الخليج العربي

من هو الأديب صالح الأشقر ؟ وأهم أعماله

الأديب والكاتب المبدع صالح الأشقر الذي أحزن الجميع بسبب وعكة صحية مفاجئة، انتقل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي. أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز تكفله بعلاج الكاتب صالح الأشقر خارج المملكة. تفاعل محبيه ومتابعيه بنشر مجموعة من قصصه القصيرة. نقدم لكم أبرز هذه القصص التي أمتعنا بها الكاتب صالح الأشقر طوال مسيرته المميزة

من هو الكاتب صالح الأشقر؟
هو الكاتب المبدع صالح عبد الله الأشقر أحد رواد كتاب القصة بالمملكة، ولد عام 1951 في مدينة حائل وقد تخرج من كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية جامعة الملك سعود، عمل في الصحافة المخلية في بداية الثمانينيات، أصدر مجموعتين قصصيتين هما ضجيج الأبواب 1989 ، وظل البيت 2008

وعن سؤاله في إحدى المقابلات الصحفية عن سبب غيابه قال” لا تفسير لدي سوى الكسل والتراخي، وشغلت في فترة من حياتي بالفن التشكيلي، وهناك مجموعة قصصية جاهزة للطبع، وهي “تكوين”، وأما الرواية فلدي تفكير جاد، ولكن لا أريد أن تكون نسخة مكررة من الأعمال الموجودة، وإنما أفكر أن أقدم عملا مختلفا أو أتوقف عن العمل، وأنا متابع للأعمال الروائية السعودية، وأعتقد أن الحركة الروائية لدينا تتقدم بشكل جميل وبدأت تنافس على المستوى العربي”

أبرز القصص للأديب صالح الأشقر
قصة الطفل الذي رأى البحر
في لحظة واحدة انفتح فمه واتسعت عيناه بشدة. فالذي يراه الآن لم يره في حياته أبداً. شيء مخيف وفاتن… ساكن وصاخب… قريب وبعيد… سافر وغامض… لامع ومعتم، انه شيء عصي على الفهم، وفوق حدود خياله المسقوف. اقترب بتؤدة ودس ببطء أطراف أصابع قدمه اليمنى. ارتفع وجيف قلبه وانغلقت عيناه وعض شفته السفلى. كان الماء بارداً والشمس تنغمس في السماء. اقترب أكثر بعد أن أطلق بصره وتلفت حوله ورأى بين يديه الجهات الأربع… وبسرعة كخطف البصر نزع ثوب السفر الجديد وقادته فتنة الماء. جلس عند حافة الرمل الرقيق والماء ينساب الهوينا، ويصعد حتى الخاصرة ثم ينقلب تاركاً للهواء وقتاً ليمر فوق ساقيه، وتنبت حبيبات تتسلق جسده وتثير في قلبه رعشة باردة ومغرية. دسّ يديه الصغيرتين، وملأ راحتيه وضمهما إلى بعضهما، ثم طيّر الماء إلى وجهه وأصابته نوبة من الفرح السعيد. أخذ يضرب صفحة الماء فينفلت من الأرض ويطير في الهواء ثم يساقط بارداً على جسده القابع في بهجته والساكن في عريه والمأخوذ بصخبه وطفولته. غمرته الفتنة واشتد عليه الفرح وامتلأ بالحرية. وزحف قليلاً وترك الماء يرتفع حتى يضرب صدره بحياء.. وكان بعد كل ضربة يصرخ نشوة وفرحاً… جاءت موجة هاربة واعتلت رأسه ورشقت عينيه وأنفه وأصابه طعم الماء. نهض بسرعة وأخذ يفرك عينيه بقوة. استدار الماء المالح واكتسى جسده بالهواء البارد. فكر لحظة وتقدم خطوتين ثم جلس ببطء وخوف جديد وأغمض عينيه وأطبق على شفتيه. تأخرت الموجة الهاربة لحظة ثم قليلاً حتى توارت. فتح عيناً واحدة ورأى الماء نائياً وقصياً، ورأى نفسه يركض ويركض ويدخل في الماء.

