اسلامياتالقران الكريم

تفسير ” من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه “

{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [سورة الإسراء: 15] جاءت الآيات للحث على الهداية والبعد عن طريق المعصية والغواية.

تفسير الآية:
{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ}: يخبر الله تعالى أن من اهتدى واتبع الحق واقتفى آثار النبوة فإنما يحصل عاقبة ذلك الحميدة لنفسه، {وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}: أي عن الحق، وزاغ عن سبيل الرشاد فإنما يجني على نفسه وإنما يعود وبال ذلك عليه، ثم قال: { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}: أي لا يحمل أحد ذنب أحد، ولا يجني جان إلا على نفسه كما قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [سورة فاطر: 18] ولا منافاة بين هذا وبين قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [سورة العنكبوت: 13]، وقوله تعالى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [سورة النحل: 25].

فإن الدعاة عليهم إثم إضلال أنفسهم وإثم آخر، بسبب إضلالهم للآخرين. والله يعدل بين عباده ويرحمهم، ويقول تعالى: “ولم نكن معذبين حتى نبعث رسولا”، وهذا يشير إلى عدل الله تعالى ورحمته بعباده، وأنه لا يعاقب أحدا حتى يرسل رسولا إليه. وكما قال تعالى “كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير” [سورة الملك: 8-9]، وكما قال تعالى: “وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين” [سورة الزمر: 71]، وكما قال تعالى: “وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير” [سورة فاطر: 37]، وغيرها من الآيات التي تدل على أن الله تعالى لا يعاقب أحدا حتى يرسل رسولا إليه. وقد اختلف بعض العلماء في اللفظة التي جاءت في صحيح البخاري عند قوله تعالى: “إن رحمة الله قريب من المحسنين” [سورة الأعراف: 56]، وذلك عن طريق حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “اختصمت الجنة والنار”، وذكر الحديث حتى قال: “وأما الجنة فلا يظلم الله من خلقه أحدا، وأنه ينشئ للنار خلقا فيلقون فيها فتقول: هل من مزيد؟”، وذكر تمام الحديث.

ما يستفاد من الآيات:
– طلب الهداية واجب على كل مسلم.
ينبغي أن يكون البحث عن طريق الهداية هو الهدف والغاية لكل مسلم.
– عواقب السيئات يتحملها فاعلها وحده.
– لا تتم محاسبة أحد على ذنوب ومعاصي ارتكبها غيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى