اللص الفقيه قصة من طرائف اللصوص
اللص الفقيه هي قصة ترويها أحد جلساء العالم الفقيه عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، الذي كان تلميذا للإمام مالك. إنها قصة حقيقية عن لص التقى به أحد القضاة في الصحراء، وجرى بينهما حديث أثار إعجاب القاضي على الرغم من تعرضه للسرقة، ومن ثم أطلق عليه هذا القاضي لقب “اللص الفقي.
اللص الفقيه:
عن أحمد بن المعدل البصري قال: في هذا الحدث، كان الشخص جالسًا برفقة عبد الملك بن عبد العزيز الماجشين، عندما خرج بعض أصدقائه للجلوس في حديقته. وعندما غادر الشخص الصحراء وابتعد عن البيوت، تعرض له رجل.
فقال: اخلع ثيابك!
فقلت: وما يدعوني إلى خَلْع ثيابي؟
قال: أنا أَوْلى بها منك.
قلت: ومن أين؟
قال: لأني أخوك وأنا عُريان وأنت مكسوّ.
قلت: فأعطيك بعضها.
قال: لا، لقد ارتديتها كلها وأريد أن أرتديها مرةً أخرى بنفس الطريقة
قلت: فتعرّيني وتُبدي عورتي؟
قال: لا مانع من ذلك، حيث ذُكر عن الإمام مالك أنه قال: لا يضر للرجل أن يغتسل عريانًا
قلت: فيلقاني الناس فيرون عورتي؟
قال: إذا كان الناس يرونك في هذا الموقف، فلن تواجه ما واجهت فيه
قلت: أنت تبدو مضحكًا، دعني أذهب إلى حائطي وأخلع هذه الثياب وألقيها إليك
قال: كلا، كنتَ تريد أن توجه إليَّ أربعة من عبيدك ليحملوني إلى السلطان ويحبسوني ويمزِّقوا جلدي
قلت: نعم، أقسم لك بأنني سأفي بوعدي لك ولن أؤذيك
قال: لا، قد ذُكِرَ عن الإمام مالك أنه قال: ليس عليك الالتزام بالأيمان التي يحلف بها اللصوص
قلت: فأقسم أني لن أخون الأيمان التي أدتها
قال: هذه يد مجمعة على يمين اللصوص
قلت: دع المناظرة بيننا، فوالله سأهديك هذه الثياب الطيبة بها نفسي
فأطرق ثم رفع رأسه وقال:سألتُ: ماذا كنتَ تفكر؟ قال: لا شيء
قال: قمت بتصفح أمر اللصوص من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقتنا الحالي، ولم أجد لصًا ارتكب نسيئة. وأنا أكره أن أبتدع بدعة في الإسلام يكون عليّ ذنبها وذنب من ينتهجها بعدي حتى يوم القيامة. فارتدِ ثيابك
يقول: فخلعتُها ودفعتُها إليه، فأخذها وانصرف.
عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون:
هو عبد الملك بن الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة بن الماجشون التيمي، تلميذ الإمام مالك ومفتي المدينة في زمانه وعاش فترة ببغداد، والماجشون اسم فارسي، وإنما سمي الماجشون لأن وجنتيه كانتا حمراوين، فسمي بذلك وهو الخمر فعربه أهل المدينة، كان فقيها فصيحًا، دارت عليه الفتيا في زمانه ، وعلى أبيه قبله، وكان ضريرًا، قيل: إنه عمي في آخر عمره، قال أحمد بن كامل: له كتب مصنفة، رواها عنه: ابن وهب، واختلف في سنة وفاته رحمة الله عليه فقيل في سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل: سنة أربع عشرة، وقيل سنة ست وستين ومائة.