العرب لديهم من النوادر ما أكثرها وكل قصة منها تؤكد أن العرب كان لديهم العديد والعديد من النوادر التي تؤكد على أن كان في حياتهم جزء ساخر ولم تكن حياتهم كلها تشتهر بالجمود كما اتهمهم الكثيرون بذلك ، ولذلك اليوم نريد توضيح تلك النوادر من خلال سرد جزء القصص والحكايات التي دارت بينهم قديما والتي قد اشتهرت وما زال يرددها البعض إلى يومنا هذا والتي اتسمت بروح الفكاهة التي عليها العرب.
بين حانة ومانة : رجل تزوج امرأتين، الأولى اسمها حانة والثانية اسمها مانة. كانت حانة صغيرة في السن، لا يتجاوز عمرها العشرين، بينما كانت مانة في الخمسينات من العمر وكانت لديها الشيب في رأسها. عندما يدخل إلى غرفة حانة، تنظر إلى لحيته وتزيل كل شعرة بيضاء وتقول: “يصعب علي أن أرى الشعر الشائب يلهو بهذه اللحية الجميلة وأنت لا تزال شابا”. ثم يذهب الرجل إلى غرفة مانة، وهناك تمسك هي أيضا بلحيته وتزيل الشعر الأسود وتقول له: “يزعجني أن أرى شعرا أسود في لحيتك وأنت رجل كبير في السن وذو قدر عظيم”. استمرت حالة الرجل على هذا النحو حتى نظر في المرآة يوما ورأى نقصا كبيرا في شعره، فأمسك بلحيته بعنف وقال: “بين حانة ومانة ضاعت لحانا
أبو بكر الصديق ودغفل ومحاورة بالنسب
هذه قصة طريفة أوردها صاحب كتاب (سبائك الذهب في أنساب العرب) وهي عبارة عن حوار دار، في صدر الإسلام ، بين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وغلام من (بني شيبان) يقال له دغفلاً (أصبح فيما بعد نسّابة) . وكان أبو بكر رضي الله عنه عليماً بأنساب العرب وأحسابهم ، حتى أن حسان ابن ثابت رضي الله عنه عندما هجا قريشاً بالطعن في أنسابها وأحسابها ، قالوا : ذلك شعر لم يغب عنه أبو بكر .
حكاية تقول بأن أبا بكر رضي الله عنه مر مع النبي صلى الله عليه وسلم في أول رحلة بعثتهم، وصادفوا قومًا من بني شيبان في الحرم، وسأل أبو بكر هؤلاء القوم:
ممن القوم ؟ فقالوا من بني شيبان ،
فقال من أيهم ؟ قالوا من ذهل ،
فسألوه: من ذهل الأكبر، أم الأصغر؟ فأجابوا: بل من ذهل الأكبر
قال أمن هامتها أم من لهازمها ؟ قالوا : من هامتها .
قال : هل يمكن لشريك في الجريمة قاتل الملوك والسارق منهم أن يكون آمناً؟ فأجابوا: لا .
قال أمنكم عوف الذي قيل فيه : لا حرَّ بوادي عوف ؟ قالوا : لا .
قال : هل أنتم آمنون مع المزدلف الحر الذي يرتدي العمامة الفردية؟ قالوا: لا .
سألوهم: “أأنتم أخوال الملوك من كندة؟” قالوا: .
قال: هل أنتم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا .
قال فلستم من ذهل الأكبر …
عند ذلك قام له دغفل وقال : (إن على سائلنا أن نسأله .
فممن الرجل فقال أبو بكر : من قريش
فقال : دغفل بخ بخ أهل الرياسة والشرف!
فمن أي القرشيين أنت ؟ فقال أبو بكر : أنا من أسرة تيم بن مرة التي ينتمي إليها أبو بكر وطلحة، وهي فرع قليل العدد جدًا في قريش، وكانت هذه الأسرة تعد من الأسر المرموقة في ذلك الوقت ،
فقال دغفل : والله لقد ساعدت الرامي على التغلب على الصعاب ،
وقال له : هل تعلمون عن أمنكم قصي بن كلاب الذي جمع قبائل قريش وكان يلقب بـ `المجمع`؟ فأجاب أبو بكر بـ `لا` .
قال دغفل : هاشم الذي هشم الثريد لقومه وأهل مكة كان الأمين الذي يحظى بثقتهم، فأجاب بـ `لا` .
سأل عبد المطلب بن هاشم: هل مطعم طير السماء آمن؟ فأجابوا: لا .
قال : هل أنت من أهل الحجابة؟ أجاب بلا
هل أنت أقل الشرب؟ قال “لا
قالت أمن أهل الرفادة أنت، وقلت لا .
قال أمن أهل اللواء أنت قال لا ..
انسحب أبو بكر، رضي الله عنه، ثم قيل له إنه وقع من الغلام على الباقعة .
فأجاب : كل مشكلة لها مشكلتها، والبلاء يعود إلى العقل .
