أبو محجن الثقفي الفارس المغوار
هو أبو محجن الثقفي أحد فرسان العرب الذي اشتهر بقوته وجرأته في المعارك والغزوات، وكان فصيحا في اللغة ومتقنا للشعر، واشتهر أيضا بشرب الخمر، لكنه في معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاس، حيث أثبت نفسه بشكل جيد، كاد أن يحرم من الجهاد في سبيل الله بسبب الخمر، لذلك عاهد الله على عدم العودة لشرب الخمر مرة أخرى.
أبو محجن الثقفي
ولد أبو محجن بالطائف تربى على حب الشعر وإلقائه فكان ذو لسان فصيح وحجة قوية، اشتهر بفروسيته وبسالته في القتال أمام أعداء الدين إلا أنه كان يتصف بخصلة تدني منه ومن بسالته، فقد كان يعاقر الخمر ولا يتركها أبدا، حتى انه أوصى أولاده إن مات أن يدفن بجانب شجرة من الكرم حتى تمده بعصيرها قائلاً فيها :
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة | تروي عظامي بعد موتي عروقها |
ولا تدفنني في الفلاة فإنني | أخشى ألا أتذوقها إذا مت قبل ذلك |
جهاد أبو محجن الثقفي :
فلما حان وقت الغزو وقتال الفرس نودي في المسلمين للجهاد في معركة القادسية، خرج أبو محجن ملبيًا النداء وحمل معه زاده ومتاعه ولم ينسى الخمر الذي أخفاه بداخل أمتعته حتى لا يراه أحدًا من المسلمين، وصل المسلمون القادسية بقيادة البطل المغوار سعد بن أبي وقاس، حتى بدأت المراسلات بينه وبين قائد الفرس رستم، انتهز أبو محجن عدم انتباه أحد له وذهب في مكان لا يراه أحد وشرب الخمر، وحينما رآه سعد بن أبي وقاص علم أنه شرب الخمر.
ندم وحسرة :
غضب سعد عندما رأى أبو محجن مخمورًا، وحرمه من مقابلة العدو والجهاد في سبيل الله، وأمر الجنود ان يوثقوه بالحبال والسلاسل، ويحبسوه، وعندما بدأت المعركة سمع أبو محجن صهيل الخيول، وصوت السيوف والقتال أخذته الحسرة والندم على ما فعل بنفسه، فهو يتمنى الشهادة في سبيل الله وجعل ينشد :
كفى حزنًا أن تدخل الخيل بالقنى | وأترك مشدودًا على وثاقيا |
إذا قمت عناني الحديد وغلقت | مصاريع دوني تصم المناديا |
يقطع قلبي حسرة أن أرى الوغى | ولا سامع صوتي ولا من يرانيا |
وأن أشهد الإسلام يدعو مغوثًا | فلا أنجد الإسلام حين دعانيا |
وقد كنت ذا مال كثيرة وإخوة | وقد تركوني واحداً لا أخي ليا |
الوفاء بالوعد :
بدأ ينادي الطالب بصوت عالٍ، يطلب المساعدة من زوجة سعد لكي تقوم بإطلاقه من الإحتجاز ويتمكن من الإنضمام إلى المعركة. ظل ينادي وهو يعاهد الله في نفسه إذا شارك في القتال، لن يشرب الخمر مرة أخرى، ويستمر في الإنشاد بصوت عالٍ
سليمى دعيني أرو سيفي من العدا | فسيفى أضحى ويحه اليوم صاديًا |
دعيني أجل في ساحة الحرب جولة | تفرج من همي وتشفي فؤاديا |
ولله عهد لا أحيف بعهده | لئن فرجت أن لا أزور الحوانيا |
حتى أجابته زوجت سعد قائلة : ماذا تريد؟، قال: افك قيودي واعطني فرسة سعد البلقاء، فإن استشهدت هو ما أتمنى، وإن بقيت فإني أعاهد الله أن أعود حتى تضعي القيود في رجلي مرة أخرى، رقت زوجة سعد لحاله ففكت قيوده وأعطته فرسة سعد.
أبو محجن الثقفي الفارس المغوار :
وبمجرد أن أصبح حرا، قفز مثل النمر على الفرسة ولثم نفسه حتى لا يعرفه أحد، وخرج يزأر لمقابلة الفرس، وكان سعد مريضا فلم يشترك في القتال إلا بمراقبة المعركة من قريب، فرأى فارسا يقاتل ويقاتل ولا يمنعه أحد من الموت، يلقي بنفسه في صفوف أعدائه بدون خوف، عرفه سعد وقال: الضرب ضرب أبو محجن، وعندما انتهى القتال، أسرع أبو محجن ليفي بوعده وذهب إلى الخيمة التي كان محبوسا فيها ووضع رجله في القيود، وعندما جاء سعد، وجد فرسه متعبة، فقال: ماذا حدث لها؟، فذكر له الجنود فعلة أبو محجن، فعفا عنه، وقال له: والله لن أجلدك أبدا بسبب الخمر، فرد أبو محجن: وأنا والله لم أشرب الخمر أبدا.