هل يتلاقى الأسرة من الوالدين و إخوة وأخوات في الجنة
هل يتلاقى الأسرة من الوالدين و إخوة وأخوات في الجنة
يبحث الكثيرون عن لقاء أسرهم من الوالدين في الجنة، حيث إن الجنة هي دار العزة التي أعدها الله تعالى لخلقه المخلصين، ومن السعادة التي وعد الله بها عباده المخلصون أن يدخلوا الجنة مع أسرهم وأولادهم بفضل الله وشفاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر هذا الوعد في كتاب الله الكريم، حيث يتم رفع الأبناء إلى رتبة الآباء في الجنة حتى لو كانوا أقل في الأعمال.
كما يقول الله سبحانه وتعالى في ذلك:يجمع الله تعالى الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بالإيمان، مع ذريتهم، ويجعل لهم نصيبًا في الجنة بين المؤمنين، ويجمعهم مع من يحبون من الآباء والأبناء، وذلك بسبب أعمالهم الصالحة.
ولهذا هو فوق رتبته، أو بالأحرى نحن ممتنون لله، فمن دخل الجنة عرف أقاربه وغيرهم من كل ما يفرح قلبه لقول الله تبارك وتعالى:” وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”، كما أنّهم يكونوا في نفس منزلته حتى لو كانوا أقل منه، كما أنّ زيارة أهل الجنة وتعارفهم واللقاء فيما بينهم في جنات النعيم، فهذا كمال نعيم أهل الجنة ولا مانع من زيارة أدنى مرتبة في الجنة من فوقها، تمامًا كما يحدث في هذا العالم.
عندما يتجمع الأبناء والآباء وأفراد آخرين من العائلة في مكان واحد في الجنة، فإن الواضح والله أعلم أن هذا ينطبق فقط على الأطفال والأبناء الذين توفوا وهم صغار في الجنة، ويعتني الله بتربية أولادهم في مكانتهم حتى يفرح أعينهم بأبنائهم. وتختص هذه الذرية بالكونها صغارا، ولا يشترط أن يكون المتأخرون متساوين في المراتب مع السابقين، ولا يحتاج الأطفال إلى نفس الشيء، لأن أبناء كل رجل ونسله يحتلون مراتبهم بناء على إرادة الله تعالى.
من يفوز بالجنة
وعد الله تعالى عباده المخلصين بدخولهم الجنة وأن ينعموا بجمالها ويفرحوا بجمالها ويثبتون في ظلها، وينالون فيها كل ما تشتهيه أرواحهم ويسر أعينهم، كما قال الله تبارك وتعالى مبشرا المؤمنين بالجنة: `تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا`. وورد في وصف الجنة أنه لا مثيل لها، فهي نور متلألئ وريحان مهتز وقصر مرتفع ونهر هادئ وثمرة ناضجة وزوجة حسناء وجميلة وكثرة الثياب التي لم ترها العين ولا الأذن سمعتها ولا خطرت على قلب الإنسان من قبل.
كما أنّ الجنة تعد على الدرجات التي يرتقي إليها المؤمن حسب درجة إيمانه وعمله، وهي على مائة منزلة أدناها كمن يملك عشرة أضعاف أغنى ملوك الأرض، كما يوجد بها حدائق واسعة كالسماء والأرض تحتوي على كل أنواع الأطعمة الشهية ويجلس أهل الجنة على أرائك متكئين في قصور تتدفق من تحتها الأنهار.
تتواجد في الجنة أنهار وينابيع تنبع من أعلى الفردوس، وقد تم الكشف عن أسماء بعضها، مثل نهر الكوثر، وهو نهر الجنة الذي أعطي للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، ويشرب منه المسلمون يوم القيامة شرابا لا يشعرون بالعطش منه أبدا، وهذا النهر أكثر بياضا من الثلج، وأحلى من السكر، وأوانيه مصنوعة من الذهب والفضة، ونهر البيدخ الذي ينغمس فيه الشهداء، ويخرجون منه كالقمر ليلة اكتمال القمر، ويتحررون من كل أذى في الدنيا.
في الجنة يوجد نهر التسنيم، وتأتي مياهه من الرحيق المختوم، وعين سلسبيل التي تمزج ماءها بالزنجبيل وتعد شراب الصالحين، ويأكل أهل الجنة ما يحلو لهم من لحم الطيور والفواكه التي يشتهونها.
أشجار الجنة
- شجرة طوبى: – قال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذه الشجرة تشبه شجر الجوز.
- سدرة المنتهى: شجرة عظيمة تحت عرش الله الرحمن الرحيم، تنبع أربعة أنهار من جذورها، وهي مكان مشرف ومحمي لسيدنا إبراهيم عليه السلام وأبناء المؤمنين الذين توفوا صغارا معه، حيث يهتم بهم كأب لهم جميعا، وتحمل أوراق هذه الشجرة علم المعرفة.
- يعرف الله تعالى القدير الأشجار من جميع أنواع الفواكه.
طعام وشراب أهل الجنة
لقد وصف الله تعالى طعام أهل الجنة، وأوضح أنه يحتوي على أنواع مختلفة من الملذات التي تشتهي النفوس وتنعم العينين في كثير من آيات القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى في ذلك:” لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ” أي مهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف الملاذ، كما ينعم الله على أهل الجنة بألذ وأنقى شراب لهم، حيث يقول الله تبارك وتعالى في ذلك:” يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ”،أي أنهم يشربون كأسًا من الخمر فيه ولا يتكلمون فيه بكلمات فارغة، أي الهذيان أو الخطيئة، أي الفحش، وهو ما يتحدث عنه من يشرب الخمر من أهل هذا العالم.
درجات أهل الجنة
وفقا لما يذكر في القرآن الكريم، يوجد في الجنة أماكن ودرجات متفاوتة، حيث تكون بعضها فوق بعض. ولكل مؤمن درجة معينة بحسب إيمانه وطاعته. يقول الله تعالى في هذا الصدد: `ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون`. وهذا يشير إلى أن المؤمنين المطيعين سيكون لهم مكان خاص في الجنة، بينما العاصين سيواجهون النار. فكل شخص سيصل إلى مرتبته الخاصة بحسب أعماله، وكما يشرح ابن كثير، فإن كل فاعل للطاعة أو المعصية لله سيحصل على مراتب ومناصب في أعماله، حيث يعلمها الله تعالى ويكافئه عندما تكون حسنة، وإذا كانت سيئة فإن مصيره سيكون النار.
يختلف أهل الجنة في درجاتهم وتفاوتهم فيها، فهناك من يرى فوق نعمته شيئا لا يراه من دونه، وهناك من لا يرى شيئا يغلب عليه، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن في الجنة مائة درجة بين كل درجتين مثل الفرق بين السماء والأرض، وأعلى درجة فيها هي الفردوس، وتنبع منها أربعة أنهار، وفوقها العرش، وعندما تدعون الله فاسألوه الفردوس، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم
إن سكان الجنة يرون سكان الغرف فوقهم، مشابها لما ترون الكواكب اللامعة تمر في السماء من الشرق إلى الغرب. وهم يتفاضلون بينهم. فقالوا: يا رسول الله، هل هذه هي منازل الأنبياء فقط؟ فأجاب: بلى، وحلفت بالذي نفسي بيده، إن رجالا آمنوا بالله وصدقوا المرسلين يبلغون تلك المنازل.
مساكن أهل الجنة
وعد الله تعالى عباده المؤمنين الصالحين والأتقياء بإقامة طيبة في الجنة جزاء على أعمالهم الصالحة في الدنيا، حيث يقول الله تبارك وتعالى: “والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ۚ نعم أجر العاملين”، أي أن الله تبارك وتعالى وعد عباده السعداء أنه سيكون لهم غرف في الجنة، وهي القصور المرتفعة، كما وصف الله تعالى هذه المساكن بأنها طيبة وجميلة، كما بين أن أهل الجنة آمنون ولا يخافون شيئا في الجنة ولا في مساكنهم التي يعيشون فيها.
كما أخبرنا الله تعالى أنّ أهل الجنة سيدخلونها ويتعرفون على مساكنهم فيها كأنهم سكنوها من قبل، حيث قال تعالى:” وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ”، كما بيّن مجاهد في تفسيره للآية: كأنهم سكنوها منذ خلقهم ولم يستعملوا أحد كدليل وهكذا يعيش المؤمنون في الجنة وقصورها ومنازلها حياة سعيدة هادئة وطيبة يبقون فيها إلى الأبد.