مشكلة ” النزوح الريفي ” الهجرة من الريف إلى المدن في الصين

من المعروف أن الصين هي إحدى أكبر دول العالم من حيث السكان، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار وثلاثمائة ألف نسمة، وتبلغ مساحتها الجغرافية حوالي تسعة ملايين ونصف المليون كيلومتر مربع تقريبا. تعد الصين واحدة من أقدم وأعرق الدول في العالم، وأكبرها من حيث الحضارة، كما أنها تعتبر واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم حاليا وأحد أكبر المراكز التجارية العالمية .

مشكلة الهجرة من الريف إلى المدن في الصين :- تختلف حياة الناس من مكان لآخر في العالم، وهناك العديد من الفروق بينهم، فمنهم الأغنياء والفقراء والمتعلمون والأميون، ومن بين هذه الفوارق الفروق المعيشية، والتي تتمثل في طبيعة حياة الناس في الريف والمدينة، حيث تختلف طريقة حياة سكان الريف عن طريقة حياة سكان المدينة بشكل كبير. وظهر هذا الاختلاف بوضوح بعد الثورة الصناعية، وظهور المدن الكبيرة والحديثة والتطور الهائل في شكل الحياة في المدينة، مما جعل سكان الريف يشعرون بالتميز الذي يتمتع به سكان المدينة من حيث الخدمات والتقدم التكنولوجي ومستوى المعيشة والرفاهية. وهذا الأمر كان سبباً مباشراً لزيادة معدلات الهجرة من الريف إلى المدن في الصين، حيث يعمل سكان الريف على تحسين مستواهم المعيشي والخروج من المستوى التنظيمي المتدني ونقص الخدمات والبنية التحتية والمرافق في الريف. وعلاوة على ذلك، تعد المدن الصينية مراكز اقتصادية وتجارية هامة، حيث يعمل سكان المدن في القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية. وقد أدى النمو الاقتصادي القوي في المدن الصينية إلى خلق العديد من التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية داخل المجتمع الصيني، وهذا الأمر كان له تأثيره المباشر على سكان الريف الصيني الذين اتجهوا إلى الهجرة من الريف إلى المدن للبحث عن فرص عمل في المجالات الصناعية التي توفر لهم الدخل النقدي الأعلى. ولكن هذا الاتجاه يمثل عاملاً خطيراً وناقوس خطر مزعج للاقتصاد الصيني، خصوصاً في مجال إنتاج الغذاء، حيث تحرص الصين على توفير الاكتفاء الذاتي لشعبها وعدم الاعتماد على استيراد الغذاء من الخارج، وقد يشكل هذا الأمر أزمة كبيرة على الاقتصاد الصيني نظراً لعدد السكان الكبير وبالتالي سيكون احتياجات الغذاء الصينية هائلة للغاية .

مدينة دونغوان الصينية :- تعتبر مدينة دونغوان الصينية من أبرز الأمثلة على مشكلة الهجرة الريفية إلى المدن الصينية، حيث بلغ عدد سكان المدينة 2 مليون نسمة، مما شكل ثقلا غير عاديا وكبيرا للغاية على البنية التحتية والمرافق المختلفة في المدينة. وظهرت أيضا مشكلة مصاحبة لذلك، وهي عدم قدرة المهاجرين الريفيين على الاندماج بينهم ومع سكان المدينة الأصليين. حيث لا يزال المهاجرين يعيشون في حي خاص بهم على أطراف المدينة، ولم يتمكنوا بعد من الاندماج مع سكان المدينة الأصليين .