تجربة روزنهان
في ماذا يختلف العالم عن الشخص العادي قد يري أغلب الناس أنه يختلف في معدل الذكاء و لكن هذا الأمر ليس صحيح لأن ببساطة الشخص العادي يسلم و يقتنع بقوانين الدنيا و الدين و المجتمع كما لا يهتم بأنه يظل وقت طويل يفكر في البحث أن إجابات على أسئلة لم يجدها أحد ، و أكثر العلماء لا يقتنعون بأنهم لهم حدود و قد يكون هذا بداية لطريق صحيح أو طريق مظلم حيث أن بعضهم يعلم تماماً كيف يوظف هذا الأمر بطريقة صحيحة تفيد العالم و البشر و قد يضل البعض الطريق و يصل به الأمر إلى الجنون أو الكفر و هنا يكون العلم لعنه ، و لكن ما حدث في قصتنا اليوم بالفعل مختلف و مثير جداً للاهتمام حيث أن فضول بطلنا يضعه مع المجانين بالرغم من كونه لم يصل إلى الجنون إذن ما الذي حدث تابع لأننا اليوم سوف نتناول الحديث عن تجربة روزنهان الغريبة .
بداية القصة : يفكر العالم النفسي الأمريكي `ديفيد روزنهان` بعمق شديد كالعادة ويتحدث مع عقله الذي لا يهدأ لحظة في البحث عن الحقائق، يقول بصوت خافت: هل فعلا كل من يدخل المصحة النفسية مجنون أو يعاني من مشكلة في عقله؟ هذا سؤال غريب وقد يثير استغراب أي شخص طبيعي. ما هو الهدف الذي يريده هذا الرجل وما هي الفائدة من ذلك؟ وهنا يكمن الاختلاف الواضح بيننا وبين هؤلاء المفكرين. روزنهان يريد معرفة مدى كفاءة الأطباء في تشخيص الأمراض النفسية وما إذا كان بالفعل يمكن للطبيب أن يحدد ما إذا كان هذا الشخص مجنونا أم لا. ولذلك قرر ديفيد روزنهان التخطيط لخطة ذكية لكشف هذه المسألة .
تجربة روزنهان : في عام 1973، قام ديفيد روزنهان بتشكيل فريق مكون من سبعة أفراد، وكانوا طالب علم نفس في العقد الثاني من العمر وثلاثة من أفضل علماء النفس وطبيب أطفال ورسام وطبيب نفسي. وقد وضعوا خطة محكمة لمعرفة مدى كفاءة الأطباء في أكثر من اثني عشر مصحة مختلفة. ولضمان نجاح الخطة، اتفق الفريق مع بعض المسؤولين على تزوير بطاقاتهم الشخصية حتى لا يتم الكشف عن هويتهم. وبدأ الفريق في التظاهر بالجنون، وكانت المفاجأة أن الأطباء في كل مصحة دخلوها، قنعوا بأن المتظاهرين هم فعلا مجانين، ولكن الأكثر غرابة من ذلك أن المرضى هم الذين كشفوا عن حقيقة الفريق المتظاهر، وعندما وضعوا مع المرضى الآخرين الذين يعانون من الجنون، بدأوا يصرخون مستنجدين بالأطباء لإخراج هؤلاء الجواسيس والمحتالين الذين جاءوا لمعرفة أسرارهم وتسريبها، ولكن من سوف يصدق المجانين .
السحر ينقلب على الساحر : اكتشف الفريق معاملة سيئة جدا في الداخل، ولذلك قرروا إنهاء هذه اللعبة وإخبار الأطباء بالحقيقة، ولكن النتيجة كانت صادمة للغاية حيث لم يصدقهم أحد، بل وجد الأطباء أن جنونهم قد زاد، ولذلك كان عليهم إعطاءهم جرعة إضافية من الدواء. وهنا فكر أعضاء الفريق في كيفية الخروج من هذا المأزق، ووجدوا أن الحل الوحيد هو التعامل مع الوضع بحكمة، وإلا سيتعرضون لصدمات كهربائية. لذلك اتخذوا الأدوية بطريقة طبيعية، ولكنهم لم يبتلعوها، بل رموها في المراحيض بسرية. وبعد ستين يوما من المعاناة، تمكن المحامي الخاص بهم بصعوبة شديدة من إخراجهم، حيث لم يتم إخراجهم إلا بعد أن وقعوا على اعتراف بأنهم كانوا فعلا مجانين وتم علاجهم .
اهتزاز في الأوساط العلمية بعد تجربة روزنهان : روزنهان قص قصة حدثت معه ومع فريقه بتقارير عديدة نشروها عن هذه التجربة، مما أثار الرأي العام وأدى إلى بدء كل الأطباء في المصحات التحقيق مع كل مريض جديد يدخل المصحة للتأكد من إصابته بالمرض فعلا. وبعد عدة أشهر، كانت النتيجة مفاجئة حيث وجدوا أن هناك أربعين شخصا ذوي عقل سليم يعتبرون مجانين، مؤكدة نظرية روزنهان في النهاية أن الأطباء غير قادرين على التمييز بين العاقل والمجنون، وأن المصحات مجرد مؤسسات تسعى للسيطرة على المجانين بدلا من علاجهم، وأن الأدوية ليس لها دور في علاجهم بل تجعل حالتهم النفسية أسوأ .