سيدنا الخضر بين النبوة و الصلاح
من بين الحكايات الشهيرة في الدين الإسلامي، تأتي قصة سيدنا الخضر وموسى عليه السلام، وهي واحدة من الأحاديث التي تتكرر في هذا الدين الحنيف .
سيدنا الخضر
من بين القصص التي وردت في صورة الكهف، قصة لقاء سيدنا موسى عليه السلام وسيدنا الخضر. خلال رحلتهما، شاهد سيدنا موسى ما قام به سيدنا الخضر، وأثار ذلك دهشته وأثارت فيه العديد من الأسئلة حول علمه الغريب. كيف تنبأ بقدوم الملك الذي يأخذ السفن بالقوة وقرر تخريب السفينة؟ وكيف علم بكل تفاصيل الرحلة؟ وتذكر أن تلك التفاصيل كانت غريبة حتى على نبي أرسله الله وعلمه .
نبوة الخضر
تداولت العديد من الأحاديث والأقاويل حول سيدنا الخضر، وما إذا كان نبيًا مرسلًا من الله، أم أنه أحد الأولياء الصالحين، وتنوعت آراء العلماء في هذا الموضوع .
– قال أغلب العلماء الباحثين في هذا الأمر ، أن الخضر عليه السلام كان نبيا مرسلا من الله ، أو أنه كان عبدا وآتته النبوة ، وذلك استنادا إلى قوله تعالى فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما (65) سورة الكهف ، ومعنى كلمة رحمة هنا هو النبوة ، وذلك استنادا إلى قوله تعالى (وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك) {سورة القصص 86 .
بالنسبة للحجة الثانية التي استندت عليها العلماء، فتمثلت في قول الله تعالى “وعلمناه من لدنا علماً”، وذلك لأن هذا العلم الذي ينزله الله على عباده لا يمكن الحصول عليه من خلال معلم أو مرشد، بل يتم استقاؤه من الله مباشرةً عن طريق الوحي .
أفضلية علم الخضر
– كثير من الأشخاص تعجبوا لفكرة أن سيدنا الخضر كان يعلم بامور لم يعلمها سيدنا موسى ، و بحثوا حول أفضلية سيدنا الخضر ، و لكن المثبت أن هذا العلم لا يعني أفضلية أيهما على الآخر ، فهي منحة يعطيها الله لمن يشاء ، علما بأن سيدنا موسى كان من الأنبياء أولوا العزم .
– أما عن فكرة أن سيدنا الخضر كان أعلم من سيدنا موسى ، فهذا الأمر كان محط للبحث ، و من المؤكد أن هذا الأمر يعلمه الله ، و إنما وجود سيدنا الخضر مع سيدنا موسى في هذا الوقت كان رسالة من الله ، ليعلم أنه ليس أعلم من في الأرض ، فربما يكون سيدنا الخضر أعلم منه في هذه النقطة التي اختصه الله جل و على بها ، و ربما يكون سيدنا موسى أعلم فيما هو أبعد من هذه النقطة .
موت الخضر عليه السلام
هناك الكثير من الأشخاص على دراية أو ربما على اقتناع بأن سيدنا الخضر لازال حي يرزق ، و قد حاول الكثير من المحققين و الباحثين في الدين البحث حول هذا الأمر ، و قد أجمع عدد كبير من المفسرين على أن سيدنا الخضر قد مات ، و كان من بينهم الإمام البخاري و ابن تيمية و ابن كثير و غيرهم ، فقد كان ابن كثير يعتمد على قوله تعالى وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) سورة الأنبياء ، كذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان موسى و عيسى حيين لما وسعهم إلا اتباعي ، و قد أجاب بهذه الكلمات عند سؤاله على حال الأنبياء السابقين ، و قد ذكر ابن كثير أيضا في كتابه ، أن هناك بعض الروايات تقول أن سيدنا إلياس و سيدنا الخضر يجتمعون على عرفات من كل عام ، و هذا الأمر ليس عليه أي دليل من الصحة .