ما هي المضاربة ؟.. وما حكمها
ما هي المضاربة
من مزايا شريعة الإسلام الفريدة، أنها تغطي حياة الناس بشكل شامل، وتفسر وتوضح جميع الأمور التي ينبغي عليهم معرفتها، وتسهل حياتهم
فيما يتعلق بمعنى المضاربة في الشريعة الإسلامية، فقد أوضح الإمام ابن قدامة أنها تعني دفع شخص آخر للتجارة بماله، ويتم تقسيم الربح بينهما بناء على الشروط المتفق عليها.
قام الفقهاء بعمل كبير حيث قسموا الفقه إلى فصول، ولكل فصل أحكامه الخاصة، فمثلا فصل الصلاة له أحكامه الخاصة، وكذلك فصل الصوم، وهذه الفصول تشمل العبادات وغيرها من الشعائر مثل الحج والعمرة، وتم تقسيمها أيضا إلى كتب وفقا للفرع الذي يناقشه، فمثلا هناك كتاب الطهارة وكتاب البيوع وغيرها
تتضمن الشريعة الإسلامية في أحكامها العديد من المسائل المالية والتجارية والاقتصادية بشكل عام، بما في ذلك أحكام البيع والشراء والربح وغيرها، وتعتبر المضاربة شكلًا من أشكال التجارة، لذلك يتم التطرق إلى مفهوم المضاربة وحكمها في الشريعة.
في تعريف آخر قدمه الجرجاني للمضاربة، يعني أنها عقد شراكة يقدم فيها طرف المال وطرف العمل، وهي تشبه عملية إيداع المال لدى طرف مع تفويض هذا الطرف للعمل به.
وعن شكل المضاربة عمليًا، يمكن أن يقوم شخص بتسليم مبلغ لتاجر، على أن يقوم التاجر باستغلاله وتجارته بأي طريقة شرعية، ويتفق كل منهم على توزيع الأرباح بالنسبة التي تم الاتفاقاء عليها.
هذا النوع من الأمور يحدث في الحياة اليومية، حيث يمكن أن يكون لدى شخص مهارات وخبرات في مجال ما، في حين يمتلك آخر النقود لكنه ليس لديه المهارات اللازمة في المجال نفسه، ومن الممكن أن يتفق الاثنان على تبادل المال مع المهارات
ما هو حكم المضاربة
بعد توضيح معنى المضاربة، يأتي السؤال عن حكمها. أي، ما هو حكم هذه العملية التجارية التي تسمى مضاربة، والتي تتمثل في وضع مبلغ من المال تحت يد شخص آخر يتاجر به ويستغله، ثم يعيده له بنسبة متفق عليها.
هل لتلك العملية التجارية حكم معين في الإسلام؟ وهل يختلف الحكم باختلاف التفاصيل والشروط والأحوال وغيرها من الاستفسارات المتعلقة بهذه المسألة؟.
فيما يخص حكم المضاربة بالشكل الذي عرفه الفقهاء، والشكل الذي تم توضيحه سابقًا، فإن الحكم هو أنها حلال دون أي مشكلة، طالما تم الالتزام بالشروط والضوابط الصحيحة، وهي جائزة. وفي حالة عدم الالتزام بأي شرط أو حدوث أي خلاف في الشكل، يجب العودة للأصل والتشاور مع العلماء.
يمكن لصاحب المال في بعض الحالات أن يلجأ إلى شراء ما يسمى بـ `الصك` من الطرف الآخر لتأمين أمواله، وهو عبارة عن عقد أو أي شكل يثبت حقوقه في العلاقة دون ضمان المال في حالة الخسارة، وهذا الأمر لا يعتبر محرمًا.
إنه أمر مشروع ومشروعية ذلك مستندة إلى قول الله سبحانه وتعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) {البقرة: 282}
ومع ذلك، هناك بعض الأمور التي قد تؤدي إلى تعطيل صفقة المضاربة وتدمير عملية التداول بأكملها، وربما تؤدي إلى اللجوء إلى الإقراض أو الربا، لذا من الضروري التأكد من تطابق الشروط مع الأحكام الشرعية.
من أمثلة ذلك هو أن يتضمن العقد الذي يثبت حق صاحب المال، ضمان الطرف الآخر للمال في حالة فقدانه، ويكون الطرف الآخر ملزمًا بإعادة رأس المال إلى صاحبه إذا خسر العملية أو التجارة التي قام بها، وهذا يفسد المضاربة ويجعلها غير شرعية، حيث تصبح مثل القرض بفائدة، ويتغير حكمها.
