الحكمة من تعدد زوجات النبي
توجد حكمة إلهية وراء تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لتحقيق أهداف رسالته بأكمل وجه. بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، أصبحت جميع أمهات المؤمنين اللاتي توفي عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، معلمات للنساء المسلمات والرجال في جميع الأحكام الشرعية والقضايا المتنازع فيها، وفي الأمور التي لم يكن معروفا عنها كثيرا. كما كانت قدوة صالحة للمسلمات في نشر تعاليم الدين الإسلامي وتحسين الأخلاق، تماما كما كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة للمسلمين في أخلاقه وتعاملاته. فقد علمن هؤلاء النساء الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء، حتى إذا واجهت امرأة حيرة في استفسار شرعي يتعلق بها، كانت تذهب إلى نساء مثلها للاستشارة.
السياسة النبوية في تعدد الزوجية:
اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ الدعوة والأحكام الشرعية في كل مكان من خلال زوجاته، وذلك لأن الظروف الدعوية في الإسلام تستدعي سياسة رشيدة، ومن الصعب على زوجة واحدة تحمل هذه المهمة على عاتقها، لذلك تعدد زوجاته كان من الرحمة بهم.
كانت النساء المختلفات في السن والخلق والطباع والشخصيات من بينهن الصغيرة والمسنة، الصوامة والقوامة، والغيورة؛ تجتمع جميعا على حب الله ورسوله. قدمن أمثلة مختلفة للزوجات وكيفية تعامل رسول الله مع صفات كل زوجة، وأظهروا العدل بينهن وعدم التفضيل لإحداهن على الأخرى. ليبينوا لنا أسمى المثلات في الحياة الزوجية والتشريعات المتعلقة بها، لتصبح حياة الأزواج في طاعة الله وتقوم على الحب والود وليس المال والشهوة.
لم يكن في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم أي شيء يجذب المرأة إلى الزواج، من خلال النظرة الاجتماعية العادية. فقد كان صلى الله عليه وسلم فقيرا، ولم يملك الكثير من المال، وكان لديه زوجات أخريات، لذلك لم يكن ملكا لأي امرأة واحدة. كان يعيش في حياة مليئة بالصراعات مع الكفار والمشركين، ولكن الهدف الذي يسعى إليه كل زوجة من زوجاته هو حب الرسول صلى الله عليه وسلم وحده، بدون النظر إلى أية دوافع أخرى للزواج، لأن الاقتراب منه هو شرف ولا يوجد شيء أفضل من أن تكون الزوجة أقرب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
لذلك سعت النساء للزواج منه وكن يعرضن نفسهم عليه؟ ولكن رسول الله لا يتزوج من أجل الشهوة كما يزعم أعداء الدين؟ فقد كان يختار كل واحدة منهم لحكمة معينة تقتضيها هذه الزيجة، فمنهم من ربت اليتيم ومات عنها معيلها، ومنهم الصغيرة التي لا تعي الزواج وكيف كان يتعامل معها، ومنهم من كانت على دين غير الإسلام وأسلمت حبًا في الله ورسوله، وهكذا اختلفت الأهداف والغايات من كل زواجه إلا أنها اجتمعت في سبيل الله وليس سبيل الشهوة معاذ الله.
لماذا أربع زوجات للرجل وتسع زوجات للرسول؟
لأن زواج رسول الله اقتضته الحكمة الإلهية لما فيه من مصلحة للأمة وليس للأسباب الطبيعية التي يتزوج بها الرجل المرأة فليس لحب ولا لمال ولا لرغبة في الإنجاب والذرية، فجميعها تحققت لرسول الله في زوجته الأولى وحبيبته السيدة خديجة رضي الله عنها، والتي اكتفى بها رسول الله زوج وسكن له، ولم يفكر قط بالزواج عليها فهي زوجته وأم أبنائه، وبعد وفاتها جاءت الزيجات واحدة تلو الأخرى لما فيه مصلحة لخدمة هذا الدين.
يمكن لأي رجل آخر أن يستغل هذه المصلحة بطرق سيئة لتحقيق رغباته في الزواج أو الإنجاب أو المال، ولهذا خص الله الزواج بهذه الطريقة لرسول الله فقط، وحدد أن يكون لغيره أربع زوجات فقط، والله أعلم.