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ ).
قال النووي: “اتفقت جميع أصحابنا وغيرهم على أن اقتناء الكلب بدون حاجة، مثل اقتناء كلب لإعجابه بصورته أو للمفاخرة به، حرام بدون خلاف.
يمكن أن يرجع السبب في النظرة السلبية للكلاب إلى معتقد بأن الكلاب هي من الحيوانات القذرة والخسيسة، وأنها تسبب المضار والمفاسد، مما يجعل الملائكة تبتعد عن المنزل ومنطقته، ويسبب الخوف والرعب للجيران وخاصة الأطفال، بالإضافة إلى أن الكلاب تعتبر نجسة وقذرة .
يمكننا القول من خلال هذا أنه إذا دعت الحاجة إلى تربية بعض الحيوانات مثل الغنم، والتي تحتاج إلى حماية من الذئاب والسارقين، فإن اقتناء كلب الحراسة يمكن أن يكون مفيدًا. وكذلك، إذا كان الهدف هو الصيد، فإن اقتناء الكلب المدرب للصيد يمكن أن يكون مفيدًا أيضًا، وبالتالي يزول الإثم عن صاحب الحيوان.