قصة رحلة
كنت مشعرا بالملل واليأس، وكان الوقت ثقيلا ومرهقا للغاية. لم يكن هناك شيء يجلب الحياة والسعادة. كان كل ما حولي مظلما ومظلما. تتصارع عشرات الأشباح بوحشية خيالية أمامي. وأنا غير قادر على التصرف والتفكير. يغرق كل شخص نظراته في عيني ويتمنى أن يكون الضحية. ولم يكن لدي سوى الرغبة في أن أختفي إلى الأبد، أو أفقد عقلي، أنسى أنني هنا بدون جدوى وعمل، أو أتلاشى تماما، أو أتحول إلى جسيم صغير لا يرى. كنت معزولا ومغمورا في يأس طويل ومرير. عيناي مشدودتان في الظلام، مفتوحتان بشدة، حاولت أن أغلقهما، أو أصدهما عن التحديق، أو نسيتهما، ولكنني توترت معهما وتمسكت بهما بقوة.

أتمنى أن تنفتح ذاكرتي على الماضي وتخلصني من هذا الشعور بالملل. لم يعد يهمني حينها ما يمكن أن يخرج من ذاكرتي. الأهم أن أنسى أنني هنا. ليتني أتذكر حتى ذلك اليوم الذي غرقت فيه في الفراغ، عندما وجدت نفسي فارغا من الأفكار حتى أخمص قدمي. وعندما كنت أعاني من الفراغ والضياع. ليتني أتذكر أيام التعاسة والألم والخطيئة والفساد، وأنسى أنني هنا مصاب بالملل والموت والهزيمة. كان علي أن أستسلم.
لقد حاولت بكل الطرق وطرقت كل الأبواب، وقابلت العديد من الأشخاص. ابتسمت للجميع ونظرت بعناية إلى وجوههم وأصابعهم وملابسهم وألوان أحذيتهم والصور المعلقة على جدران مكاتبهم.

لا أعرف كم من الوقت مر، ربما ساعة أو يوم أو أكثر… كنت ملتصقا بالجدار مثل طفل ضائع ومذعور، وشعرت حقا أنني اندثرت. فجأة، رأيت نفسي أتحرك وعيني تدور، ولم أستطع تصديق ذلك. ومع ذلك، استطعت رؤية يدي والتعرف على ألوان السجادة في وسط الغرفة، مع مربعات حمراء صغيرة ودوائر سوداء تحتوي على خطوط مستقيمة ومتقاطعة. كنت كطفل يكتشف نفسه والأشياء من حوله، لكنني كنت مجهدا ومرتبكا ومنهكا.

شعرت بثقل شديد كأنني أخرجت من مكان ضيق جدا، كأنني أتسلق جبلا شاهقا. وصلت إلى الباب وفتحته. خرجت إلى الشارع. رأيت جاري يقبل أطفاله، ويدخل سيارته ويذهب للعمل، وهم يعبرون الشارع للذهاب إلى المدرسة. أنحنيت ولمست أوراقي وانطلقت للبحث عن عمل. كان الشارع مستعدا ومفتوحا للمارة والركاب. والمحلات تفتح أبوابها بينما أنا أسير وأفكر. في الشارع العام، توقفت أمام بقالة صغيرة واشتريت جريدة، ثم جلست أنتظر صديقا ليأخذني في رحلته المعتادة كل يوم، إلى تعب جديد وبحث آخر. دخلت السيارة. تحدثنا هو وأنا، ثم تبادلنا الصمت الصباحي المعتاد. كنت أقرأ اللوحات المعلقة على البنايات والمحلات. وعندما توقفت السيارة، أراقب وجوه الآخرين، وأحيانا أرى وجهي على الزجاج اللامع: يوم جديد، نعم، إنه يوم جديد، لكنه سرعان ما يمضي… شمسه ستغيب وتنحدر بعيدا، وسيأتي الليل، يغلفك ويخنق أنفاسك، وستهرول مكسورا إلى غرفتك، وستجد نفسك هناك في نفس الغرفة ونفس الزاوية، قرب نفس الجدار، وحيدا مائلا لليأس والعزلة، وتختنق بالملل والموت. حاولت أن أفكر في شيء يبعدني عن هذه الدوامة. فتحت الجريدة وأصدرت صوتا مألوفا أحضر صديقي… سألني “هل هناك جديد؟..” لم أجب، وهو لم يهتم. طويت الجريدة بغضب، وعندما وصلنا إلى العنوان، طلبت منه بكلمات قليلة جدا أن يتوقف.
نظرت إلى عينيه الودودتين وقلت له إنني سأكون في نفس المكان غداً صباحاً مترقبةً له ، ثم هز رأسه وابتسم ومضى.

