حديث ما يقول ويفعله المسلم إذا وسوس له الشيطان

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم: يقوم الشيطان بزيارة أحدكم ويسأله: من خلق كذا من خلق كذا؟ حتى يصل الأمر إلى سؤال من خلق ربك، فمن وجد نفسه في هذا الوضع فليستعذ بالله وليتوب، وزاد مسلم: فليقل آمنت بالله، وفي رواية: فليقل آمنت بالله ورسله، وعند أبي داود: فإذا قالوا ذلك فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، ثم ليتفل عن يساره ثلاثا، وليستعذ من الشيطان.

قال النووي رحمه الله في شرح الحديث :
وأما قوله صل الله عليه وسلم « فليستعذ بالله ولينته » فمعناه إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره عنه، وليعرض عن الفكر في ذلك وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وإنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها والله أعلم.

 في ضوء شرح الحديث :
خلق الله الإنسان وخلق من حوله كونا واسعا مليئا بالمعجزات والآيات التي لا يمكن للعقل البشري استيعابها جميعا، فإمكانياته أمام خلق الله محدودة، مما يجعل التفكير فيها والتأمل فيها يشتت العقل، وحذرنا الله من أن هذا هو وسوسة الشيطان إلينا، حتى يصل إلى مرحلة يسأل فيها والعياذ بالله “من هو خالق الله؟.” بهدف زعزعة الإيمان الداخلي للبشر، وذلك عن طريق زيادة الأسئلة المتعلقة بالكون والخلق والكيفية، وهو أمر لا يمكن للعقل البشري أن يدركه، فإنه يفوق قدراته المحدودة.

وسوسة الشيطان

{قال الرب: بما أغويتني، سأجملنهم في الأرض وأغويهم جميعا، إلا عبادك المخلصين}” {الحجر: 39: 40}. هذا هو الوعد الشيطاني لنا بالإغواء، لكي لا يكون وحده في النار التي دخلها كجزاء لتكبره. وقد حذرنا الله من هذه الشكوك التي تأتي تدريجيا وبخطوات. فقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا، لا تتبعوا خطوات الشيطان. ومن يتبع خطوات الشيطان، فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر. ولولا فضل الله عليكم ورحمته، ما زكا منكم أحدا أبدا. ولكن الله يزكي من يشاء، والله سميع عليم}” {النور: 21}. لذلك، كان الحل الأمثل عند حدوث هذه الشكوك أن يستعيذ بالله من الشيطان ويترك التفكير في تلك الأمور نهائيا، بغض النظر عن مغرياتها المحيطة.

علاج وسوسة الشيطان

التأمل في عجائب قدرة الله تعالى وملاحظة إعجازه في الكون ومظاهر الإبداع فيه وكيفية خلق الإنسان.
الإشارة إلى الحقائق التي تشير إلى وجود خالق وصانع للكون وقدرته على هذا الإنشاء هي دليل وجوده، وترك التفكير في الأمور التي لا يمكن لعقل الإنسان تصورها وهو ما يدفع لتركها.

يؤدي الانشغال بالعلم النظري عوضًا عن الفكر الفلسفي إلى حدوث توازن نفسي عند العوام، حيث ينشغلون بالأفكار الفلسفية دون القدرة على فهمها.
يعتمد الإيمان التام على عدم وجود أدنى شك في أن أي مخلوق يحصل على قدراته بمشيئة الله وحوله وقوته، وليس بناءً على مجهوده الشخصي أو علمه أو نفوذه.