بيت النابودة في الشارقة
يعتبر واحدا من أهم المعالم الحضارية المميزة في مدينة الشارقة متحف بيت النابودة، والمشهور بمكانته السياحية والتاريخية الرائعة. إنه البيت الذي يحتوي بين جدرانه على متحف الشارقة للتراث في يومنا هذا، والذي يقع في وسط المدينة التراثية للشارقة. يعتبر من أكبر المنشآت التراثية في دولة الإمارات بأكملها، حيث يبرز ويعرض مجموعة من الأدوات التي استخدمها أهالي مدينة الشارقة في الحرف المختلفة في العصور القديمة. تأسست هذه المدينة الفريدة والقديمة منذ حوالي ستة آلاف عام تقريبا، وكان سكانها الأصليون يتاجرون ويعملون في صنع السفن المستخدمة في الصيد والتجارة، بالإضافة إلى صيد اللؤلؤ. تعرضت المدينة للحروب والغزوات مثل البرتغاليون والهولنديون والبريطانيون، حتى وصلت قبيلة القواسم التي عقدت العديد من الاتفاقيات مع البريطانيين لتوليها قيادة المدينة وحكمها. وبالفعل، استلمت الحكم منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا. بدأ اكتشاف النفط في أراضي الشارقة في أوائل سبعينيات القرن الماضي، مما جعلها واحدة من أهم المناطق السياحية والثقافية العصرية التي يمكن زيارتها. تطورت ثقافيا وفكريا وشكلت حضارة خاصة بها. تتميز بأسعار منخفضة، مما يتيح الإقامة فيها، وتوفر العديد من المعالم السياحية والحضارية المختلفة على أراضيها. ومن بين هذه المعالم البارزة بيت النابودة، الذي يروي أهم القصص التاريخية المميزة والمتعلقة بتاريخ سكان مدينة الشارقة في العصور القديمة. ولذلك، سنتحدث عنه في الفقرات القادمة
ويعتبر بيت النابودة من أهم المعالم التي تبرز تاريخ الحضارة الإماراتية، حيث يمكن زيارته أن تشعر بالتراث وعبق التاريخ الإماراتي من خلال سرد حكايات الصيد وتجارة اللؤلؤ القديمة. فهذا المكان يعرض الأدوات المرهقة والشاقة التي كان يستخدمها أهل الإمارات قديما في بداية ظهور التجارة ومراحل تطورها، حيث مرت بالتجارة البحرية وصناعة السفن التي تتخطى المحيطات. ومن الجدير بالذكر أيضا أن هذا البيت يحتوي على العديد من الوثائق التاريخية والصور التي تقوم بسرد المراحل التي مرت بها التعليم الإماراتي وخدمة البريد أيضا. كل هذا بالإضافة إلى أنه يقوم بتنظيم مجموعة من البرامج التعليمية والتثقيفية الهامة، وكذلك تقوم بتقديم دورات تعليمية خاصة بأطفال المدارس، والتي تقام في فصل الصيف ليتعرفوا على التاريخ الإماراتي. ومن الجدير بالذكر أيضا أن هذا البيت كان يقع تحت ملكية السيد عبيد بن عيسى بن علي الشامسي رحمه الله، والذي كان يعرف بلقب النابودة، حيث أنه كان من أفضل تجار اللؤلؤ، حيث كان يتعامل مع بلاد الهند وأفريقيافي تجارة اللؤلؤ. وقد تم بناء هذا البيت في العام الخامس والأربعين من القرن التاسع عشر الميلادي، وكان فيه يعيش عبيد بن عيسى وزوجته وأولاده السبعة .
يتمتع هذا المنزل بستة عشر غرفة، وتقع معظمها في الطابق الأرضي، باستثناء ثلاث غرف فقط في الطابق العلوي. ويتميز هذا البيت بالطراز العمراني الإماراتي القديم، حيث يحتوي على بعض الزخارف المستوحاة من الفن الإسلامي. تم بناء هذا البيت باستخدام الأحجار المرجانية البحرية، بالإضافة إلى الجص والأخشاب المستوردة من زنجبار في أفريقيا. ثم أعيد ترميمه بواسطة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بعد أن تمت إهماله بمرور الوقت بعد هجرة أصحابه منه. أمر سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي بتحويل هذا البيت إلى متحف للتراث، وتم البدء في ترميمه في التسعينات من القرن الماضي.
و نظرا لكثرة الغرف الموجودة في البيت فإنه قد تم تخصيص كل غرفة منه لتقوم بسرد جزء مهم من تاريخ إمارة الشارقة و من أهم هذه الغرف هي غرفة الأزياء الشعبية و التقليدية و غرفة الترميم و غرفة المراكب و غرفة النخلة و غرفة بخار أو المخزن و التي كانت قديما تستخدم كمطبخ كل هذا و بالإضافة إلى غرفة المجلس و غرفة المعرض الدائم و غرفة معيشة أحمد بن عبيد و العديد من الغرف التي تحكي قصص التراث الإماراتي .