الأمير عبد بن الجلندي قائد المهاجرين والأنصار بحرب الغساسنة
عندما انتقل النبي الكريم، أخير الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وسلم، إلى العالم الآخر، ذهب العديد من الناس لمعزي خليفة المسلمين، أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، وتقديم واجب العزاء والتعهد بنشر الدين الإسلامي، وكان من بين هؤلاء أهل عمان الذين أسلموا تحت رضاهم بلا قتال .
عندما قدم عمرو بن العاص إلى أهل عمان حاملا رسالة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، آمنوا به وأحبوه، وانعكس هذا الحب والفرح على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي قال لأحد أصحابه “لو أتيت أهل عمان ما سبوك ولا ضربوك”، مشيرا بذلك إلى كرم وحب أهل عمان .
مما تشكل الوفد العماني القادم للعزاء :- – تشكل الوفد العماني للعزاء من الأمير عبد بن الجلندي ومعه مجموعة من أعيان أهل عمان مثل جعفر بن جشم العتكي وأبي صغرة سارف بن ظالم وغيرهم من كبار القوم في عمان. وكان برفقتهم موفد رسول الله عليه وسلم إلى خليفة المسلمين أبي بكر الصدي، وعند وصولهم، دخل عمرو بن العاص ومعه الوفد العماني. ثم قام سارف بن ظالم منهم وقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويا معشر قريش، كانت هذه أمانة في أيدينا وفي ذمتنا، وهي وديعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد أديناها إليك .
قول أبي بكر خليفة المسلمين للوفد العماني :- قال خليفة المسلمين أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا أهل عمان، إنكم أسلمتم طوعا ولم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا بحافر، ولم تجهزوا جيشا كما جهزه العرب الآخرون، ولم تفرقوا ولا انشقتم، فجمع الله شملكم على الخير. ثم بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إليكم بلا جيش ولا سلاح، فأحببتموه وأجبتموه، بل وأطعتموه.
بما أمركم بكثرة عددكم ووعدتكم، فلا فضل أعظم من فضلكم ولا فعل أشرف من ما فعلتم. كفاكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم الميعاد. ثم أقام فيكم عمرو ما أقام، مكرما ورحل عنكم كما رحل وهو مسلم، حتى أتتكم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأظهرتم مضاعفة فضلكم وقمتم مقاما، حمدناكم فيه ونصحتم بالخير. بل وشاركتم بالنفس والمال، فثبت الله ألسنتكم وهدي قلوبكم. وللناس جولة، وأنتم لستم بخائفين على بلادكم، ولا أن ترتدوا عن دينكم. فجزاكم الله خيرا .
أمر الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه العماني عبد بن الجلندي بقيادة المهاجرين والأنصار في حرب أل جفنة. وقد استقبل الوفد العماني المكون من الأمير العماني عبد بن الجلندي وأبطال بل بحفاوة، وشكرهم شكرا لا يخفى على أحد، وذلك استنادا إلى ما رآه من فضلهم وما سمعه عنهم من شهادة عمرو بن العاص .
و لذلك فقد عول الصديق عليهم لقيادة حرب الغساسنة أل جفنة ، و هم من أزد الشام ، و الذين قد ارتدوا عن الدين الإسلامي بعد وفاة الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فكان طلبه من ملك عمان عبد بن الجلندي أن يتولى بنفسه قيادة الجيش الذي يضم كلاً من المهاجرين ، و الأنصار لمهاجمة الغساسنة .
وبالفعل لم يترد العمانيون عن تولي قيادة جيش المسلمين تحت إمامتهم الأمير عبد بن الجلندي، ومن معه من المهاجرين والأنصار. ويجدر بالذكر أن الشاعر الأنصاري حسان بن ثابت كان معهم، بالإضافة إلى غيره من الصحابة الكرام. وبالفعل، كتب الله سبحانه وتعالى النصر لعبد بن الجلندي، واستطاع أن يهزم الغساسنة مرة أخرى بجيشه ويكسر شوكتهم .
و عندما أراد عبد الجلندي ، و من معه من العمانيين العودة إلى وطنهم زودهم خليفة المسلمين أبي بكر الصديق بكتاباً إلى أهل عمان كافة يشكرهم فيه ، و يثني عليهم علاوة على إقراره لعبد بن الجلندي كأميراً ، و حاكماً على عمان ، و عاد هو ، و العمانيين إلى عمان مكرمين ، و منتصرين بحب خليفة المسلمين ، و الصحابة أجمعين .