تعريف نظرية التأصيل .. ومعنى الدراسة التأصيلية
تعريف نظرية التأصيل
تتمحور جميع الدراسات حول البيانات، لكن هناك قليل من البحوث التي تنتج نظرية تأصيلية، وهذا يعني أن نظرية التأصيل هي نظرية استقرائية منهجية، على الرغم من أن الكثيرون يعتبرونها طريقة نوعية، إلا أنها ليست كذلك، إنها بالأساس طريقة عامة، وتولد منهجية للنظرية من البحث المنهجي، إنها مجموعة من إجراءات البحث الصارمة التي تؤدي إلى ظهور الفئات المفاهيمية، حيث ترتبط هذه المفاهيم أو الفئات ببعضها البعض كتفسير نظري للإجراءات التي يتعامل بها المشاركون الرئيسيون في مجال موضوعي، وبالتالي يمكن استخدام نظرية التأصيل مع البيانات النوعية أو الكمية.
غالبا ما يتم تصنيف نظرية التأصيل على أنها طريقة تفصل بين النظرية والبيانات، ولكن البعض الآخر يصر على أنها تجمع بينهما. ولا يمكن إنكار الارتباط المتبادل بين جمع البيانات وتحليلها وصياغة النظرية. يتم تشجيع نهج التأصيل على توجيه عملية التنظير بوضوح من خلال اتباع إجراءات واضحة، حيث تتضمن هذه النظرية إجراءات مفصلة لطرح الأسئلة وإجراء المقارنات لتوجيه التحليل وتسهيل عملية التنظير. يوصى بشدة بأن تكون أسئلة البحث مفتوحة وعامة بدلا من تشكيلها كفرضيات محددة، وأنه يجب أن تأخذ النظرية الناشئة في الاعتبار جميع الظواهر ذات الصلة بالمشاركين.
معنى الدراسة التأصيلية
الدراسة التأصيلية هي عملية جمع البيانات من خلال اختيار العينات النظرية وفقا لتركيبات نظرية ذات صلة، وتشمل استخدام طرق متعددة لاختيار العينات في المراحل الأولى، وذلك لتقييم صلة البيانات بسؤال البحث في وقت مبكر، وتقليل استثمار الكثير من الوقت والمال. في المراحل اللاحقة، يتم استخدام عينات منهجية أو متغيرة بشكل متكرر لتحديد موقع البيانات وتأكيد العلاقات بين الفئات، وفي المرحلة النهائية، يتم استخدام العينات التمييزية للتحقق من الفئة الأساسية والنظرية. وتتضمن الأجزاء الضرورية من التحليل إجراءات أخرى مثل كتابة المذكرات واستخدام المخططات، بالإضافة إلى إجراءات تحديد ودمج التفاعل والعملية.
منهج نظرية التأصيل
يتضمن منهج النظرية التأصيلية التحليل المقارن المستمر أو ما أصبح يسمى طريقة المقارنة الثابتة، ويتضمن هذا انتقال الباحث داخل وخارج عملية جمع البيانات وتحليلها، تسمى هذه الحركة ذهابًا وإيابًا بين جمع البيانات وتحليلها أحيانًا “التكرار”، وتتضمن أبحاث النظرية التأصيلية تكرارات متعددة.
يبدأ الباحث عمليته بطرح سؤال أو سلسلة من الأسئلة المصممة للوصول إلى تطوير أو إنتاج نظرية تتعلق ببعض جوانب الحياة الاجتماعية (على سبيل المثال، كيف ينظر الممرضون إلى دورهم في تقديم الرعاية في مراكز الرعاية الأولية؟)، هذا السؤال التوليدي يؤدي إلى التكرار الأول لاستطلاع آراء الأشخاص، أي تحديد عينة أولية من الأفراد للمراقبة أو التحدث معهم (مثل الممرضات المسجلات).
بعد جمع بعض البيانات، يقوم الباحث بتحليلها. يتيح عملية التحليل للباحث أن يبدأ في تطوير نظرية تتعلق بسؤاله المطروح. استنادا إلى هذه النظرية الأولية، يقرر الباحث كيفية أخذ العينة، مثلا، بالتحدث مع ممرضات ذوات خلفيات تعليمية مختلفة. ويشار إلى هذه العملية بأخذ العينات النظرية.