قصة مرايا

(1)

إرتديت ملابس إمرأة وتزينت …صبغت وجهي وكحلت عيني , واتجهت صوب سوق الذهب في المدينة . كنت أحلم في أن يتبعني واحد رائحة عطره تملأ السوق , ويهمس قرب أذني كلاما عذبا ورقيقا .. كأن يقول أنت جميلة .. عيناك ساحرتان . لكن السوق كان خاليا من غير النساء المأخوذات ببريق الذهب الآسر , وحين مشيت بين ممراته المتعرجة صدقت نفسي بأني امرأة .

دخلت محلاً مزدحمًا بالنساء، حيث كانت أنواره ساطعة، وقدم البائع الأنيق أشكالًا من الذهب الجميل والبراق الذي أسرَّ البصر، ولم أستطع مقاومة الإغراء لذلك قمت بشراء قلادة، واستمريت في المرور وأنا أشعر بأنني امرأة ذهبية ونسيت من أنا .

( 2)

مثلت أمامهم أنني مت وفارقت الحياة . حبست أنفاسي وتركت لساني يتدلى بعد أن تمددت على الأرض وعيناي مفتوحتان على سعتهما . رأيت الأطفال وقد تجمعوا وأصيبوا بالدهشة والذهول , وتبادلوا النظرات بصمت مطبق . أما أنا فقد اعتراني الحزن وأصابتني الخيبة والهزيمة … إذ لم أسمع بكاء أو صوتا مفجوعا .
كان هناك صوت موسيقى راقصة يصدر من الغرفة المجاورة. وعندما استيقظت من الموت، انفترق الأطفال بصخب كبير وكأن شيئًا لم يكن، وغطست في بكاء عميق .

( 3)

دخلت مقبرة ( العود ) الشهيرة … أبحث عن قبر والدي … فقد اشتقت إليه . أزوره كلما اشتد الظلام . هو الوحيد الذي يتفرس في وجهي ويقرأ من نظرة واحدة الكلام المستور .كنت أريد أن أقول له كم أنا حزين جدا وكئيب ومحبط ويائس , وإن الحياة والعالم هراء … وأنني قبل كل صبح قد فكرت بالأنتحار مرات عديدة .
القبور تكاثرت وملأت الأرض، كلها متشابهة ومتجاورة، كأنها تلال صغيرة وسط صحراء قاسية ومهجورة وقاحلة .
قلت لنفسي يوما ما قريبا ستدخل يا صاحبي إلى هذه الأرض، وسوف تنهش جسدك الديدان بشغف طائل، وتختفي بين هذه التلال الصغيرة وتنسى، وربما لن تسعد بزيارة من أحد… لا الأهل ولا الأصدقاء .
رآني حفار القبور وجاء مسرعا وعلى وجهه ابتسامة طفيفة وقال : هل تريد قبرًا صغيرًا أم كبيرًا؟
قلت له : قبر كبير !
قالت: `متى ستدفنوه بإذن الله
قلت له بصوت ذليل : لقد دفناه منذ زمن بعيد .