يمكن اعتبار هذا الشرط جائزًا في حالة كان مصممًا لتحقيق ضمان معين في حالة تعدى الشخص على حقوق مالية لا تخصه، حيث يمكن محاسبته على رأس المال بدلاً من الدخل إذا لم يكن لديه دخل.
شروط المضاربة الشرعية
نظرًا لأن المضاربة هي شكل من أشكال المعاملات التجارية والمالية، فإنها تحتاج إلى شروط وأحكام لعدم خروجها عن القالب الصحيح والتحويل إلى قالب فاسد. وتعد شروط المضاربة جزءًا هامًا لتحقيق ذلك، وتشمل هذه الشروط:
الشرط الأول يتعلق بتوزيع الأرباح، حيث يجب أن يكون طريقة توزيع الأرباح معروفة مسبقا، وتمنع الجهالة والنزاع، ويتم الاتفاق عليها من البداية، لأنها جزء أساسي والهدف هو الربح
– لا يمكن إبرام عقد مع شخص مجهول، ويعتبر هذا النقطة عدم الاتفاق على العقد سببًا لفساده.
– الشرط الثاني هو أن يكون الخسارة لرأس المال، وهذا يعني أنه إذا حدثت خسارة، فلن يتحمل الطرف الثاني منها أي شيء، طالما أن المضاربة تعتمد على رأس المال، ما لم يكن الطرف الثاني متعديا أو مقصرا
وبناءً على ذلك، لا يجوز ضمان رأس المال، فرأس المال يدخل العملية التجارية وهو ملك لصاحبه، وإذا حقق العمل أرباحًا، يتم تقسيمها بناءً على الاتفاق بين الطرفين دون ضمان رأس المال.
في حالة عدم حصول أي ربح، يتم إعادة كامل المبلغ إلى صاحب المال ولا يحق للطرف الثاني الحصول على أي شيء؛ لأن الاتفاقية تعتمد على الربح وليس على رأس المال. وفي حالة خسارة جزئية أو كلية لرأس المال، لا يتحمل الطرف الثاني أي مسؤولية ويتحمل الخسارة صاحب المال، إلا إذا كان هناك تقصير أو تعمد من الطرف الثاني.
الشرط الثالث هو أن يكون رأس المال معروفا للطرفين، ولا يجوز أن يكون مجهولا أو غير محدد، ويجب معرفة قيمته ونوعه ووصفه، ويجب أن يتم تقديمه نقدا، ولا يمكن أن يكون على شكل دين للطرف الآخر
يجب أن يتوفر الشرط الرابع الذي ينص على أن يكون للطرف الثاني الحرية في التصرف برأس المال الذي يتلقاه، ولا يجوز لصاحب رأس المال إلزامه بأي شرط أو تحديد فترة زمنية
عقد المضاربة في النظام السعودي
يعدعقد المضاربة في النظام السعودي بديلاً للربا المحرم في التجارة والمعاملات المالية والمادية، حيث يتم استبدال إعطاء المال بنسبة ثابتة بالمشاركة في الربح والخسارة.
إذا تم الحصول على مبلغ فائدة مع إعادة المال مرة أخرى في وقت لاحق، فإن عقد المضاربة يعتبر شرعيًا وحلالًا إذا تمت الموافقة على جميع الشروط وتم اتباع أحكام الشريعة الإسلامية، وبالتالي تصبح المضاربة البديلة الإسلامية والحل الشرعي بدلاً من الربا المحرم.
ما هي المضاربة في البنوك الإسلامية
تعد عملية المضاربة في البنوك الإسلامية شكلًا من أشكال الإقراض الإسلامي، وقد قدم هذا العمل للبنوك محمد نجاة الله صديقي الذي اقترح تقديم الفكرة. حيث قدم نموذج يوضح فيه المفهوم الخاص بالمضاربة، تطلعًا إلى الابتعاد عن الربا الكبير.
يشارك البنك الإسلامي في العملية الربحية كشريك في رأس المال ويقوم بالمضاربة مع العميل، وهناك أيضا مستثمرون آخرون، كما يرتبط مفهوم المضاربة بمفاهيم أخرى في الأنظمة المصرفية الإسلامية، مثل نموذج العائد الثابت
توجد في البنوك الإسلامية العديد من الحلول الشرعية للمسلمين، مثل نظام المضاربة والسلف النقدي والتأجير والمرابحة وغيرها من المعاملات التجارية، وتعمل هذه البنوك على تقديم الحلول الشرعية للمسلمين بعيدًا عن أنظمة الربا التي تعتبر محرمة شرعًا في البنوك الأخرى