لعن الله من اكل ثنتين ثنتين
جلس اعمى وبصير معا ياكلان تمرا في ليلة مظلمة فقال الاعمى : انا لاارى ولكن لعن الله من ياكل ثنتين ثنتين وعندما انتهى التمر صار نوى الاعمى اكثر من نوى البصير فقال البصير : كيف يكون نواك اكثر من نواي فقال الاعمى لاني اكل ثلاثا ! فقال البصير اما قلت : لعن الله من ياكل ثنتين ثنتين ؟ قال : بلى ولكني لم اقل ثلاثا
انصرف وهو ماجور
قعد رجل على باب داره فاتاه سائل فقال له :جلس شخص ما ثم صاح بجاريته قائلاً `ادفعي هذا السائل صاعًا من الحنطة`، فأجابت بأنه لا يوجد لديهم حنطة، فطلب منها أن تعطيه درهمًا، فأجابت بأنه لا يوجد لديهم دراهم، فأمرها بأن تطعمه رغيفًا، فأجابت بأنه لا يوجد لديهم رغيف، فالتفت إليه وصرخ قائلاً `انصرف يا فاسق يا فاجر`، فرد السائل قائلاً `سبحان الله، تحرمني وتشتمني`، فأجاب الشخص `أحببت أن تنصرف وأنت مأجور`
مدح ام هجاء
حكى الاصمعي قال : كنت أمشي في إحدى شوارع الكوفة عندما رأيت رجلا عربيا يحمل قطعة قماش. سألني عن مكان خياط قريب، فأخذته إلى خياط يدعى زيد وكان لديه عيب في العين. قال الخياط: `والله لن أخيط له بأي حال من الأحوال، فأنت لا تعرف ما إذا كان قباء أم دراجا`. رد الرجل العربي قائلا: `والله لأقول فيك قصيدة، فأنت لا تعرف ما إذا كانت مديحا أم هجاء`. بعد انتهاء الخياطة، أخذ الرجل العربي الثوب ولم يعرف هل سيرتديه كقباء أم دراجة. فقال عن الخياطة: `هذه هي القصيدة`
خيط لي زيدًا قباء … ليت عينيه سواء
لم يكن الخياط يعلم إنه دعاء أو دعوى عليه
نار الاعرابي
أشعل أعرابي نارًا يستخدمها للتدفئة في الليالي القارسة في الصحراء، وبعدما جلس ليستمتع بالدفء، نطق بصوت مرتاح: “اللهم لا تحرمني من هذا الدفء، لا في الدنيا ولا في الآخرة
صراحة أعرابي
جاء أحد الأعرابيين إلى أحد الولاة ليحاكم على جريمة اتُهِم بها، وعندما دخل على الوالي في مجلسه، أخرج كتابًا يحتوي على قصته وقدمه للوالي قائلًا: `هاؤم، اقرأوا كتابي.` ..
فقال الوالي : إنما يقال هذا يوم القيامة .
فقال : والله يا أخي هذا شر من يوم القيامة، ففي يوم القيامة سيتم عرض حسناتي وسيئاتي، أماأنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي .
الطبع يغلب التطبع
حكى بعضهم قال : كنت في سفر فضللت عن الطريق ، فرأيت بيتاً في الفلاة ، فأتيته فإذا به أعرابيّة ، فلما رأتني قالت من تكون ؟ قلت ضيف . قالت أهلاً ومرحباً بالضيف ، انزل على الرحب والسعة . قال فنزلت فقدمت لي طعاماً فأكلت ، وماءً فشربت ، فبينما أنا على ذلك إذ أقبل صاحب البيت . فقال من هذا ؟ فقالت ضيف . فقال لا أهلاً ولا مرحباً ، ما لنا وللضيف ، فلما سمعت كلامه ركبت من ساعتي وسرت ، فلما كان من الغد رأيت بيتاً في الفلاة فقصدته فإذا فيه أعرابيّة فلما رأتني قالت من تكون ؟ قلت ضيف . قالت لا أهلاً ولا مرحباً بالضيف ، ما لنا وللضيف ، فبينما هي تكلمني إذ أقبل صاحب البيت فلما رآني قال من هذا ؟ قالت ضيف . قال مرحباً وأهلاً بالضيف ثم أتى بطعام حسن فأكلت ، وماء فشربت ، فتذكرت ما مر بي بالأمس فتبسمت . فقال مم تبسمك فقصصت عليه ما إتفق لي مع تلك الأعرابيّة وبعلها ، وما سمعته منه ومن زوجته ، فقال لا تعجب ان تلك الأعرابيّة التي رأيتها هي أختي ، وان بعلها أخو إمرأتي هذه ، فغلب على كل طبع أهله .
مجاعة الاعرابي
قال الأصمعي : ألحقت الجوعى بالأعراب، فرأيت رجلاً منهم وهو قاعدٌ مع زوجته على جوانب الطريق ويقول:
يا رب اني قاعد كما ترى
وزوجتي قاعدة كما ترى
والبطن مني جائع كما ترى
ما هو رأيك يا رب فيما نراه؟
إمام لا يحسب:
إمام قرأ في صلاته ووعدنا موسى بثلاثين ليلة وأتممناها بعشر، فتم ميقات ربه خمسين ليلة
فجذبه رجل وقال: ما تحسن تقرأ .. وما تحسن تحسب.
أعرابي يقوم الليل:
تذاكر قوم صالحون قيام الليل وعندهم أعرابي، فقالوا له: هل تقوم بالصلاة ليلا؟ قال: نعم، والله، قال: فماذا تفعل؟ قال: أصلي وأعود للنوم.