( 4)

لا أدري كيف دلفت إلى ذلك المكان … الإضائة خافتة جدا وبالكاد ترى الذي يجلس الى جانبك . الدخان الأزرق يستفحل في المكان , والأصوات الناعمة والموسيقى تحثك بل تدعوك بإلحاح إلى الرقص . هناك مسبح تتدلى على جوانبه سيقان كثيرة كأنها قدت من قوس قزح أو من بلور أو من ماء أو من ضياء .
بدأ قلبي ينبض بشدة عالية، وأصابتني حالة من الخوف والتردد والشك. قلت لنفسي بقوة: يجب أن تغادر هذا المكان على الفور. كان هناك رجال ونساء عراة يمشون
كما ما ولدتهن أمهاتهن .
قال الرجل الذي يترك شعره الكثيف دون تغطية جسده

قال : تخلص من ملابسك واستمتع بوقتك … وبعد فترة ستأتي امرأة شقراء لم تر مثلها من قبل، ستعطيك كل ما تريد، وستهتم بك بشكل كامل من الرأس حتى أخمص قدميك، وبعد ذلك لن تفكر بامرأة أخرى قمت بمعاشرتها من قبل … هنا يتشكل الذكريات .
ثم قال : هنا، البنات هن مدربات وخبراء، والمكان آمن. وأيضا، نحن نقدم أرخص الأسعار في المدينة، وفوق ذلك، الشراب والطعام مجانا للزوار

قصة رقص
في صباح مختلف عن جميع الأصباح المشابهة، واقفة فتاة تدعى مريم أمام المرآة الحميمة في غرفتها، ورأت شخصا غيرها،
رأت مريم مرة أخرى، وكانت واحدة غير مألوفة لها. نظرت بصمت طويل، وابتسمت في المرآة، كما لو أنها تصلي. جلست مريم على كرسي قريب واعتدلت في جلستها، كما لو أنها أمام فنان ماهر .
كان وجهها متعبا، ومليئا ببقايا التعب والإرهاق. رفعت يديها واسدلت شعرها ليتناثر على كتفيها، وحطت خصلة صغيرة على شفتيها. شعرت الغجرية بأنها تستعد للرقص .
كان يراود مريم حلمًا صغيرًا وقديمًا برؤية نفسها ترقص عارية .
الآن، هي أمام المرآة، والبيت والصباح خاويان .
انسلت من المرآة واحدة من الزجاج الفضي، تتلألأ بجسد صاخب فار من قيوده مثل ماء النوافير، وتتطاير في الهواء. تصدح الجسد المجنون وتنعم الروح بسعادتها وحلمها الخفيف .
قامت مريم من مكانها، أطفأت المرآة، زينت شعرها، وابتسمت بابتسامة جميلة، ثم خرجت من غرفتها

قصة القارورة
جلبت شقيقتي صورتها !

