قصة العروس الفصيحة ” بهيسة بنت أوس “
في يوم من الأيام، وبينما كان الحارث ابن عوف، سيد العرب، جالسا يتسامر مع صديقه سنان المري، قال الحارث لسنان: هل تعتقد أنني يمكن أن أتقدم بخطبة لشخص ما ويوافقني؟”، فأجاب سنان: نعم. فاستغرب الحارث وقال: ومن يكون هذا الشخص؟ فأجاب سنان: أوس بن حارثة الطائي. فقال الحارث: دعنا نذهب إليه. ثم استدعى خادمه ليصطحبهما، وركبا حتى وصلا إلى بيت حارثة. وهناك وجداه في المنزل. فرحب أوس بالحارث وقال: أهلا بك يا حارث. فرد الحارث: وبك أيضا. فاستغرب أوس من طريقة دخول الحارث وسأل: ما الذي جلبكما؟ فأجاب الحارث: أتيت لأطلب يدك. فرد أوس على الفور: إذا لست مرغوبا فيها.
أوس بن حارثة وزوجته:
عندما رأى الحارث بن عوف أن الرد من أوس لم يكن إيجابيا، انصرف ولم يتحدث معه، ودخل أوس غاضبا على زوجته. لقد رأت زوجته أنه كان يقف مع بعض الرجال، فسألته: من هو هذا الشخص الذي كان معك ولم تتكلم معه؟ فأجاب أوس قائلا: إنه الحارث بن عوف. فاستغربت المرأة وقالت: لماذا لم تدعه ينزل وتستضيفه؟ فأجاب أوس قائلا: لأنه كان يتصرف بطريقة غبية، جاء إلي وهو مخاطب لي، فاستغربت المرأة من سلوك زوجها وقالت له: ما الذي يدعوك للتفكير في تزويج بناتك؟ فأجاب أوس قائلا: نعم. فقالت المرأة: إذا، إذا لم تتزوج بناتك من سيد العرب، فمن ستتزوجهن؟ فأجاب أوس قائلا: لقد رحل. فقالت له المرأة: اتخذ إجراء لتعويض ما فات منك. فقال لها أوس: كيف يمكنني ذلك؟ فقالت المرأة: أعطه فرصة أخرى وردد علينا. فقالت له: اعترف له وقل له إنه عندما جاءك لم يتطرق إلى أمر الخطوبة كما هو معتادفي الخطابات، ولذلك لم يكن لديك إجابة مناسبة لتقديمه له، واطلب منه عدم الرجوع وسيجد لديك ما يرغب به.” ثم تابعت المرأة وقالت: “اذهب وتواصل معهم، لتعويض ما فعلت معهم.
بنات أوس بن حارثة:
لحق أوس بالحارث بن عوف وصديقه، يقول بن سنان: عندما التفت في طريقي ورأيت أوس يلحق بنا، قلت للحارث: أوس بن حارثة يتبعنا. فغضب الحارث وقال: ماذا نفعل به؟ تابعنا معنا. عندما لاحظ أوس أن الحارث لا يتوقف، نادى عليه، وعندما اقترب منه قال أوس: قلت له ما اتفقت عليه أنا وزوجتي، ووجدته سعيدا وعاد معي. وعندما وصلت إلى المنزل، دخلت على زوجتي وقلت لها: ادعي لي فلانة ترغب في أن تتزوج بناتها الكبرياء. فقالت لي: يا بنيتي، الحارث بن عوف جاء لي يخطبني، وكنت أرغب في أن أزوجك إياه، فقالت له البنت: يا أبي، لا تفعل ذلك، لأنني امرأة حرة وأنا ملتزمة ببعض الفروض الدينية ولست ابنة عمك التي يجب أن تحترم رحمته، وأيضا لست جارتك التي قد تستحي منك. فنادى أوس على ابنته الوسطى وكان أمرها مشابها لأمر أختها، وعندما دخلت عليه ابنته الصغرى وعرض عليها الزواج من الحارث، أجابت: أنا امرأة جميلة ومحتشمة في الخلق، وأبي إن طلقني فلن يكون عليه أي ضرر. فابتسم أوس وقال لها: بارك الله فيك.
العروس الفصيحة:
وفي ليلة الزفاف دخل الحارث على بهيسة في بيت أعده لها أبوها ولبث فترة ثم خرج، فقال له ابن سنان: أفرغت من شأنك؟ فقال الحارث: لا والله، قال بن سنان: لما؟، قال: لما هممت بها قالت: أعند أبي وأخوتي!، فأمر الحارث بالراحلة ولما كانوا في الطريق عدل بها إلى مكان بعيد عن الراحلة، وعاد بعد فترة، فقال له سنان: أفرغت منها، قال: لا، قالت لي: أكما يفعل بالسبية، أو بالأمة الجليبة! فأنا ابنة الحسب لا والله حتى تنحر الجزور وتدعو العرب، وتعمل ما يعمل لمثلي، فعدل عنها وانطلق في طريقه حتى عاد إلى الديار فذبح الجزور ودعا العرب ولما فرغ من الوليمة عاد إليها: ولما هم أن يدخل بها قالت له: والله لقد ذكرت لي من الشرف مالا أراه فيك؟ أتفرغ إلى النساء والعرب تقتل؟ أخرج إلى القوم واصلح بينهم ثم ارجعي إلى أهلك فإنهم لن يفوتونك، فخرج الحارث من عندها وقال لابن سنان: يا خارجة امضي بنا إلى القوم وخرجنا حتى أتينا القوم وقمنا بالإصلاح بينهم فاصطلحوا وعاد إليها فوجدها متهيأة لها وفي أجمل زينتها فدخل عليها.