جمع البيانات وتحليلها باستمرار والمشاركة في عملية أخذ العينات النظرية هي سمات حاسمة في التحليل المستمر، وتستمر عملية المقارنة حتى يصل الباحث إلى التشبع، أي النقطة التي لا توجد فيها أفكار ورؤى جديدة ناشئة من البيانات. بدلا من ذلك، يلاحظ الباحث تكرارا قويا في الموضوعات التي لاحظها بالفعل ويعبر عنها.
خصائص نظرية التأصيل
تحتوي نظرية التأصيل على العديد من الخصائص الفريدة التي تم تصميمها للحفاظ على “أصل” النهج، حيث يتم الجمع بين جمع البيانات وتحليلها بوعي، ويستخدم التحليل الأولي للبيانات لتشكيل جمع البيانات المستمر، من المفترض أن يوفر هذا للباحث فرصًا لزيادة “كثافة” و “تشبع” الفئات المتكررة، بالإضافة إلى المساعدة في توفير إجراءات المتابعة فيما يتعلق بالنتائج غير المتوقعة.
تم تصميم تداخل جمع البيانات وتحليلها بهذه الطريقة أيضا لزيادة الفهم وتوضيح معلمات النظرية المتنامية. في الوقت نفسه، تساعد هذه الطريقة في جمع البيانات الأولية وإجراء التحليلات الأولية قبل محاولة دمج الأدبيات البحثية السابقة. يفترض أن ذلك يضمن أن التحليل يستند إلى البيانات وأن التركيبات الموجودة مسبقا لا تؤثر على التحليل أو التشكيل اللاحق للنظرية. ولذلك، إذا تم استخدام النظرية الحالية، يجب تبريرها في البيانات.
تحليل البيانات في نظرية التأصيل
تشمل عملية تحليل البيانات في نظرية التأصيل ثلاثة مستويات أو أنواع من الترميز
- يستخدم الترميز المفتوح عادة في تجزئة البيانات أو تقسيمها إلى مجموعات متشابهة، وتصنيفها في فئات أولية
- المعلومات حول الظاهرة التي يتم فحصها
الترميز المحوري – بعد الترميز المفتوح المكثف، يبدأ الباحث في الجمع بين الفئات التي حددها في مجموعات، وتشبه هذه المجموعات الموضوعات، وهي بشكل عام طريق جديد لرؤية وفهم ظاهرة التأصيل، وهي أيضا قيد الدراسة. - عملية الترميز الانتقائي – وتكون فيها الباحث ينظم ويدمج الفئات والموضوعات بطريقة تعبر عن فهم أو نظرية منسجمة لظاهرة الدراسة.
متطلبات العمل بنظرية التأصيل
توفر نظرية التأصيل إجراءات منهجية ومفصلة لجمع البيانات وتحليلها والتأمل فيها، كما تهتم بجودة النظرية الناشئة، حيث ذكر شتراوس وكوربين، اللذان كانا من بين أوائل من صاغوا هذه النظرية، أن هناك أربعة متطلبات أساسية للحكم على نظرية ذات تأصيل جيد:
- يتعين أن تكون النتائج متوافقة مع الظاهرة المدروسة، ويتعين أن تكون مشتقة بعناية من بيانات متنوعة وملتزمة بالواقع المشترك للمنطقة المدروسة، ويتعين أن توفر فهمًا وأن تكون مفهومة.
- بسبب تمام البيانات، يجب أن تكون النظرية عامة وشاملة لتتناسب مع مجموعة متنوعة من السياقات، حيث تتضمن نظرية واسعة النطاق ومجردة بما يكفي لتطبيقها.
- يجب توضيح الشروط التي تنطبق على النظرية وتوفير السيطرة، وذلك من خلال تقديم أساس معقول للعمل.
تتيح النظرية التأصيلية العديد من المزايا، ولكن نظرًا لأنها طريقة دراسة دقيقة ومضنية، فإنها تحتاج إلى مستويات عالية من الخبرة والفطنة من قبل الباحث، ولهذا السبب، يجب على الباحثين المبتدئين تجنب هذه الطريقة حتى يتمكنوا من الحصول على الصفات المناسبة اللازمة لتنفيذ هذا النهج بشكل فعال.