اضطراب المشي اثناء النوم وطرق علاجه
أغلب الحالات لا تحتاج إلى علاج محدد وتزول عند دخول سن المراهقة. يتوالى حدوث الحالات التي يعاني فيها الأشخاص من مشاكل في المشي أثناء النوم، وتنشر في الصحف المحلية والعالمية قصص وحوادث تكون في بعض الأحيان مضحكة، مثل قصص الأطفال الذين يغسلون ملابسهم في منتصف الليل، وقصص أخرى قد تكون حزينة ومؤثرة عندما يصاب شخص بداء المشي أثناء النوم ويسقط من الدرج ويتعرض للإصابات والكسور، أو عندما يقفز شاب من نافذة غرفته ويفارق الحياة
* اضطراب حركي : ما هو نوع الاضطراب الذي يؤدي إلى هذه الظاهرة؟ وكيف يتم التفريق بينه وبين حالات واضطرابات أخرى مشابهة مثل حالات الكابوس أو الحلم المزعج المخيف، أو نوبات الخوف أو الرعب الليلي التي ينهض فيها الشخص من فراشه في حالة ذعر وخوف شديدين، أو نوبات الصرع الدماغي، أو حالات التمارض أو ادعاء المرض المشي أثناء النوم؟ يعد هذا الاضطراب أحد اضطرابات الحركة التي تحدث خلال مرحلة النوم العميق (الثالثة والرابعة من النوم غير الحالم) أثناء الثلث الأول من فترة النوم في أغلب الأحيان، وهو ضمن مجموعة اضطرابات سلوكية وأحداث غير مرغوب فيها تسمى علميا “الباراسومنيا”. وللتفريق بين هذا الاضطراب وبين الحالات الأخرى التي قد تتشابه معه أحيانا، فإن هذا الاضطراب يتميز بالحركات المتوافقة والمعقدة، التي تظهر بداية على هيئة استيقاظ مفاجئ من مرحلة النوم العميق، كما يتميز بضبابية الوعي وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين. وتتراوح بعد ذلك الحركات من بسيطة مثل النهوض من الفراش والمشي في أنحاء الغرفة، إلى حركات أكثر تعقيدا كالتجول في أرجاء البيت، وحتى الخروج وقيادة السيارة لمسافات طويلة، وقد يصاحبها غير ذلك من الأحداث كالكلام أو تناول الطعام أثناء النوم أو إعادة ترتيب أثاث المنزل. ولا يتذكر المصاب تفاصيل ما مر به من أحداث أثناء النوم، حيث يمكن للنوبة أن تنتهي بعودة المريض من تلقاء نفسه إلى سريره وإكمال نومه. إلا أن إيقاظه من نوبة المشي أثناء النوم يمكن أن يؤدي إلى ارتباك شديد أو ردة فعل عنيفة قد تصل إلى حد الضرب والصياح. ولذا ينصح أن يتم توجيه المريض للعودة إلى السرير بهدوء بدلا من محاولة إيقاظه المفاجئ.
* المضاعفات : يمكن لاضطراب المشي أثناء النوم أن يؤدي إلى القلق النفسي والخجل الاجتماعي، بالإضافة إلى أنه قد يسبب أرق شريك الحياة أو أفراد العائلة. ومع ذلك، فإنه لا يؤثر على طبيعة نوم المصاب بهذا الاضطراب، ولا يؤدي إلى الأرق لديه، حيث يكون الشخص في نوم عميق عند حدوث مثل هذه النوبات. وفي حالات نادرة، يمكن أن يتعرض المريض للإصابة بالكدمات أو الجروح أو حتى الكسور نتيجة للعبث بالأثاث المنزلي أو السقوط من الدرج.
يتعرض هؤلاء الأطفال بشكل خاص لهذا الاضطراب، إذ يصاب به ما يقرب من 17٪ منهم، وعادة ما يكون مصحوبا بأعراض أخرى مثل اضطرابات السلوك أثناء النوم مثل الحديث وطحن الأسنان والرعب. وفي بعض الحالات، قد يتسبب المشي أثناء النوم في فتح الأبواب واستخدام أدوات حادة أو فتح وتسلق النوافذ، مما يعرضهم لخطر كبير بسبب هذه الحركات غير الإرادية. أما بالنسبة للبالغين، فإنه يصيب فقط نسبة تتراوح بين 0.5٪ إلى 4٪. هناك عوامل تساهم في حدوث هذا الاضطراب، فهو يرتبط بالحرمان الشديد من النوم كعامل رئيسي، والإصابة بارتفاع درجة حرارة الجسم نتيجة لالتهابات الجهاز التنفسي الفيروسية، وقد يصاب الأطفال بشكل أكبر إذا كان أحد الوالدين يعاني من هذا الاضطراب، وعند استخدام المواد الكحولية وبعض الأدوية المهدئة. مشي النوم قد يصاحبه نوبات انقطاع التنفس أثناء النوم، أو ينجم عن زيادة الضغط العصبي أو الضوضاء في بيئة النوم.
* التشخیص : تشخيص هذا الاضطراب يتطلب أخذ التاريخ المرضي بدقة والتركيز على جميع العوامل المساعدة في حدوث نوبات المشي أثناء النوم. وفي الحالات اللازمة، يقوم استشاري اضطرابات النوم بإجراء فحص مختبري لتحليل نوعية النوم وإجراء تصوير للمريض، حيث يظهر دليل على حدوث نوبات المشي أثناء النوم الغير المستغرق، حيث يتكرر ظهور موجات اليقظة بشكل متكرر أثناء موجات النوم العميق (الدلتا).
* العلاج : لا يحتاج معظم حالات المشي أثناء النوم إلى علاج محدد، فمعظمها يكون نادر الحدوث ويزول تدريجيا بمرور سن المراهقة من غير مضاعفات تذكر، وتحتاج فقط إلى تهدئة المصاب، وشرح طبيعة الاضطراب، إضافة إلى اتخاذ الاحتياطات لمنع إصابته بالأذى، مثل إحكام إغلاق الأبواب، وضمان عدم وصوله إلى الأدوات الحادة. أما في حالة تكرار النوبات وانزعاج المريض أو إصابته، فيجب مناقشة الأسباب المحفزة، واتخاذ الاحتياطات عند زيادة التوتر أو ارتفاع درجة حرارة الجسم، ومحاولة وقف العلاجات المسببة – إن أمكن – وتجنب الحرمان من النوم كمسبب أساسي، بالإضافة إلى تعزيز السلوك الصحي للنوم الهادئ ومعالجة القلق بواسطة الطرق السلوكية والاهتمام ببعض الأمراض العضوية كانقطاع التنفس أثناء النوم. وفي بعض الحالات يمكن اللجوء إلى العلاج الدوائي مثل دواء اللورازيبام أو الكلونازيبام أو بعض أدوية الاكتئاب مثل دواء التريبتيزول، تحت إشراف الطبيب المتخصص .