يجب أن نذكر أن تركيا تحتوي على عدد كبير من الآثار من مختلف الحضارات الإنسانية، ومعظم تلك الحضارات توجد في الجنوب والشمال التركي. تعود تلك الآثار إلى الحضارة الرومانية والبيزنطية وحضارات ما قبل الميلاد. ومن بين المواقع التي تحتوي على آثار هائلة هي مدينة مرسين في الجنوب التركي، والتي تقع على سواحل البحر الأبيض المتوسط. إنها مدينة سياحية ترفيهية تستقطب العديد من السياح في فصل الصيف بسبب جمال شواطئها. وقد كانت المنطقة مأهولة منذ القرن التاسع قبل الميلاد، وهي تعكس عددا من الحضارات القديمة التي نشأت وزالت هناك. ووفقا للمخطوطات، فإن المدينة موجودة منذ عام 6300 قبل الميلاد، ويكتشف علماء الآثار بشكل مستمر مدنا قديمة في مناطق مختلفة على سواحل مرسين، وأبرزها مدينة الشمس التي استوطنها اليونانيون والفرس والرومان والبيزنطيون حتى وقت دخول الإسلام والعرب إليها.
و من ضمن المناطق التي يوجد بها كم هائل من الآثار منطقة كليكيا القديمة حيث تتميز بغناها الهائل بالآثار ، تحتوي على عدد من المدن الأثرية القديمة منها مدينة الشمس أو كما تعرف بآثار `مدينة سولي الأثرية` (Soli Antik Kenti) ، و تقع في منطقة مزتلي الواقعة غرب مدينة مرسين في الجنوب التركي بمسافة 14 كيلو متر. تأسست هذه المدينة عام 700 قبل الميلاد من قبل الرودوسيون، وتم احتلالها من قبل الفرس في عهد الملك داريوس في الفترة من 521 إلى 485 قبل الميلاد، حيث تم فتح قناة تجارية بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وتوجد دلائل ونقوش تشير إلى وجود تجارة بين قبرص ومصر. كما تميزت تلك المدينة بوجود العديد من الشعراء والفلاسفة، بما في ذلك الفيلسوف اليوناني تشريسيبوز (Chrysippoz) وعالم الرياضيات اليوناني الشهير أراتوس (Aratos) الذين عاشوا في عصور ما قبل الميلاد .
عانت تلك المنطقة من الحروب والمعارك فشهدت الحروب بين الروم والفرس عام 449 قبل الميلاد حتى احتلالها اليونانين حتى خضعت عام 333 قبل الميلاد لسيطرة الاسكندر المقدوني أثناء الحملة العسكرية التي قام بها على روسيا وبعد وفاة الأسكندر المقدوني أعلن القائد سلوقس تأسيس إمبراطورية البلقان إلى الهند ولكن تلك الحقبة انتهت بخضوع المنطقة لسيطرة قراصنة كليكيا حتى انتهى الأمر حيت تمكن القائد الروماني بومبيوس” (Pompeius) من إنهاء سيطرة القراصنة عام 64 قبل الميلاد وغير اسمها إلى بومبيبوليس” (Pompeipolis) و أعاد اعمار المدينة على الطراز الروماني حتى أصبحت المدينة مركز من مراكز المسيحية في عهد البيزنطين أصاب المدينة عام 527 ميلادية زلزال دمرها وتركها العرب والساسانيون حتى أن الميدنة تشتهر اليوم باسم فيران شهير (Viranşehir) بمعنى المدينة المدمرة ، كما أن اقليم كليكيا غنية بالمدن الأثرية القديمة ، تمكن الحفر والتنقيب بالمدينة من وجود عدد من القطع الأثرية التي تعود لألاف السنين ، تمكن فريق من علماء الأثار من اكتشاف عدد من القطع الأثرية يعود تاريخها ل3000 عام ، يمكن الذهاب لتلك الإقليم الهائل لمشاهدة المدن الأثرية القديمة والمسارح الرومانية والأعمدة الرومانية وجدران المدن القديمة المنصرمة والمقابر ، يوجد في مدينة الشمس 200 عمود مزخرف لا يزال منهم 41 عمود قائم ويوجد بالمدينة 33 تمثال لهياكل الصقور والأسود والإنسان كما أن المدينة يوجد بها بقايا الحمام الروماني القديم وعدد من المقابر ، تقوم وزارة السياحة والثقافة التركية بالعمل الدائم لضم مدينة الشمس إلى منطقة اليونسكو لتراث الإنساني والحضاري .
إذا كنت مهتمًا بالتاريخ الإنساني والحضارات القديمة، فلن ترغب في تفويت فرصة زيارة مدينة الشمس لرؤية أطلال تلك المدينة التي عرفت بكونها مدينة الفلاسفة والشعراء .