شرح الحديث ” ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله “
عن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «هناك ثلاثة أشخاص يحبهم الله، وثلاثة أشخاص يكرههم الله، فأما الأشخاص الذين يحبهم الله: فأحدهم هو رجل يأتي إلى قوم ما ويسألهم بالله دون أن يستغل قرابتهم، ولكنهم يمنعونه، فيتبعه رجل بعدهم ويعطيه سرا لا يعلم به أحد إلا الله والذي أعطاه، وثانيهم هم قوم يسافرون ليلا حتى يعين النوم لهم ويستلقون ويضعون رؤوسهم، وفي هذا الوقت يقوم أحدهم ويتظاهر بالتواضع أمامي ويتلو آياتي، والثالث هو رجل كان في سرية ولكنه يواجه العدو ويقاتله بجسده حتى يقتل أو ينال النصر. أما الأشخاص الذين يكرههم الله: فهم الشيخ الذي يزني، والفقير الذي يتكبر، والغني الذي يظلم الآخرين». [رواه النسائي وابن حبان في صحيحه]
معاني المفردات:
الأعيان: الأشخاص.
يتملقني: هو الزيادة في التودد والدعاء والتضرع.
فهزموا: يعني بها أصحابه.
الشيخ: يعني هذا المصطلح الشيب وتقابله عكسه الشباب، وهو الرجل الكبير في السن المحصن.
المختال: أي المتكبر.
الظلوم: كثير الظلم.
شرح الحديث:
يروي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة أنواع من الرجال الذين يحبهم الله، من خلال تسليط الضوء على مواقفهم التي أدت إلى محبة الله لهم. الأول: يأتي رجل إلى قوم ويتوسل لهم بالله دون أن يطلب منهم ذلك لأجل قرابة أو صلة معهم. وحين يمنع من إعطائهم، يبتعد عنهم أحدهم لكي لا يروا ما فعله، ويعطيه سرا دون أن يعلم أحد إلا الله والرجل السائل والمعطي. وهذا مثال لمعنى العطاء الحقيقي.
والثاني: مجموعة من الأشخاص ساروا طوال الليل حتى شعروا بالإرهاق من التنقل، وعندما استقروا للراحة والنوم، كان النوم هو الشيء الأكثر محبة لهم بعد تعبهم من الرحلة. فجميعهم ناموا، ولكن شخصا واحدا فضل لقاء الله والعبادة على النوم والراحة. قام بالتضرع إلى ربه والتمني برحمته ومغفرته، وبذل الجهد للتقرب منه. هنا يوضح معنى التضرع والمناجاة. والثالث هو رجل في معركة، خرج للجهاد في سبيل الله، وعلى الرغم من هزيمة أصحابه، استمر في مواجهة العدو بشجاعة واستعداد، دون خوف. يسعى للفوز بإحدى الأمور الجميلتين: النصر أو الشهادة في سبيل الله.
وأما الثلاثة الذين يبغضهم الله لقبح فعلهم وعظم جرمهم فهم، الشيخ الزاني وهو الرجل المتقدم في العمر والمحصن أي المتزوج أو من سبق له الزواج وليس بكر، والثني هو الفقير المختال بنفسه المتكبر على من حوله وليس المتعفف، والثالث هو الغني الظلوم أي كثير الظلم على من حوله لبخله وقلة عطيته.
المستفاد من الحديث:
– الله يحب العطاء في الخفاء قبل العلانية، وما بين العبد وربه يجب أن يكون خالصًا لوجهه الكريم.
يحب الله مناجاة العبد له وتضرعه وتودده إليه.
– فائدة قيام الليل وما فيه من جزيل العطاء والثواب.
يعد الاستشهاد في سبيل الله أعلى منزلة يمكن أن يصل إليها المسلم، حيث يكون في منزلة الأنبياء والصديقين.
– يبغض الله تعالى فعل الزنا ويخصص له عقوبة رادعة خاصة لو كان الزاني كبيرًا في السن.
– لا تتجاوز حدود الله بالمعاصي والسيئات، بل قدم الحسنات والأفعال الصالحة، فمحبة الله تعالى تعني رضاه والجنة.