منوعات

قصة نجاح زواج

تحكي هذه القصة عن معاناة ومأساة حقيقية، إنها قصة حب مختلفة. تستحق أن تسجل عبر الزمن وتكون درسا للجميع. بالرغم من إصابتهما بالمرض وكونهما ذوي احتياجات خاصة، إلا أنهما يمتلكان صدق المشاعر والأحاسيس، ولا يعرفان الكراهية أو البغض تجاه أي شخص. فليس للإنسان أن يكون ذو احتياجات خاصة ليتخذ له أهدافا وطموحات في الحياة مثل الأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون من أي إعاقة. ولكن يجب أن نعلم أن الله، جل وعلا، إذا أخذ شيئا، فإنه سيعوضه بشيء أعظم منه، كما يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (ولسوف يعطيك ربك فترضى).

بداية التفكير بالارتباط
هذه القصة تدور أحداثها حول الشاب عبيد الدهماني، وهو يعمل موظفاً بالشرطة بالعين بدولة الامارات المتحدة العربية ، وهو يعاني من إعاقة، حيث أنّه أصيب منذ صغره ب شلل الأطفال، ما أدّى إلى إعاقة حركته، وخصوصاً أنّه ينتمي لعائلة ميسورة الحال وهم من سكان منطقة جبلية بسيطة، الأمر الذي تطلب تأمين كرسي متحرك له، بعدها تمّ إدخاله إلى مدرسة ليتعلم، ولكنّه مالبث أن خرج منها بسبب تحطم كرسيه، وعدم مقدرة عائلته على تأمين كرسي آخر له، ومع ذلك لم تيأس العائلة، وتمّ إدخاله في مدرسة أخرى، والإصرار على تعليمه.

عندما كبر وأصبح شابا وعمل كموظف، شعر بالوحدة وأراد أن يجد شريكة حياة، لذلك قرر الزواج، ولكن الزواج كان الأمر الأصعب بالنسبة له، فعندما اتخذ القرار بدأ يتردد كثيرا ويبحث عن الفتاة المناسبة، وبدأ بزيارة المنازل وطلب الزواج، إلا أن معظمهم رفضوا طلبه والبعض الآخر استخدم حججا واهية للتهرب منه، وهكذا مضى وقت طويل وعدة أشهر دون أن يجد ما يريد.

ظهور الفتاة المناسبة وحصول الزواج
وأثناء تواجده في دورة تدريبية بمعهد تعليمي، يهدف لاكتساب مهارات جديدة وتعزيز لغته، قابل زميلة له تدعى فاطمة، والمفاجأة الكبيرة أنها تعاني من شلل الأطفال تماما مثله. شعر براحة كبيرة بجانبها وقرر أن يخبرها بنيته في الزواج. بعد ثلاثة أسابيع ولقاءاتهما المتكررة، قدم لخطبتها. وكانت المفاجأة السعيدة أنها وافقت وأبدت إعجابها ورضاها عنه. توافقا على الزواج وتمت المراسم بنجاح، وعاشا حياة سعيدة معا، حيث امتلأت بالمحبة والتفاهم. وأنعم الله عليهما بابنين وبنتين خاليين من أي مشاكل صحية. أصبح الأطفال دعامة لوالديهما، مساعدين لهما في مختلف جوانب الحياة، على الرغم من صغر سنهم.

ويقول عبيد أنّه على الرغم من صعوبة الحياة بكل أشكالها، وخاصة على المعاق بشكل مضاعف، إلاّ أنّ الإيمان برب العالمين، هو مايدفع الإنسان إلى التقدم وجعل الحياة أفضل وأجمل، ويجب أن يكون الإنسان راض لما كتبه الله له، وأن يستثمر جميع القدرات التي منحه إياها رب العالمين. أما الزوجة فاطمة، فهي تقول أنّ قرار الزواج كان من أصعب القرارات في حياتها، وأنّه لم يكن لديها أمل بالارتباط بسبب إعاقتها، ولكن عندما تعرفت على عبيد، وأحست أنهما متوافقان في كل شيء، حتى في الإعاقة الجسدية تحمست للفكرة وأخذت القرار، وعندما تزوجا إلى اللحظة هذه وعبيد يساعدها في ترتيب المنزل والأولاد والطبخ وكل شيء، فالحياة تعاون ويجب أن يكون المتزوجون مقتنعين بهذا الموضوع.

تطورت ظروف الحياة كثيرا، وظهرت طرق أكثر راحة يمكن الاستفادة منها، مما سمح للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بالتكيف مع هذا التقدم. في زماننا هذا، لم تعد النظرة القديمة للمعاق كمعيبة للأسرة، ولا يجب إخفاؤه عن الناس والمجتمع، بل على العكس، فقد ظهرت مدارس حديثة متخصصة في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية احتياجات كل فرد وفقا لمستوى إعاقته. وقد أنتجت هذه المدارس العديد من المواهب والقدرات المبدعة والمكتومة التي كانت في السابق معزولة عن المجتمع.

ردت فاطمة على سؤال تم توجيهه إليها حول الخوف من الإنجاب بسبب الإعاقة التي تعاني منها هي وزوجها، وأجابت بأنها إنسانة مؤمنة بقضاء الله وقدره، ولديها الحق في الإنجاب كأي شخص طبيعي بدون إعاقة، وستتحقق إرادة الله عز وجل في النهاية، وتحمد الله كثيرا لأنها أنجبت أربعة أبناء ليساعدوها في حياتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى