قصة ” عبد الله يرث، عبد الله لا يرث ، عبد الله يرث “
إحدى القصص التي تحكي عن ذكاء وفطنة العرب، حيث تدور حول ثلاثة أشقاء ورثوا ميراثا كبيرا ووصية غامضة لم يستطيعوا فهمها، ونصحهم أحد الصالحين بالذهاب للقاضي لحل اللغز، واستطاع القاضي بحكمته وفطنته فهم الحل لتلك الكلمات الثلاثة.
بداية القصة :
يحكى أن رجلاً حكيماً كان لديه ثلاثة أبناء، وقد أسماهم جميعاً نفس الاسم “عبد الله” لحكمة أسرها في نفسه ولا يعلمها إلا الله، وعندما حان الأجل توفى هذا الرجل تاركاً ورائه ثروة كبيرة ووصية، وعندما فتح الأبناء الوصية لم يجدوا فيها سوى هذه العبارة :“عبد الله يرث، عبد الله لا يرث، عبد الله يرث” فكانت الكلمات مبهمة لا يعلم أحد معناها فمن هو عبد الله الذي يرث ومن هو الذي يحرم من الميراث، نصحهم أحد الصالحين بالقرية ان يلجأوا للقاضي لما عرفه عنه من الحكمة والفطنة، ولكن هذا القاضي يعيش في قرية بعيدة عن قريتهم، فوافق الإخوة لعلهم يجدون الإجابة الشافية عند هذا القاضي.
في الطريق إلى القاضي :
خلال سيرهم على الطريق، صادف الإخوة الثلاثة رجلاً يتحير في البحث عن شيء مفقود، وعندما سألهم إن كانوا رأوا جملًا هاربًا، أجابوه بالنفي.
فسأل الأول : هل الجمل أعور؟ وأجاب الرجل: نعم.
فسأل الثاني : هل الجمل قطبي؟، فأجاب الرجل بنعم.
فسأل الثالث : هل الجمل أعرج؟، فأجاب الرجل نعم.
فسأل الرجل : هل رأيتموه ؟، فأجابوا لا.
غضب الرجل وصرخ، كيف تعرفون كل تفاصيله ولم تروه، أنتم لصوص، فأجابوه بأنهم لم يسرقوا منه، وأنهم ذاهبون للقاضي ودعوه للذهاب معهم وتقديم شكواه للقاضي، ووافق الرجل وسار معهم.
بين يدي القاضي :
وصل الثلاثة إلى القاضي ومعهم صاحب الجمل، وعرضوا شكواهم عليه. فأوصى القاضي بأن الراحة والاستراحة ضرورية بعد طول الرحلة، وأمر بتقديم الطعام للجميع، وبعد جلوسهم لتناول الطعام، أوصى الخادم بمراقبتهم والاستماع إلى كل كلمة يتحدثونها.
وفي أثناء الطعام قال الأول : : الخادمة التي أعدت الطعام حامل، وقال الثاني : اللحم الذي نأكله ليس من لحم الغنم بل هو لحم الكلب، وقال الثالث: إن القاضي هو ابن الزنا، وبعد أن سمعت الخادمة هذه الكلمات، نقلتها لسيدها الذي بدأ في البحث عن كلمة منها،
ذهب القاضي إلى الخادمة التي أعدت الطعام وسألها إن كانت حاملا. فأجابت بنعم. ثم ذهب إلى الجزار وسأله عماذا ذبح على الطعام. فأجاب الجزار بأنه ذبح غنما. فقال القاضي له لا، وفيما بعد اعترف الجزار بأن المذبوح هو كلب وجده على الطريق لأنه لم يجد أي غنم ليذبحه. ومع ذلك، لم تفصح الخادمة عن كلام الجزار الأخير للقاضي. فسأله القاضي عن ما قاله الجزار في ارتباك. وبعد أن هدد القاضي الخادمة بالحبس إذا لم تتحدث، أجابت الخادمة أخيرا قائلة إن القاضي هو ابن زنا. فذهب القاضي إلى أمه على عجل والتي كانت تنكر الأمر، ولكن مع إصرار القاضي، اعترفت أمه بأنه فعلا ابن زنا.
العبادلة الثلاثة والقاضي :
جمع القاضي الثلاثة أخوة وصاحب الجمل المسروق وبدأ في طرح الأسئلة عليهم واحداً تلو الآخر لمعرفة من سرق الجمل
الأول : سئل كيف عرفت أن الجمل أعور؟ فأجاب: رأيت مكان الجمل ولاحظت أنه يأكل من اتجاه واحد، مما يدل على أنه لا يرى الجانب الآخر، وبالتالي فهمت أنه أعور.
الثاني : عرفت أن الجمل أقطب عندما رأيت فضلاته مجمعة في مكان واحد، وذلك لأنه من عادة الجمال أثناء إخراج الفضلات تحريك ذيله يمينًا ويسارًا، مما يؤدي إلى تناثر الفضلات، ولكنه لم يحدث ذلك في حالة الجمل.
الثالث : سُئل كيف عرفت أنه أعرج؟ فأجاب: من خلال الآثار الموجودة على الرمال، علمت أن إحدى رجليه بها عطب.
قضى القاضي بأن الرجال لم يسرقوا الجمل، وأنه يجب على صاحب الجمل البحث عن جمله أو عن السارق، وعندما انصرف الرجل، أبقى القاضي على الرجال ليسألهم بعض الأسئلة التي تتعلق بالقضية
الأول : كيف علمت أن الخادمة حامل؟، قال: لأن الخبز الذي قدم لهم كان سميكا من جهة ورفيعا من الجهة الأخرى، نتيجة لعدم تحكم الفردة، ولا يحدث ذلك إلا إذا كانت الخادمة حاملة.
الثاني : كيف عرفت أن الكلب هو المذبوح وليس الغنم؟ فأجاب: إن لحوم الإبل والغنم والبقر تكون عبارة عن (عظم – لحم – شحم)، ولكن لحم الكلب يكون من (عظم – شحم – لحم).
الثالث : فيما يخص سؤال عن النسب، قال القاضي: `كيف عرفت أنك ابن زنا؟`. فأجاب الشخص: `لأنني أرسلت شخصًا يتجسس عليكم، ولا يفعل ذلك سوى ابن الزنا`. فرد القاضي: `لا يعرف ابن الزنا إلا ابن الزنا`، وبالتالي فأنت عبد الله المحروم من الميراث لأنك ابن زنا.