وجهها صغير ومستدير، وفي عينيها يظهر ظل غامض وخفي يعبر عن الخوف أو الدهشة. كانت طفلة مستعدة لتصبح زوجة، فهكذا هو مصيرها المجهول ومستقبلها الغامض. ومنذ أن علمت أن دورها قد بدأ يقترب، بدأت تعاني من حالات اضطراب وحزن وعزلة واضطراب يلازمها في الليل .
بعد تعبها اليومي، تصعد إلى غرفتها وتلقي جسدها المنهك وروحها الكئيبة فوق السرير، وتنتحب بصوت منخفض .
إذا قرع باب المنزل وسمعت أصواتا غريبة وهمسات متبادلة، تنتابها حالة من الهياج وعدم الاستقرار. في بعض الأحيان تصعد إلى غرفتها، وفي أحيان أخرى تختفي في غرفة علوية مهجورة، وربما تدخل الحمام وتستلقي تحت الماء لفترة طويلة .
أصبح الشخص متردداً من جميع الزيارات والمواعيد المقررة سلفًا، حيث يمكن لأي زائر أو ضيف أن يكشف تفاصيل حياته المستقبلية .
* * *
كانت عليها الانتظار لي وكان علي أن أبحث عنها .
* * *
الهاجس بالمرأة أصبح يطاردني ويستولي على خيالي ويسبب لي القلق. أصبحت مهووسا بمراقبة النساء وحركات أجسادهن وتمايل خصورهن. بدأت أتعلم لغة الجسد. ما أثار اهتمامي وجذبني بشدة هو الجسد الملفوف والبارز والصاخب. وكلما عبر ظل أمامي، عوى المجنون في داخلي: أريد امرأة! أصبحت كلمة الزواج تعني لي امرأة فقط. الإنجاب والاسم وتكوين العائلة، هي كلمات فارغة بلا معنى. كنت في حالة انتظار مشوقة للفرحة السعيدة
* * *
كنت أحاول قراءة صورتها، والعثور على أي معلومات قد تدل على شخصيتها وعواطفها، ولكنني لم أجد سوى الخوف الذي يتجلى في عينيها .
قلت لنفسي بحكمة واسعة : الصورة لا تكشف كل تفاصيلها في البداية، وقد يختفي الخوف والقلق في وقت لاحق .
كانت الليلة الأولى مثل فيلم سينمائي طويل صامت وغامض .
الغرفة واسعة ومعطرة، وأثاثها جديد وفاخر، والستائر حمراء ومنسدلة .
الضوء معتم، وباقات الورود منثورة في الزوايا، وعلب الشوكولاتة بالقرب من النافذة، بجانب وعاء فضي كبير ممتلئ بالتفاح والبرتقال .
هناك مرايا في كل مكان :أبواب خزانة الملابس مزينة بالمرايا، وهناك واحدة كبيرة أمام السرير، وتحتها مجموعة متنوعة وملونة من العطور في زجاجات صغيرة وكبيرة، ومرتبة بشكل منظم. لفت انتباهي زجاجة جميلة على شكل امرأة نصف عارية .
يبدو أن هذه المرايا قد تم صنعها خصيصًا لمراقبتي والشهادة علي
كانت هي واقفة .
شعرها ملفوف بشكل قبعة مهرج، ووجهها مطلي بألوان قوس قزح، وتظهر عليها علامات الإرهاق الشديد. ثوبها الأبيض يلتصق بقوة بجسدها، كأنها تم إجبارها على ارتدائه بقسوة .
جلست على حافة السرير وعيناها مغمضتان، وهناك اهتزاز طفيف ينبعث من جسمها. قلت بماذا تفكر الفتاة في هذه اللحظة
اقتربت منها، ووضعت يدي على ركبتها، اقتربت أكثر، زاد ارتعاشها وبدأت ترتجف. بعد لحظات، فتحت عينيها ورفعت رأسها، نظرت إلى عيني طويلا وانهمرت بالبكاء .
قلت لها بصوت متردد.. أنت في غرفتك الآن، فلما هذه الملابس الثقيلة، وكأنك مسجونة بداخلها
* * *
كنت أنا السجين والسجان… الظالم والمظلوم.. الفاتح والمهزوم.. الرقيق والسيد. وهناك في الأسفل تتجمع القبيلة، على أحر من الجمر، في انتظار الصباح والدم المباح .

قصة عبد الله
في قصة (عبدالله)، التي جاءت بضمير المتكلم (الراوي المشارك في الحدث)، ينمو فعل القص بنطقٍ يأتي من الذاكرة، فبصوت الراوي يبدأ القص بمقدمةٍ تختصر الموقف الذي كان عليه لحظة وقوع الحدث..
(لقد كنت مع زوجتي في فندق فاخر نحتفل بوجود لصين…).
يتذكّر الراوي أحداثًا معيَّنة ويتداخل ذلك مع الأسلوب السينمائي للمشهد
تحول الشارع إلى طريق ممتد وفي نهايته بيت مليء بالبكاء، وعندما مشيت بينهم سمعت أنينًا خافتًا كأنه يخرج بشكل خفي.
تتقدم القصة بربط بين ما تحفظه الذاكرة وما يلتقطه العين البصرية لتجعل السردية الزمنية تبدو أكثر انتظاما وتوحيدا، وذلك ليس بسبب الزمن الحالي المحدود للقصة وإنما بسبب قلة وجزئية التراجعات الزمنية التي تعتبر لمحات تذكرية سريعة في اتجاه الشخصية (عبدالله) التي لم نعرف شيئا عنها وعن علاقتها بالقصة. فكأن الموضوع (الفقد) أو اللحظة الأسطورية التي تكتشف وتكشف وتكشف عن العالم هي الهدف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى