سيرة الزاهدة العابدة ” رابعة العدوية “
من هي رابعة العدوية
هي رابعة بنت إسماعيل العدوي، وتلقب بـ `أم الخير`، ولدت في مدينة البصرة عام 100 هجريا لأب فقير الحال وزاهد في العبادة، وهي الابنة الرابعة له، وهذا هو سبب تسميتها `رابعة`. اشتهرت `رابعة العدوية` بأنها من أحد فروع المذاهب الإسلامية، وهو المذهب المعروف بـ `مذهب الحب الإلهي`.
توفى والديها قبل إتمامها العاشرة، وبذلك صارت هي واخوانها أيتاما بلا عائل ولا دخل، وزادوا فقرا على فقرهم ودب فيهم الجوع والوهن، ولم يكن أبواها قد تركوا لهم من بعدهم سببا من أسباب المعيشة سوى قارب متواضع ينقل الناس مقابل عدة دراهم قليلة في مدينة البصرة. وكانت تقوم في النهار فتؤدي أعمال أبيها المتوفي وتتلقى بعض الدراهم المعدودة وتعود بعد عناء يوم طويل إلى البيت فتهون على نفسها حالا بالإنشاد.
أصابت مدينة البصرة قحط وجفاف وتعرض الناس لمجاعة كبيرة، وفرقت بينها وبين أخوتها. وخطفها أحد قطاع الطرق وباعها لأحد تجار آل عتيق البصرية، وكان هذا التاجر غليظًا وقاسيًا وأذاقها ويلات العذاب والإهانات.
صفات رابعة العدوية
قد صورت السينما وخصوصا المصرية حياة الشخصية الزاهدة “رابعة العدوية” في صورة خاطئة ومضللة، فقد قامت الممثلة “نبيلة عبيد” بتمثيل دورها على أنها فتاة لعوب غارقة في الشهوات والخمر واللذات قبل أن يمن الله عليها بتوبة وتتجه بجوارحها إلى عبادته والتبتل إليه. وهذا ظلم وجور عظيمان في حق هذه المتصوفة العفيفة، فقد كانت منذ صغرها عابدة مقبلة على الله فقد نشأت في بيئة مسلمة صالحة وحفظت القرآن الكريم في سن صغيرة وتعلمت تفاسيره وقرأت وتدارست الحديث النبوي الشريف، وكانت مقيمة للصلاة منذ صغرها. وقد عُرفت بأنها تفرغت للإيمان والتعبد لله واتخذته بديلا عن الزواج وإنجاب وتربية الأولاد برغم ما تقدم لها من الرجال الصالحين والأفاضل. فعاشت حتى وفاتها بتولا عذراء.
هذا بخلاف كونها تربت في بيئة ذات موروثات اجتماعية ودينية محافظة، بجانب استعدادها وتهيؤها الشخصي للاستقامة والعبادة، فكيف يجتمع أن تكون ابنة لرجل عرفه أهله واصحابه وجيرانه بالعابد وترفض الزواج بشدة وأن يفلت زمامها؟. هذا الطرح السينمائي ظلم وجار بشدة على رابعة العدوية ولا يعبر عنها بأي حال.
مذهب الحب الإلهي
لم تكن رابعة مجرد صوفية زاهدة وناسكة، بل كانت ذات مشاعر قوية وحب كبير لله وحده، دون أي رغبة أخرى تقيد حبها له. وكان حبها صادقًا وعظيمًا لدرجة أنها وجهت رسالتها لكل إنسان بأن نحب الله أولاً، قبل أي شيء آخر
كانت قد نظمت شاعرةٌ ذات شعورٍ صادقٍ وقلبٍ محبٍ شعراً جميلاً، وقد ساعدتها مشاعرها الصادقة وحبها الخالص في ذلك. وقد نظمت قصيدةً تعدُّ الأشهرَ والأجملَ في ساحة التصوف والحب الإلهي، يعرفها الجميع وتتغنى بها القلوبُ قبلَ الألسنة
قصائد صوفية
منذ أن عرفت هواك، عرفت الهوى *** وأغلقت قلبي عن كل من تعارض معك
وقمت أنا أتحدث إليك، أيها الذي ترى أسرار القلوب ونحن لا نراك
أحبك حبين.. حب الهوى *** وحبا لأنك أهل لذاك
أما الذي هو حب الهوى، فذكرك هو اهتمامي الوحيد بعيدا عنك
أما أنت الذي تستحقه *** فقد كشفت عنك الحجب حتى أبصرك
ليس هناك مدح في هذا ولا ذاك بالنسبة لي… ولكنك تستحق الثناء في كلتاهما
أحبك حبين …حب الهوى *** وحباً لأنك أهل لذاكا
وأشتاق بشوقين … شوق العشق وشوق الاقتراب من حبيبك
فأما الذى هو شوق النوى *** فمسيرى الدموع لطول نواكا
وأما اشتياقى لقرب الحمى *** فنار حياة خبت فى ضياك
ولست أشكو الهوى بل أرضى بما شئت لي في هداك
ومن شعرها أيضًا:
فليتك تحلو والحيـاة مريرة
وليتك ترضى والانـــام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العـالمين خراب
اذا صح الود فيك فالكل هين
وكل الذي فــوق التراب تراب
اقوال رابعة العدوية
وقد حُدّث أنها سئلت رابعة أتحبين الله تعالى ؟ قالت : قالت: `نعم، أحبه حقًا.` وسئلت: `أتكرهين الشيطان؟` فأجابت: `حبي لله حال دون اهتمامي بكراهية الشيطان`.
ومن أقوالها أيضا: “محب الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه.”
وفاتها: توفيت رابعة وهي في الثمانين من عمرها سنة 180 هجريا، وتم إنشاء مسجد باسمها في مدينة نصر بالقاهرة في مصر، وسمي الميدان الواقع أمام المسجد باسم ميدان `رابعة العدوية`