ادب

قصة من طرائف بهلول أعقل المجانين

أبو وهب بهلول بن عمرو الصيرفي الكوفي، المتوفي في عام [197هـ – 810م]، يلقب بـ بهلول المجنون. أصابته لوثة عقلية جعلته يمشي في الطرقات كالمجنون بدون مأوى، كما عرف عنه إلقاء المواعظ بأسلوب طريف يجذب السامعين إليه. أحبه الناس وله الكثير من النوادر والحكايات الطريفة مع هارون الرشيد وغيره من الخلفاء. وقال عنه الإمام الذهبي: “وسوس في عقله وما أظنه اختلط أو قد كان يصحو في وقت، فهو معدود في عقلاء المجانين له كام حسن وحكايات طريفة، وفيما يلي سوف نستعرض بعض منها.

بهلول المجنون وهارون الرشيدي:
وردت هذه القصة في كتاب عقلاء المجانين للنيسابوري: عندما خرج الرشيد إلى الحج ووصل إلى ظاهر الكوفة، رأى بهلولا المجنون وراءه الصبيان وهو يعد. سأل الرشيد: من هذا؟ فأجابوا: إنه بهلول المجنون. قال الرشيد: كنت أتمنى رؤيته، فأرجو أن تدعوه بدون ترويع. فقالوا: له أجب أمير المؤمنين، ولكنه لم يستجب. فقال الرشيد: السلام عليك يا بهلول. فرد بهلول: وعليك السلام يا أمير المؤمنين. قال الرشيد: كنت أشتاق إليك. أجاب بهلول: ولكني لم أشتق إليك. قال الرشيد: أعظني يا بهلول. أجاب بهلول: وبم أعظك؟ إن هؤلاء هم أقصورهم وهؤلاء هم قبورهم. قال الرشيد: زدني فقد أحسنت. قال بهلول: يا أمير المؤمنين، من رزقه الله مالا وجمالا فأف في جماله وواس في ماله، وقد كتب في ديوان الأبرار. اعتقد الرشيد أن بهلول يريد شيئا، فقال: لقد أمرت أن تدفع دينك. أجاب بهلول: لا يا أمير المؤمنين، الدين لا يدفع بدين. أنا أدعو إلى الحق على أهله، وأنت اقض دين نفسك بنفسك. قال الرشيد: قد أمرنا بأن يعاقب عليك. أجاب بهلول: يا أمير المؤمنين، هل تظن أن الله سيعطيك وينساني؟ ثم هرب

بهلول والماكر:
رجب رجل يخطط لخداع بهلول وكان يعرفه ويعرف صفاء نيته، وفي يوم من الأيام رأى هذا الرجل بهلولا وسلم عليه فرد بهلول التحية، فقال الرجل: حلمت برؤية غريبة الليلة الماضية، فقال بهلول: وماذا رأيت في حلمك؟، فقال الرجل: رأيت أنك هبتني مائة دينار من الذهب، فضحك بهلول وعرف نيت الرجل، فقال له: نعم، صحيح ما وصفت، أعطيتك حقا مائة دينار، لكنني أشعر بالخجل من استرداد ما وهبته لك في الحلم. شعر الرجل بالخجل ولم يتمكن من الرد على بهلول، ولكنه ابتسم واستسلم.

كلمات بهلول لا يعقلها إلا  الخلفاء:
دخل بهلول على الخليفة وقال: يا أمير المؤمنين، لتكن عينك مطمئنة وابتهاجك بما أعطيت، لقد حكمت وقسمت بالعدل.” فقال الخليفة له: “من أنت؟” قال رجل: “أغتصب ماله من قواتك.” فأمر الخليفة بإعادة ماله، ثم التفت إلى الحاضرين وسألهم: “ما قال هذا الرجل؟” وعلى الرغم من أنهم لم يفهموا كلامه، قالوا: “ما سمعنا إلا خيرا.” فقال: “لا أرى أنكم فهمتم شيئا، أما قوله `لتكن عينك مطمئنة`: يعني أن تكون ساكنة ولا تتحرك، وإذا سكنت لم تعد قادرة على الرؤية، وأما قوله `وابتهاجك الله بما أعطاك`: فهو استنادا إلى قوله تعالى `حتى إذا ابتهجوا بما أوتوا أخذناهم بغتة`، وأما قوله `قد حكمت وقسطت`: فهو استنادا إلى قوله تعالى `وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا`.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى