احاديث نبويةاسلاميات

شرح الحديث ” كنت لك كأبي زرع لأم زرع “

حديث أم زراع رواه البخاري يقول: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن وعلى بن حجر قالا أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا.

قالت الأولى: زوجي لحم جمل، يغث على رأس الجبل، لا يمكنني صعوده، ولا سمين يمكنني نقله، وقالت الثانية: زوجي لا أنشر خبره، أخشى ألا أستطيع نشره، فإذا ذكرته فإني أذكر عجره ومشقته. وقالت الثالثة: زوجي العشنق، إذا تكلمت أطلق وإذا سكتت أعلق، وقالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حرارة ولا برودة، ولا خوف ولا آمان. وقالت الخامسة: زوجي إذا دخل فهو فهد، وإذا خرج فهو أسد، ولا يسأل عما يفعل. وقالت السادسة: زوجي إذا أكل فهو يأكل لحم الذئب، وإذا شرب فهو يشرب من روح العصفور، وإذا اضطجع فهو يضطجع على الأرض، ولا يمد يده ليعلم البشر.

قالت السابعة: زوجي غارق في العيايا والمشاكل، فكل مرض لديه دواء، سواء كان صغيرا أو كبيرا، فكل شيء يتعلق بك. وقالت الثامنة: زوجي يلمس مس مثل الأرنب، والريح تعطي رائحة الزرنب. وقالت التاسعة: زوجي قوي وعظيم الهيئة، طويل القامة، ويحمل الكثير من الرماد، ويعيش قرب البيت من الحديقة. وقالت العاشرة: زوجي غني ولديه الكثير، ولكن ثروته ليست ما يهم، فهو أفضل من ذلك، لديه الكثير من الإبل المباركة والقليل من المسارح، وعندما يسمع صوت الأزهار، يعلم أنها قادمة منه.

قالت الحادية عشرة زوجي أبو زرع فما أبو زرع؟ أناس من حلى أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلى نفسى، وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودائس ومنق  فعنده أقول فلا أقبح وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقمح، أم أبى زرع فما أم أبى زرع؟ عكومها رداح، وبيتها فساح، ابن أبى زرع، فما ابن أبى زرع؟ مضجعه كمسل شطبة  ويشبعه ذراع الجفرة .

تعني بنت أبي زرع الفتاة التي تتمتع بالطاعة تجاه والدها ووالدتها، وتستجيب لرغباتهما وتتبع أوامرهما. كما تتميز بالترتيب والنظافة في مظهرها الخارجي، وتكون محبوبة من الآخرين ولا تتسبب في إثارة الجدل. أما جارية أبي زرع فهي الفتاة التي تتصف بالصمت وعدم الكلام الزائد، وتتجنب إثارة القضايا الحساسة أو الخلافات مع الآخرين، وتتعايش بسلام مع جميع الناس. وقد قصدت امرأة أن تصف بنت أبي زرع وجارية أبي زرع عندما قالت: “خرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقيت امرأة ترافقها ولدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، ثم تزوجني رجل سريا راكبا حمارا وحملا متنوعة، وأعطاني من كل رائحة زوجا وقال لي: “كلي أم زرع”، وأراد مني أن أكون مثل ابنته الطاعة والنظافة والمحبة والسكينة. وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم لزوجته عائشة: “كنت لي كابنة أبي زرع لأم زرع.

شرح حديث أم زرع:
تروي السيدة عائشة عن إحدى عشر امرأة جلست كل منهن تذكر من صفات زوجها فمنهن من مدحته ومنهن من ذمته، ماعدا المرأة التي جلست تذكر صفات زوجها وتتغزل فيه وفي حبه على الرغم من أنه طلقها وكانت هي أم زرع، أما المرأة الأولى فذكرت من عيوب زوجها التكبر على الرغم من أنه قليل الخير وهزيل وقالت الثانية: أن زوجها تملؤه العيوب ولكنها عيوب غير ظاهرة كما أن له بطن كبير.

والثالثة: العشنق” يعني “الطويل” وتستخدم للاستهزاء بطوله الذي لا يفيد، فيخافون من ذكر عيوبه حتى لا يتخلى عنها، وإذا سكتوا عنها، فإنها تبقى معلقة، لا عزباء ولا متزوجة. والنقطة الرابعة: مدحت زوجها، وأشادت بأنه لا يمل منها ولا يشعر بالملل، لذلك لا تخاف من خيانتها. والنقطة الخامسة: أشادت بزوجها أيضا ووصفته بأنه مثل الفهد والأسد في شجاعته وكرمه. والنقطة السادسة: انتقدت زوجها لأنه يأكل ويشرب كثيرا، حتى لا يترك شيئا في الصحون، ولا يهتم بمسائلها أو يلتفت إليها. والنقطة السابعة: ذكرت العيوب التي لا تحصى في زوجها، وأرادت أن يكون عاجزا عن ممارسة الجنس، وثقيل الظل، وكثير الأذى، ويميزه العنف والخيبة لأنه أحمق.

الثامنة: وهذه مدحت زوجها فهو طيب الرائحة لين الملمس طويل وجواد وكريم، والتاسعة: وصفت زوجها بالفصيح في اللغة صاحب الشرف العالي رفيع النسب. والعاشرة: مدحت زوجها أنه جواد يمتلك من الإبل ما لا يعد، ما أن يأتيه الضيف حتى يحسن استقباله بالمزاهر والطبول فعلمت الإبل أن دق المزاهر يعني نحرها.

والأخيرة هي أم زرع: وصفت زوجها بأنه كريم وأهداها قرطا وعقدا يتدلى منه الذهب بثقله. قدم لها الطعام حتى سمنت، وكان يفرحها ويعظم من قيمتها. يقبل كلامها ويستمتع به. تنام في منزله بسبب وجود العديد من الخدم الذين يعتنون براحتها. ثم وصفت أمه بأنها كريمة ومحبة للخير والنعمة. أما ابنه فهو قليل الأكل ومحمود. وابنته فهي طيبة وطاعة وجميلة. أما جاريته فهي في خدمتهم ولا تنشر أي أخبار عنهم.

وصل الأمر في يوم ما، إلى أن رأى أبو زرع امرأة جميلة الجسم مع ولدين، فطلق زوجته وتزوج هذه المرأة، وتزوجت بعدها هذه المرأة رجلًا كريمًا كثير الجود، حتى كان يعطيها ماله لكي تكرم أهلها وتعطيهم، ومع ذلك لم ينس أبو زرع الكرم، فعندما سمع رسول الله رواية عائشة قال لها: “كنت لك كأبو زرع لأم زرع

فائدة:
يتضح من الحديث أن البيت القويم يستند إلى التفاهم والمحبة بين الزوجين، وذلك يجعل الحياة أسهل وأسعد، وأن المال لا يجلب السعادة مثل الرضا بالمقسوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى